ما الطريق الذي علي الفلسطينيين أن يسلكوه في هذه المرحلة من التفاوض مع الإسرائيليين؟ هل من الأفضل لهم استمرار آرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي في السلطة أم سقوط حكومته أو حتي التخلص منه بالاغتيال علي أيدي متطرفين إسرائيليين؟ هل ما جاء في خارطة الطريق هو الذي علي الفلسطينيين أن يتمسكوا به ولا يتنازلوا عنه أم أن الأفضل هو البحث عن بديل آخر؟ هل السلطة الفلسطينية في حال تنفيذ شارون لخطة الانسحاب الأحادي الجانب من غزة قادرة علي إدارة زمام الأمور في غزة أم لا؟ ماذا إذا سيطرت حماس من خلال الانتخابات علي القرار الفلسطيني.. في المجلس التشريعي.. بعد سيطرتها علي المجالس البلدية في انتخابات المرحلة الأولي منها؟ وهل صحيح أن المنظمات الفلسطينية تعبت وأنهكت قواها وأصبحت قريبة من الحل السياسي.. مع تمسكها بطرح خيار المقاومة والكفاح المسلح في خطابها السياسي فقط؟ هل من مصلحة الفلسطينيين في هذه المرحلة التمسك بطرح ثوابتهم الوطنية في المفاوضات مع الإسرائيليين أم أن الحديث عن هذه الثوابت وعن قضايا الحل النهائي يمكن أن ينسب جهود السلام الحالية؟ هل صحيح كما يري بعض القادة الفلسطينيين أن الفرصة المتاحة حالياً للسلام ربما تكون الأخيرة التي ليس بعدها فرصة أخري؟ وهل صحيح أن فشلها وضياعها هي مسئولية الجانب الفلسطيني وحده؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تم طرحها في ندوة مغلقة دعا إليها المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية الذي يرأسه اللواء أحمد فخر.. واستدعي للحديث فيها من الجانب الفلسطيني.. الوزير نبيل عمرو.. ومروان كنفاني رئيس اللجنة السياسية بالمجلس التشريعي الفلسطيني والدكتور نبيل قسيس رئيس جامعة بيرزيت الفلسطينية والدكتور زياد أبو عمرو عضو المجلس التشريعي. وكشفت المناقشات عن حقائق غاية في الأهمية والخطورة.. وأهميتها أنها صادرة عن الجانب الفلسطيني وعن شخصيات بارزة في البرلمان الفلسطيني. 1 إن شارون هو الرجل القوي في إسرائيل.. وهو الوحيد بين كل رؤساء الوزراء السابقين في إسرائيل.. القادر علي التوصل إلي إطار سلام مع الفلسطينيين وأن هناك مصلحة فلسطينية علي عكس كل ما يقال في التفاوض معه. 2 إن الفلسطينيين أمامهم حالياً فرصة حقيقية وأخيرة في الدخول في مفاوضات جادة مع الإسرائيليين وأن ضياع هذه الفرصة سيجعل علي الفلسطينيين الانتظار سنوات طويلة قادمة بدون حل للقضية الفلسطينية. 3 إن علي الفلسطينيين ألا يتحدثوا في هذه المرحلة عن قضايا الحل النهائي.. ولا عن المطالب الفلسطينية المشروعة.. ولا عن ثوابتهم الوطنية التي لا خلاف عليها.. لكن أقصي ما يمكنهم التوصل إليه هو تحديد بداية الطريق وتهيئة المناخ السياسي للدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.. يسمح بالحديث بعد ذلك عن قضايا الحل النهائي.. كما أن شارون لن يسمح للفلسطينيين أو لأي طرف دولي بخلاف ذلك.. وأن الفرصة المتاحة حالياً هي في حدود تحريك المسار السياسي فقط وليس تقديم حل للقضية الفلسطينية. 4 إن الفلسطينيين لا يملكون طرح المبادرات.. بل عليهم انتظار ما يطرحه عليهم شارون من أفكار ومشروعات لأنه هو الذي يمسك بزمام المبادرة.. وكل المطلوب من الفلسطينيين هو تحسين شروط التفاوض وتحقيق أكبر قدر من المكاسب الجزئية علي ضوء ذلك. وحول هذه النقطة قال مروان كنفاني إن الطرف الإسرائيلي في مؤتمر لندن كان يطرح مشروعات للتسوية.. ولا يطلبون من الطرف الفلسطيني المشارك الرأي حولها.. لأنهم لا يهمهم في شيء معرفة رأي الفلسطينيين.. ولأنهم سينفذون أفكارهم بطريقة أو بأخري. 5 الوضع السياسي منهك.. وقدم الفلسطينيون في السنوات الأربع الماضية تضحيات مؤلمة.. علي صعيد السلطة ومؤسساتها وأجهزتها.. وعلي مستوي الشارع الفلسطيني وعلي مستوي الفصائل أيضاً.. وأصبحت الفصائل الفلسطينية راغبة في الدخول في العملية السلمة ولكن علي استحياء لأنها قدمت تضحيات ضخمة من الصعب تعويضها خلال فترة قصيرة. 6 هناك شك كبير هكذا اتفق الجانب الفلسطيني المشارك في الندوة في قدرة السلطة الفلسطينية وأجهزتها علي التفاوض مع الإسرائيليين وفي إدارة قطاع غزة في حالة انسحاب إسرائيل منه. 7 يلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" الدعم والتأييد من المجتمع الدولي.. ويحاول الجميع إنجاح مهمته.. لكن هذا الدور مرشح للفشل إذا تجاوز أبو مازن حدود الدور المرسوم له.. وهو أن يوافق علي ما تجود به إسرائيل عليه من أفكار وخطط ومشروعات. وقد أختلف ويختلف غيري مع هذه الرؤية الفلسطينية المغرقة في البراجماتية.. فتحريك المسار السياسي لا يجب أن يكون هدفاً في حد ذاته.. فالهدف الذي لا يجب أن يغيب عن جميع الفصائل والقوي الفلسطينية هو استعادة الحقوق المشروعة لشعبها ورفض الاستسلام للمشروع الإسرائيلي الرامي إلي تصفية القضية الفلسطينية عبر تنفيذ خطة الانسحاب من قطاع غزة..