يبدو ان دول القارة السمراء بدأت اخيرا تعي الدرس وتتيقن ان قوة اقتصادها لن تتحقق إلا بوحدة كبري يمكن من خلالها ازالة الحواجز والقيود التي تم فرضها علي مدار سنوات طويلة وأدت في النهاية لجمود العلاقات وضعف اواصر التعاون والعمل المشترك بما جعل حجم التجارة البينية إلي اليوم ورغم وجود العديد من التكتلات الاقليمية كالكوميسا والسادك وتجمع شرق افريقيا.. وغيرها لا يتعدي 9% من حجم التجارة الافريقية و2% من التجارة العالمية.. هذا هو ما ظهر جليا من خلال المبادرة التي اطلقها الاتحاد الافريقي بالمنتدي الذي عقد مؤخرا بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا لبحث امكانية انشاء منطقة تجارة حرة افريقية كبري، تلك المنطقة التي حمل الإعلان عنها آمالا واسعة في ان يتم من خلالها تصحيح الكثير من أخطاء السياسات الماضية والقفز بمعدلات نمو التجارة المشتركة وبخاصة في تلك الآونة والتي اصبحت التحالفات بها هي كلمة السر لعبور اقتصادات الدول واختراقها والتعامل مع كبري الكيانات العملاقة، ولهذا فقد توقفنا أمام هذا الشأن المهم وحاولنا مناقشته من جميع جوانبه والتعرف علي رؤي بعض رجال الاعمال والخبراء في جدواه والمطلوب لتعظيم الاستفادة منه حتي لايصبح الأمر في النهاية مجرد حبر علي ورق كغيره من الاتفاقات الأخري التي مازالت حتي اليوم غير مفعلة..!! والجدير بالذكر ان الاتحاد الافريقي والذي يضم نحو 45 دولة افريقية كان قد أعلن خلال المنتدي الاول لتجارة إفريقيا والذي نظمه مركز السياسات التجارية لافريقيا بالتعاون مع منظمة الاممالمتحدة ووكالة المعونة الكندية عن مبادرة إنشاء منطقة تجارة حرة افريقية كبري كبديل عن التكتلات الفرعية الاقليمية، تمهيدا لاقراره بالقمة الافريقية خلال شهريناير الحالي. في هذا الصدد أكد مصطفي الاحول رئيس مجلس أعمال الكوميسا السابق ورئيس مجلس الاعمال المصري الشرق افريقي انه لاشك في ان أي منطقة حرة تشجع علي زيادة التبادل والتعاون الاقتصادي بين المجموعات أو الدول التي تقوم بالدخول بها وتوقيعها ولكن في ذات الوقت يعتمد ذلك علي الاشتراطات والآليات التي يتم اقرارها لتعظيم الاستفادة ومنع اي معوقات تحول دون العمل الجاد . مشيرا بذلك الي وجود مصر بالكوميسا حاليا وكيف انها تمكنت من تحقيق استفادة جعلت الصادرات تتضاعف 15 مرة مع وجود الخط الملاحي الذي كان يعمل منذ عام 1999 وحتي 2007 ثم توقف بعد ذلك لاسباب داخلية وخارجية تمثلت علي التوالي في عدم وجود استراتيجية واضحة للصادرات المصرية خلال فترات مقبلة، والتعرض لأعمال القرصنة. ويضيف ان غياب النقل المنظم يعد أهم تحديات العمل الاقتصادي بالقارة، كاشفا عن إحدي المبادرات التي يسعي مجلسه لاقرارها حاليا بتكوين شركة نقل بري تقوم بربط السودان بمصر باثيوبيا وتركز علي النقل المبرد، ويوضح ان تلك الفكرة قد تم طرحها في أكتوبر من عام 2009 عندما اجتمعوا في الغرفة التجارية الاثيوبية بأديس ابابا مع وزير التجارة الاثيوبي السابق وقد رحب بها ولكن الظروف لم تكن ملائمة للتنفيذ، وكذلك تم عرض المشروع علي كثبر من الرسميين السودانيين واخرهم والي الخرطوم وقد رحب بها . ويقول انه علي المسئولين المصريين اعطاء التسهيلات اللازمة لبدء عمل هذا الاسطول مع اتخاذ جميع التدابير الأمنية اللازمة من خلال الاستعانة بالبوابات الالكترونية.. وغيرها خاصة وانه حتي وقت قريب كان يمنع دخول الناقلات السودانية الي مصر وبالتالي السودان تعاملت بالمثل ومنعت دخول الترلات المصرية للسودان . مسئولية وحمل المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين ورئيس مجلس الاعمال المصري الاثيوبي مجتمع الاعمال المصري جانبا كبيرا من المسئولية في ضعف وتراجع حجم التعاون المشترك مع دول القارة السمراء واصفا ما يحدث بأنه تخاذل وعدم قدرة علي استغلال الفرص السانحة والتي نجحت بلدان عديدة في اقتناصها مثل لبنان والهند.. وغيرها مؤكدا ان تلك المنطقة تحتاج لصادرات كثيرة واننا لدينا اتفاقية تجعلنا نتميز عن غيرنا في الدخول والتواجد ومع