قد يكون من الطبيعي أن تنتاب كل واحد منا مشاعر متناقضة بين الفرح والحزن "فلا عارفين نفرح ولا عارفين نحزن"!! فهل نفرح بالعام الذي تحققت فيه أشياء كثيرة أهمها الثورة.. أم نحزن ونتألم لما صاحبها من سقوط الشهداء والجرحي وانتشار الفوضي وقلة الأمن؟ هل نحزن لأن الكثيرين منا أصبحوا كائنات خائفة ويضعون علامات استفهام كبيرة حول المستقبل.. وأقربها الغموض حول ما سيحدث في الذكري الأولي لثورة 25 يناير؟ ..أم نفرح لأن أول برلمان منتخب بحرية وديمقراطية سيعقد أولي جلساته قبل ذكري الثورة. هل نحزن لأن أول برلمان بعد الثورة تسيطر عليه التيارات الإسلامية، الإخوان والسلفيون، وتحولت القوي المدنية إلي أقلية؟ أم نفرح لأن انعقاد البرلمان يعني أن العد التنازلي لرحيل المجلس العسكري قد بدأ والفترة الباقية أقل من الفترة التي مرت. هل نحزن لأن الاحتقان يزيد بين المجلس العسكري والقوي الثورية.. حيث لا يستطيع المجلس أن يري النقد الموجه إليه إلا في إطار مؤامرة تحاك ضده بأضلعها الثلاثة: ائتلافات شباب الثورة، الإعلام الحر، ومنظمات المجتمع المدني. أم نفرح لأن الشعب أصبح يفهم كل شيء يعني "موش عبيط" و"موش عبيد" ولن يطيع الأسياد، فقد ثار علي الحكام المستبدين، ولن يجد الاستبداد طريقه إلي مصر من جديد. هل نحزن لأن أهالي الشهداء والجرحي يتملكهم الغضب من تأخر القصاص من الذين قتلوا وأصابوا أبناءهم، ومن التنكيل الذي يلاقونه، بينما القتلة والمجرمون ينعمون بأفضل معاملة؟ أم نفرح ونتفاءل بقرب انتصار الثورة ونحن نشاهد الحشد الكبير لكل القوي في ميدان التحرير ليلة رأس السنة وهم يهتفون بلسان واحد بمواصلة الثورة لحين تحقيق مطالبها والقصاص للشهداء وسرعة انتقال السلطة لحكم مدني وسقوط حكم العسكر. هل نحزن ونحن نري المجتمع وقد انقسم علي بعضه والأصحاب خاصموا بعضهم و"بطلوا يكلموا بعض" بين "اللي زهقوا من الثورة واللي زهقوا من التخوين والاتهامات بالمؤامرات وتحريض الناس ضدهم". أم نفرح ونحن نشاهد مصر علي قلب رجل واحد تحتفل بعيد الميلاد وتمتلئ الكاتدرائية وبقية الكنائس في جميع الأرجاء بالمشاركين والمهنئين من المسلمين. هل نحزن لأن السلفيين قاطعوا الاحتفالات بأعياد الميلاد ورفضوا حضور القداس ويحاولون تخويف خلق الله وأظهروا الوجه القبيح لفكرهم المتطرف من خلال "بدعة" الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؟ أم نفرح لأن عقيدة النفاق ولت وسقط القناع عن الجميع ولن يوجد حزب سري يعمل تحت الأرض أو جماعة محظورة لا نعرف حقيقة قناعاتها، كما انتهت فكرة أن المواطن غبي والدولة تأخذ القرار بدلاً عنه، فالمواطن هو الذي سيفرز ويميز بين مصلحته وبين أعدائه. نعم هي مشاعر مختلطة فيها الحزن وفيها الفرح، فيها الاستبشار بالمستقبل والقلق منه، لكن الضمانة لكي يكون الفرح هو الأقوي والقادم أفضل هم المصريون أنفسهم وأصالة المصريين التي هي من عيار أربعة وعشرين. * كلمة أخيرة: والدة أحمد حرارة قالت في احتفالية أقيمت لتكريمه في نقابة الصحفيين مؤخراً: عينين أحمد موش خسارة في مصر لكن المهم ميروحوش هدر!.. كلما أري أحمد حرارة أشعر بمصر النضال والفدائية، وتهب علي نسمات الأمل، لأن إصابة أحمد في عينه لم تمنعه عن العودة إلي الميدان والإصابة مرة أخري.. ولعل الثورة الآن مثل أحمد حرارة بالضبط، رغم كسر الإرادات والتحطيم مازال يقف علي رجليه ومازال يقاوم الظلم ويصمم علي الحرية، ولن تكسر إرادة الثورة لأن التاريخ يقول ذلك.. يقول إن الإرادات لا تقهر والكرامة لا تكسر!!