بعد 14 عاما من تداول قضية مولد الحاخام اليهودى "يعقوب أبو حصيرة" بمدينة دمنهور اصدرت اليوم القضاء الإدارى بالإسكندرية دائرة البحيرة اليوم حكما تاريخيا ، بإلغاء الاحتفالات السنوية بمولده نهائيا وذلك لمخالفتها للنظام العام والآداب، وتعارضها مع وقار الشعائر الدينية. و نصت حيثيات الحكم على إلغاء قرار وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى الخاص بأثريته مع إلزام وزير الآثار الحالى بشطب الضريح من سجلات الآثار المصرية، مع نشر هذا القرار فى جريدة الوقائع المصرية الرسمية، وإبلاغ منظمة اليونسكو بذلك القرار بإيداع الترجمة المعتمدة من الحكم الوثيقة والسند فى الإبلاغ، كما رفضت المحكمة الطلب الإسرائيلى بنقل رفات الحاخام اليهودى إلى القدسالشرقية، لأن الإسلام يحترم الأديان السماوية وينبذ نبش قبور موتاهم. ومولد أبوحصيرة كان مناسبة سنوية تشهد توافد المئات من يهود العالم للاحتفال به فى 26 ديسمبر من كل عام ولمدة أسبوع مما كان يحتم استتباعه بإجراءات أمنية مشددة تتحول فيها قرية "دميتوه" بدمنهور إلى ثكنة عسكرية. وقديما خلال الاحتفال بمولد " ابو حصيرة " كانت تؤدى طقوس دينية يهودية معينة مع تناول الفاكهة المجففة وزبدة وفطير ، ويتضمن أسلوب الاحتفال الجلوس عند المقبرة، والبكاء وتلاوة أدعية دينية يهودية وذبح الأضحيات عند الضريح حسب الشريعة اليهودية ، أما حديثا، فقد شهدت الطقوس اختلافات جمة شملت ممارسة كافة صور الشذوذ والفجور، من تناول الخمر، والبكاء والندب، والتبارك به، مما دفع الأهالي إلى رفع دعوات لمنعه. وتستغل إسرائيل المقبرة للتطبيع السياحي مع مصر؛ حيث تتخذها ذريعةً لدخول آلاف اليهود سنويا للأراضي المصرية، متخذينه "حائط مبكى لهم في مصر"، ومع الوقت تحول "أبو حصيرة" إلى ذريعة اليهود في مصر، مثله مثل النصب التذكارى للطياريين اليهود أو ما يعرف بصخرة ديان الموجودة فى سيناء ، حتى ان أهالي (دميتوه) طالبوا بتغيير اسم قريتهم إلى (قرية الشهيد محمد الدرة) كي تذكر اليهود الذين يزورونها كل عام بجرائمهم في انتفاضة الأقصى. ولد يعقوب بن مسعود الشهير ب ابو حصيرة جنوب المغرب عام 1805 ، وعاش فى القرن التاسع عشر، وينتمى لعائلة " الباز " اليهودية الكبيرة ، التى هاجر بعض أفرادها إلى مصر ودول أخرى وبقى بعضهم فى المغرب على مر العصور، ويعتقد عدد من اليهود أنه شخصية "مباركة"، حيث تذكر رواية شعبية يهودية أن ابو حصيرة غادر المغرب لزيارة أماكن مقدسة فى فلسطين إلا أن سفينته غرقت فى البحر، وظل متعلقا بحصيرة قادته إلى سوريا ثم توجه منها إلى فلسطين وبعد زيارتها غادرها متوجها إلى المغرب عبر مصر وتحديدا إلى دميتوه فى دمنهور ليدفن فى القرية فى 1880 بعد أن أوصى بدفنه هناك ، و اللافت للانتباه ان هناك روايات تؤكد ان ابو حصيرة مسلما وليس يهوديا وهذا ما قدمه احد المحامين وأسمه مصطفى رسلان حيث قام بتقديم شجرة عائلته التي قدمها له بعض المسلمين من المغرب في موسم الحج. و تم الاتفاق على تحويل المقبرة إلى ضريح حيث تشير وثائق إلى أنه وبموافقة مديرية البحيرة فى ذلك الوقت تم شراء بعض الأراضى حول المقبرة لإقامة الضريح وتشييد سور حولها، وتم التبرع بالمال من قبل أثرياء يهود، وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل العام 1979 طالب اليهود بتنظيم رحلات رسمية لهم للاحتفال بالمولد والذى يستمر أسبوعا، ويتم السماح لليهود المحتفلين بالمولد بزيارة الضريح بشكل سنوى، وبتنسيق مع سلطات الأمن المصرية. وكانت محكمة القضاء الإدارى قد قضت عام 2001 أن ضريح "أبو حصيرة" والمقابر اليهودية المحيطة به ليست من الآثار التاريخية، وقضت بمنع نقل رفاته خارج مصر، كما قضت أيضا بمنع إقامة الاحتفالية ، حيث قدم المحامون ما يفيد أن الضريح لم يظهر في أي خريطة قبل عام 1932م. وتم تاييد الحكم في عام 2004 من المحكمة الإدارية العليا بالإسكندرية والغاء قرار وزير الثقافة الاسبق فاروق حسنى بضم المقبرة للاثار وعدم اعتباره اثر فهى مقابر عامة كانت مقامة لليهود مثل مقابر الصدقة للمسلمين والمقابر العامة للمسيحيين وبعد خروج اليهود من مصر بعد ثورة يوليو لم تعد تستخدم. و لقد عرض اليهود منذ عدة سنوات علي الحكومة المصرية شراء مساحة من الأرض حول ضريح أبو حصيرة و المقابر اليهودية لإقامة فندق لاستضافة الزائرين كل سنة، و لكن السلطات المصرية رفضت. و كشفت مذكرات علي السمان التي نشرها مؤخرا أن الرئيس الراحل أنور السادات كان قد تنبأ بخطوات اليهود في هذا الموضوع ومحاولاتهم لتحويل المقبرة الى مستعمرة او مستوطنه حيث كلفه بمتابعة موضوع فتح ضريح أبو حصيرة لزيارات اليهود مع محافظ البحيرة، قائلا "بس خد بالك عشان ما يحولوش المقبرة الي مستعمرة أو مستوطنة".