مساجد القاهرة التاريخية، درة العمارة الإسلامية على مر العصور، شُيدت بحس مرهف، فتميزت بدقة زخارفها، ومهارة تصميمها وقيمة مقتنياتها وأثاثها، فتدفق عبق التاريخ بأرجائها، وتحولت مع الوقت من دُور عبادة، إلى مزارات أثرية هامة شكلت تاريخ وحضارة الأمة في فترة من أزهى فترات رخائها وتقدمها، ولندرة زخارف هذه المساجد وبراعة تصميمها سلاح ذو حدين، جعلها عُرضة للتخريب والسرقة بشكل ملحوظ ولا سيما خلال السنوات العشر الماضية. جهات عديدة معنية بالحفاظ على التراث، والحفاظ على القاهرة التاريخية مثل حملة «انقذوا القاهرة التاريخية» تابعت السرقات التي وقعت بمساجد المدينة التاريخية منذ عام 2007، والتي لا تهدف إلى مجرد السرقة من أجل البيع للحصول على الأموال الطائلة بقدر ما هي محاولة لتفريغ تراث المدينة وطمس لهويتها، فهؤلاء اللصوص يدركون جيدًا قيمة العناصر والقطع التي يسرقونها، فهى قطع أصلية لا يمكن العثور على مثيل لها. «البوابة» تواصل عرض الانتهاكات والسرقات التي تتعرض لها القاهرة التاريخية بشكل منظم دون وجود رادع لما تتعرض له المدينة من حملات طمس لمعالمها وإبادة لطرازها المعمارى وطابعها التاريخى. الرفاعى مسجد الرفاعى من أهم المساجد الأثرية في القاهرة تم بناؤه في عام 1911م، وأهم ما يميز هذا المسجد هو الزخارف الموجودة على الحوائط الخارجية، إضافة إلى العمدان العملاقة الموجودة عند البوابة الخارجية له، وكانت والدة الخديو إسماعيل هي من أرادت بناء هذا المسجد واستغرق المسجد 40 عامًا في البناء، وبنى المسجد على نفس الطراز المملوكى، تعرضت مشكاوات المسجد للسرقة وهو ما لم يذكره أي من وسائل الإعلام، واكتشفت السرقة في مارس 2014، وهى المشكاوات التي تمثل طابعًا خاصًا بالنسبة للمسجد، ولم تسترد أو يعثر عليها حتى الآن. تغرى بردي يعد مسجد وسبيل وكُتاب «تغرى بردى» تحفة أثرية وفنية، لكنها مع الأسف مهملة ومنسية، يقع المسجد في شارع الصليبية بالسيدة زينب، بناه الأمير جمال الدين يوسف بن الأمير تغرى بردى سنة 1440م، ومسجل كأثر برقم 209، تعرض المسجد للسرقة في مارس 2014، حيث أزيلت أبواب المنبر الخشبية المزخرفة ولم يستدل عليها أو تسترد حتى الآن، وتم إغلاق المسجد، فلم يتمكن أحد من الدخول للتحقق من المنبر وتوثيق السرقة. السلطان الغوري تقع مجموعة السلطان قنصوة الغورى الفريدة من المبانى الأثرية، على ناصية شارع المعز التاريخى الذي يعتبر أطول شوارع العالم الأثرية عند تقاطعه مع شارع الغورية، وتعد المجموعة الواقعة في الشارع عددًا من المواقع الأثرية، حيث تتكون من قبة ووكالة وحمام ومنزل ومقعد وسبيل وكتاب وخانقاه، بنيت المجموعة عام 1504م، ومسجلة كأثر برقم 189، تعرض باب المدخل للتخريب في سبتمبر عام 2012، حيث تمت إزالة أجزاء من التفاصيل النحاسية، وتدل الطريقة التي أزيلت بها هذه التفاصيل أن اللص ليس لديه الخبرة لأن القطع كُسرت، كما تم انتزاع حشوات خشبية من المنبر في شهر يونيو 2014. أزبك اليوسفي المسجد حافل بالزخارف والكتابة، فقد اجتمعت فيه شتى الصناعات والفنون الدقيقة، فنجارته الممثلة في المنبر وكرسى السورة وأرضيته ووزراته الرخامية وأسقفه الخشبية، جميعها ناطقة بما بلغته هذه الصناعات من منزلة رفيعة من الدقة والإتقان. المسجد بنى عام 1495م، ومسجل كأثر برقم 211، تمت سرقة بعض حشوات كرسى المصحف بمسجد «مدرسة أزبك اليوسفى». بحارة أزبك المواجهة للمتنزه الواقع بجوار جامع أحمد بن طولون بالسيدة زينب ولا أحد يعلم أين الكرسى الآن، وكالعادة لم تعلن وزارة الآثار عن السرقة، كما تمت إحباط محاوله لسرقة أخرى داخل المسجد وتصدى لهم القائمون على خدمة المسجد. تمراز الأحمدي مسجد تمراز الأحمدى في شارع اللبودية تجاه قنطرة عمر شاه بقرب السيدة زينب بالقاهرة