أصبح من المؤكد أن الحكومة المصرية لم تستطع الاستفادة القوية من اتفاقية الكوميسا رغم تصريحات المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة ..والكوميسا هي السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الافريقي وتضم مصر تسع عشرة دولة افريقية أهمها دول حوض النيل. وتهدف إلي تحقيق النمو المتواصل للدول الاعضاء عن طريق تشجيع التنمية المتوازنة والمتجانسة ورفع مستوي الافراد وتشجيع التنمية المشتركة في جميع مجالات النشاط الاقتصادي والتنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية والتعاون من أجل خلق بيئة موازية للاستثمارات المحلية والاجنبية وتشجيع أنشطة البحوث والتطوير لخدمة هذا الهدف وكذلك التعاون في مجال تنمية العلاقات. و يؤكد أن مصر لم تستطع تحقيق الاستفادة القوية من هذه الاتفاقية، ووفقا لبيانات وحدة الكوميسا التابعة لوزارة التجارة والصناعة المصرية، فقد سجل حجم التبادل التجاري بين مصر ودول أفريقيا منذ انضمامها لدول الكوميسا 2.3 مليار دولار، بينما وصل حجم التبادل التجاري بين إسرائيل ودول أفريقيا إلي 3.4 مليار دولار وفقا لاحصائيات عام 2009، ويعكس التفوق التجاري الإسرائيلي مع الكوميسا أن هناك عدم استغلال للفرص التجارية المتاحة مع الكوميسا والتي تدخل مصر في عضويتها، وأنه كان أمامها العديد من الفرص المتاحة لم تستغلها، وهي الفرص التي تمكنت إسرائيل من استغلالها علي الوجه الأمثل محققة فوائد أكبر حتي من الدول الأعضاء. وحذر تقرير رسمي من وزارة التجارة والصناعة المصرية من زيادة النفوذ الإسرائيلي علي حسابات المصالح الاقتصادية المصرية في دول حوض نهر النيل، وذكر التقرير الذي أعده نبيل الشيمي وكيل وزارة التجارة الخارجية والصناعة أن العلاقات الاقتصادية والتجارية كانت أحد أهم مؤشرات زيادة التأثير الإسرائيلي في دول الحوض بل في جميع ارجاء قارة إفريقيا، حيث تشهد العلاقات الإسرائيلية تطورا متزايدا خاصة في اثيوبيا والكونغو الديمقراطية، موضحا أن السنوات الماضية شهدت انتعاشا في إقامة الغرف التجارية المشتركة والمنح وإزالة المعوقات في مجالات الصحة والتعليم والتدريب لدرجة أن الحكومة الإسرائيلية خصصت أحد المراكز المتخصصة بوزارة الخارجية، تقتصر مهامه علي تعميم وتطبيق التعاون الإسرائيلي الإفريقي. وأشار التقرير إلي أن الخدمات تستحوذ علي معظم هيكل التبادل التجاري بين إسرائيل وإفريقيا، الأمر الذي من شأنه زيادة فعالية الوجود الإسرائيلي في دول الحوض والتغلغل في كل مناحي الاقتصاد فيها، مشيرا إلي أن أهداف إسرائيل الاقتصادية في منطقة حوض نهر النيل والمدعومة من الجانب الأمريكي تقوم علي فكرة استغلال موارد دول هذه المنطقة من الخامات والسلع الأولية، والتي تتسم أسعارها بالانخفاض، فضلا عن أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في معظم دول حوض نهر النيل تمنح الجانب الإسرائيلي مناخا مواتيا للتغلغل والتأثير، حيث تعاني اقتصادات دول الحوض من عجز مزمن وهيكلي في موازين المدفوعات علي الرغم من وجود ثروات طبيعية بهذه الدول، كما أنها تعاني من ارتفاع حجم المديونية الخارجية وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض معدلات التنمية الاقتصادية، والافتقار إلي الكوادر الفنية المؤهلة علي جميع الاصعدة والبنية الأساسية المناسبة، في مجالات النقل والاتصالات بالإضافة إلي ارتفاع معدل النمو السكاني وارتفاع حدة المخاطر التسويقية بأسواقها وتدني مستوي نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي.. في حين أن التقرير انتقد تواضع العلاقات التجارية المصرية مع دول حوض نهر النيل مقارنة بإسرائيل، وذلك علي الرغم من وجود معظم دول الحوض في منطقة التجارة الحرة لدول الكوميسا التي أزالت الحواجز الجمركية بين اعضائها، وأرجع تواضع العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول حوض نهر النيل إلي مجموعة من العوامل أهمها عدم وجود خطوط ملاحية منتظمة ومباشرة مع الدول الافريقية في مقابل وجود خطوط ملاحية بين إسرائيل ومعظم هذه الدول، هذا إلي جانب زيادة تكلفة التأمين علي المنتجات المصدرة، في الوقت الذي لم يمتد فيه نشاط شركة ضمان الصادرات المصرية لتغطية المخاطر بأنواعها، كما أن تركيز دول حوض نهر النيل علي الاستيراد طبقا للتعاقد وما ينطوي عليه هذا النظام من مخاطر عدم السداد أدي إلي إحجام كثير من دول المصدرين المصريين عن التعامل معها، موضحا أن إجمالي صادرات مصر لدول الحوض لم تتجاوز ال 115 مليون دولار في مطلع العام الحالي مقابل واردات بنحو 125مليون دولار. ونوه التقرير إلي ضرورة تفعيل عدة إجراءات لتصحيح هذه الأوضاع والوجود الاقتصادي القومي في هذه المنطقة لحماية المصالح المصرية بها، واقترح مد مظلة التأمين ضد المخاطر التجارية وغير التجارية إلي الأسواق الإفريقية، ولو اقتضي الأمر انشاء هيئة مستقلة للتأمين علي الصادرات الإفريقية ضد مخاطر عدم السداد، والإسراع بإنشاء مناطق حرة مصرية في العديد من دول الحوض وإنشاء فروع للبنوك المصرية في دول الحوض يتم من خلالها القيام بجميع الأعمال المصرفية المتعلقة بالتجارة الخارجية مع هذه الدول.