ذلك لم نهتم وتعاملنا مع هذا السوق بنفس النهج الذي يتم التعامل به مع السوق الأمريكي او الاوروبي، حيث بقي المستثمرون في مكاتبهم واعتمدوا علي المراسلات الالكترونية في حين ان الواقع يؤكد ان تلك الاسواق تحتاج للذهاب اليها والتواجد الدائم بها كما فعل الهنود واللبنانيون. واضاف ان التوجه لاقامة منطقة تجارة حرة مع الدول الافريقية يعد خطوة مهمة لابد من استغلالها بالمرحلة القادمة بتصحيح اخطاء الماضي والتعرف علي احتياجات هذا السوق والتعامل معه بالشكل الصحيح . وأكد ان افريقيا تعد من أهم الاسواق الواعدة بالنسبة للانتاج المصري وذلك لتقبلها البضائع ذات الجودة المتوسطة والتي لا تحتاج للتميز. وأشار المهندس علي عيسي رئيس الشعبة العامة للمصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية إلي الممارسات الافريقية التي كانت تحول دون تنشيط التعاون المشترك من حيث القوائم السلبية التي كان يتم وضعها من جانب بعض الدول، وعدم التزام العديد من البلاد الافريقية بتطبيق اتفاق الكوميسا، وقال انه مادام تدخل السياسيين ولم يكن الاقتصاد هو المسيطر فستظل اي خطوة نحو دعم التعاون المشترك دون أي جدوي . محذرا بذلك من محدودية الاستفادة من منطقة التجارة الحرة المزمع الدخول بها مالم يتم وضع الآليات المناسبة التي تجعل ما يتفق عليه يطبق دون اية استثناءات حتي لا يترك الامر للأهواء . وأعرب عن أمله في ظل المناخ الحالي والنظرة الايجابية من الدول الافريقية لمصر بعد الثورة ان نعود لمكانتنا المتميزة ونستطيع التأثير في اتخاذ القرارات الاقتصادية التي تعمل لتحقيق المصلحة العامة لدول القارة جميعا . وأضاف ان البلاد الافريقية والمنطقة العربية يعدان هما الامتداد الطبيعي لمصر الواجب التركيز علي اقامة جميع اشكال التكامل والعمل معه دون ان يؤثر ذلك علي مسار تنشيط التعاون مع جميع بلدان العالم . وفيما يخص حجم التبادل التجاري الحالي والتصدير المصري مع دول القارة أكد انه ضئيل للغاية وان البلاد الافريقية تعد من أقل الاسواق التي يتم التصدير لها وذلك امر يجب بحثه لاتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهته وتنشيطه . ضوابط وقلل المهندس نبيل فريد حسانين رئيس الاتحاد العربي للصناعات الهندسية من اهمية الدخول بتلك المنطقة الحرة وجدواها دون وضع الضوابط الكفيلة لمنع أية ممارسات يمكن ان تؤثر سلبا علي مسار التعاون الاستثماري والاقتصادي المشترك , محذرا من امكانية استغلال ذلك بادخال بضائع صينية الي الاسواق المصرية بدعوي تصنيعها افريقيا . وطالب بضرورة انتقاء فئة من رجال الاعمال كي يتم اشراكهم بتلك المفاوضات للاستفادة بخبراتهم العملية في التعامل مع السوق الافريقي ومن ثم الوصول لصيغة تحقق المصالح المرجوة وتتغلب علي اي تحايلات ممكنة . واشار الي معوقات العمل بالسوق الافريقي والمتمثلة في انتشار الفقر بتلك الدول ومن ثم غياب التمويل اللازم والاعتماد علي القروض من الدول الاجنبية وما يفرضه ذلك من اشتراطات صارمة , وغياب الشحن والنقل المنتظم حتي ان الشحن والنقل لاثيوبيا يتم عن طريق الشحن اولا لإيطاليا ثم من هناك يتم التوجه لاثيوبيا.. وهكذا التعامل مع باقي دول القارة، وقال انه يجب مواجهة ذلك بكل حسم وجدية . تفاوض وبذات الاتفاق علي اهمية الدخول باقامة المنطقة الحرة مع الدول الافريقية تحدث محمد عبد الغفار عضو مجلس إدارة الجمعية الافريقية والمفوض العام لمجلس الاقتصاد الافريقي مؤكدا اهمية هذا التوجه وكيف انه في حال وجود تفاوضات جيدة من الجانب المصري يمكن ان يتحقق استفادات هائلة ويتم فتح ابواب تلك الاسواق امام المنتج المصري بمختلف انواعه وهي تتصف بانها كثيفة السكان والاسعار بها مغرية ومرتفعة نظرا لغياب الصناعة، وأشار إلي المبادرة التي قام بها مجلسه لمواجهة عقبة النقل التي تواجه الاستثمارات الموجهة للقارة وقال انهم منذ عام 2008 قد بدأوا بالفعل اجراءات مع الحكومات الافريقية لتفعيل الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية التي تربط بين الدول