له منارات بثلاثة أدوار من الحجر وبه ضريح الشيخ تمراز على القبة وتوجد كتابات أثرية أعلى المدخل نصها «أمر بإنشاء هذا الجامع المبارك العبد الفقير إلى الله الرجى عفو ربه الكريم. بناه الأمير تمراز الأحمدى سنة 1471م في أيام السلطان الأشرف قايتباى، ويعرف الجامع لدى عامة الناس باسم جامع البهلول، ملحق به سبيل وكتاب وقبة الجامع، تخطيطه مستطيل يتوسطه صحن مربع صغير جدًا وبسقف الصحن شخشيخة للتهوية، والجامع كائن في شارع بورسعيد بالسيدة زينب، ومسجل كأثر برقم 216، وتمت سرقة النص التأسيسى بأعلى المنبر والمنقوش عليه بعض الآيات القرآنية التي تمثل جزءا من زخارف ونقوش المسجد العريقة. سنجر وسلار الجاولى بناه الأميران علم الدين سنجر بن عبد الله الجاولى وسيف الدين سلار التترى المنصورى، وهما من أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وتاريخ بناء المسجد مكتوب على عتب بابه العمومى وهو سنة 1304م، وقد بنى المسجد في ربوة صخرية مرتفعة عن مستوى الشارع بمنطقة قلعة الكبش في شارع عبدالمجيد اللبان بالسيدة زينب، المسجد مسجل كأثر برقم 221، تمت سرقة النص التأسيسى أعلى المنبر، وتكمن أهمية هذا النص في أنه يؤرخ لبنائه ويؤكد أثريته، كما اكتشف في نوفمبر 2014 سرقة الأفريز الخشبى والحجرى من قبة الأمير سلار، وقال مدير منطقة آثار السيدة زينب والخليفة إن هذه السرقة تزامنت مع سرقة النص التأسيسي. الصالح طلائع ثالث مسجد معلق في العالم، أحد أهم مساجد منطقة القاهرة التاريخية بحى الأزهر، موقعه مميز تستشعر فيه عبق التاريخ منذ اللحظة الأولى، ففى مواجهته يقع باب زويلة، أحد أهم المداخل الجنوبية لسور القاهرة الثانى في عهد المماليك، تم بناؤه فوق حوانيت، لذا أطلق عليه المسجد المعلق، بنى عام 1160، ومسجل كأثر برقم 116، تمت سرقة النص التجديدى بالمسجد والذي كُتب فيه: «جُدد هذا المنبر المبارك في عصر خديو مصر عباس حلمى الثانى بمباركة لجنة الآثار العربية سنة عشرة وثلاثمائة وألف هجريا»، وقد وقعت السرقة في شهر يونيو 2014. أحمد بن طولون يعد جامع أحمد بن طولون نموذجًا فريدًا في تاريخ العمارة الإسلامية، ودرة في تاريخ المساجد الأثرية، ودليلًا قويا على ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية في العصر الطولونى، وهو المسجد الوحيد الباقى في مصر، الذي لم تتغير معالِمُه، وقد تغيرت معظم معالم مسجد «عمرو بن العاص»، وكذلك جامع الأزهر الشريف بمرور العصور، ويتميز هذا الجامع بزخارفه الإسلامية البديعة التي تَجعله أحد النماذج النادرة للفن الإسلامى والعمارة الإسلامية، بنى عام 876م ومسجل كأثر برقم 220، تمت سرقة مفصلات نحاسية أصلية عليها كتابة موجودة بمنبر الجامع وهذه السرقة وقعت في يونيو 2014. وهى تعد من الأساس الهام للمسجد والتي لا تقدر بثمن نظرا لرجوعها إلى العصر الطولونى الذي تميز بالدقة في الهندسة المعمارية القاضى عبدالباسط يقع هذا المسجد بالخرنفش بالقاهرة، وله وجهتان يقوم عند تلاقيهما سبيل يعلوه كتاب وله مدخلان يقع أحدهما بالوجهة الشرقية والثانى بالوجهة البحرية، ويتكون كل منهما من صفة معقودة بمقرنصات وله باب خشبى حلّى بالنحاس المزخرف على شكل سرة مستديرة في الوسط وأربعة أركان يحصرها من أعلى وأسفل طراز مكتوب، وتقوم المنارة بالوجهة البحرية وهى تكاد تكون صورة طبق الأصل من منارة جامع المؤيد المنشأة في التاريخ نفسه، وقد بنى هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد إذ يتكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات، بنى المسجد عام 1420م، ومسجل كأثر برقم 60، سُرق من المسجد شباكان نحاسيان أصليان من العصر المملوكى وتمت السرقة في شهر يونيو 2014 كما سرق مصراعى أحد أبوابه الداخلية المطعم بالعاج والأبنوس.