استدعي في هذه اللحظة هذا اليوم نفسه منذ عام: 11 فبراير .2011 استدعيه بأمل ودعاء من القلب بأن يمن الله علي شعب مصر بفرحة كبري كتلك التي عاشها في مثل هذا اليوم من العام الماضي. إنه عيد فبراير الذي لا يوصف بالكلام.. لأن الكلمات في الأعياد النادرة التي لا تأتي ربما إلا مرة واحدة في عمر الشعوب تبدو عاجزة.. في عيد "فبراير 2011" رأينا كيف كانت يد الله - جل شأنه - مع الجماعة. كيف شاء - سبحانه - أن ينتصر شعب مقموع علي قوة عاتية وظالمة ومدججة بأحدث أنواع الأسلحة وأمام قوات تعلم اعضاؤها كيفية القتل بدم بارد والسحل بدم بارد والدفن بدم بارد!! في مثل هذا اليوم تفجرت مشاعر ملايين المصريين وغمرت شوارع الوطن في لحظة واحدة. واتحدت حناجرهم في هتافات مجلجلة واحدة. وخرجوا في جموع حاشدة كجسد واحد يقطعون الطريق للانضمام إلي من كانوا يحتشدون في الميادين منذ 25 يناير .2011 مشاهد 11 فبراير 2011 جليلة. مهيبة. مدهشة. سجلتها آلاف الكاميرات عبر الكرة الأرضية وبالآلاف مؤلفة من عدسات أجهزة المحمول. إنه يوم تحكيه الأمهات لأحفادها. ومن لم يشارك فيه بالحركة والفعل والصوت والذوبان وسط الجموع خسر خسراناً عظيماً. اليوم تمر الذكري الأولي علي الثورة وشتان بين الأمس واليوم.. بين ذلك اليوم الرائع المشبع بمشاعر البهجة والتفاؤل والأمل في المستقبل وبين ما نعيشه اليوم. شتان بين الشباب المنتصر المستبشر وبين الشباب الذين يسيرون في جنازات للتذكير بآلاف الذين سقطوا منهم في معارك "القصاص".. ما جري طوال العام هو القصاص من الثورة وليس لدماء الشهداء فهذا هو المسلسل الدموي العنيف الذي عشناه طوال 12 شهراً. سيناريو القصاص بدأ منذ لحظة خلع الرئيس.. عشناه في حلقات متوالية من العنف والقتل بدم بارد سقط في هذا المسلسل الانتقامي مئات الشهداء والآلاف من الجرحي. والآلاف المحبوسين علي ذمة قضايا لا يُبث فيها.. القصاص من صناع الثورة بلع ذروة الوحشية في جريمة بورسعيد. وحفرت آثاره كعلامات بارزة علي الطريق من فبراير 2011 إلي ..2012 القصاص من الشهداء الذين افتدوا الثورة بدمائهم مازال رهن الحبس. ورهن إرادة سياسية ظاهرة أو خفية تنفذ سيناريو الانتقام واجهاض الثورة وإطفاء جذوتها.. الدكتور الجنزوري يطالبنا بالفرح. بالاحتفال.. يقولها بقلب بارد وكأننا تخلصنا من الكابوس.. وكأن الثورة حققت أحلام من دفعوا فاتورتها بدمائهم وقصف أعمار الآلاف منهم.. أي فرح؟! ودم الشهداء مثل دموع الآباء والأمهات لم يجف.. كيف نفرح ومسلسل القصاص الفاجر مازالت حلقاته معروضة علي أرض الواقع ينفذها الطاقم القديم بنفس الوحشية ومع سبق الإصرار والترصد بينما الزعيم والأب الروحي لمافيا الماضي يستمتع بالدفء والرعاية والحماية ويكلف الدولة ملايين ويرفض المثول أمام القاضي لأن الطقس بارد وغير مناسب!!