جاءت مشاركة الوفد المصري برئاسة دكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء بالقمة الثانية لتجمعات منظمة الكوميسا ومنظمة السادك وتجمع شرق افريقيا لتؤكد من جديد علي نوايا الحكومة الجادة وسعيها الدؤوب لتصحيح مسار التعاون المصري المشترك مع دول القارة والتي أصابها التوتر والجمود طوال السنوات الماضية وتحديدا فترة النظام السابق مع تجاهله واهماله للبعد الاقتصادي لتلك البقعة المهمة والتي تعد الامتداد الطبيعي لمصر وأحد أهم المناطق لاقامة اواصر اقتصادية علي أسس تكاملية صحيحة في حال صدق النوايا وتوافر الإرادة السياسية . فاهمال الماضي كان العقبة الرئيسية أمام تفعيل التعاون المشترك، ولعل ذلك هو ما جعل الاستفادة المصرية من الاتفاقيات القائمة تكاد تكون منعدمة، ولهذا فجميع التحركات اليوم تسعي لتصحيح ذلك وهو ما شاهدناه بالمشاركة المصرية الحالية بفاعليات تلك القمة والتي تهدف بالأساس لاقامة منطقة تجارة حرة بين التكتلات المتواجدة بذلك الحدث المهم والتي تضم 26 دولة افريقية مما يعني إمكانية الإسهام في فتح آفاق جديدة للتعاون التجاري والصناعي وإقامة مشروعات استثمارية مشتركة لتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة، وهي الخطوة التي حاولنا الوقوف علي جدواها من خلال التحاور مع عدد من الخبراء والمستثمرين . وفي هذا الصدد يؤكد مصطفي الاحول رئيس مجلس أعمال الكوميسا السابق ورئيس مجلس الاعمال المصري الشرق افريقي أن أي منطقة حرة تشجع علي زيادة التبادل والتعاون الاقتصادي بين المجموعات أو الدول التي تقوم بالدخول بها وتوقيعها ولكن في ذات الوقت يعتمد ذلك علي الاشتراطات والآليات التي يتم اقرارها لتعظيم الاستفادة ومنع اي معوقات تحول دون العمل الجاد . مشيرا إلي وجود مصر بالكوميسا حاليا وكيف انها تمكنت من تحقيق استفادة جعلت الصادرات تتضاعف 15 مرة مع وجود الخط الملاحي الذي كان يعمل منذ عام 1999 وحتي 2007 ثم توقف بعد ذلك لاسباب داخلية وخارجية تمثلت علي التوالي في عدم وجود استراتيجية واضحة للصادرات المصرية خلال فترات مقبلة، ولأعمال القرصنة. ويضيف أن غياب النقل المنظم يعد هو اهم تحديات العمل الاقتصادي بالقارة كاشفا عن إحدي المبادرات التي يسعي مجلسه لاقرارها حاليا بتكوين شركة نقل بري تقوم بربط السودان بمصر بأثيوبيا وتركز علي النقل المبرد، ويوضح ان تلك الفكرة قد تم طرحها في أكتوبر من عام 2009 عندما اجتمعوا في الغرفة التجارية الاثيوبية باديس ابابا مع وزير التجارة الاثيوبي السابق وقد رحب بها ولكن الظروف لم تكن ملائمة للتنفيذ، وكذلك تم عرض المشروع علي كثير من المسئولين الرسميين السودانيين وقد رحبوا بها . وأكد أن تفعيل التعاون مع دول القارة والدخول باقامة منطقة تجارة حرة أو غيره يحتاج لدراسة علمية يتم اجراؤها أولا قبل اتخاذ أي خطوة لتوضيح احتياجات كل دولة والطريقة المثلي للتبادل وعمل نوع من التكامل القائم علي المصالح المشتركة . مسئولية وحمل المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس مجلس الاعمال المصري الاثيوبي مجتمع الأعمال المصري جانبا كبيرا من المسئولية في ضعف وتراجع حجم التعاون المشترك مع دول القارة السمراء واصفا ما يحدث بانه تخاذل وعدم قدرة علي استغلال الفرص السانحة والتي نجحت بلدان عديدة في اقتناصها مثل لبنان والهند.. وغيرها، مؤكدا أن تلك المنطقة تحتاج لصادرات كثيرة وأننا لدينا اتفاقية تجعلنا نتميز عن غيرنا في الدخول والتواجد ومع ذلك لم نهتم وتعاملنا مع هذا السوق بنفس النهج الذي يتم التعامل به مع السوق الأمريكي أو الأوروبي، حيث بقي المستثمرون في مكاتبهم واعتمدوا علي المراسلات الالكترونية في حين أن الواقع يؤكد أن تلك الاسواق تحتاج للذهاب اليها والتواجد الدائم بها كما فعل الهنود واللبنانيون . وأضاف أن توجه رئيس الوزراء لإقامة منطقة تجارة حرة مع تلك التكتلات يعد خطوة مهمة لابد من استغلالها بالمرحلة القادمة بتصحيح اخطاء الماضي والتعرف علي احتياجات هذا السوق والتعامل معه بالشكل الصحيح . وأشار إلي تجربته في التعامل مع بنك التنمية الافريقي والذي كان يتواجد بساحل العاج وقال إنه تعامل معه منذ اكثر من ثلاثين عاما ويكاد يكون أول مصري يذهب اليه وفوجيء هناك بأن أبناء تونس برغم خبرتهم الهندسية التي تقل كثيرا عن مصر نجحوا في الذهاب إليه والتعامل معه بشكل كبير، وقال إن علينا أن نذهب لتلك الدول ونتعامل معها بواقعها الذي يختلف عن التعاملات مع أي دولة أخري لكي ننشط التعاون المشترك .