"اقتصاد مصر ما بعد الثورة" ذلك هو عنوان التقرير الذي تناولته صحيفة الفاينانشيال تايمز في رصدها لوضع الاقتصاد في البلاد بالتركيز علي البنوك فضلا عن مناقشة ملفات العمالة والرعاية الصحية وأسباب تراجع مؤشرات السياحة والاستثمار والدعم، مشيرة إلي أن اقتصاد مصر بحاجة إلي مساعدة من الشركاء الأجانب والاقليميين وقالت ان البورصة التي كانت واحدة من أكثر أسواق المال الواعدة في العالم العربي للاستثمار أصبحت في حالة ركود بعد تراجع موشر البورصة الرئيسي بنحو 40% منذ بداية 2011. واكدت ان الصورة الوردية التي توقعها المحللون بعد سقوط مبارك حول المستقبل الاقتصادي قد تثبت صحتها خلال الأمد البعيد لكن لسوء الحظ فإن الحقيقية مختلفة في المدي القصير اذا خيمت حالة من عدم التأكد علي الفترة التي تلت الثورة مع استمرار العنف والفوضي والتي ألحقت الضرر بالاقتصاد الهش. ومن الناحية السياسية والاقتصادية لا أحد يتوقع قيام هذه الحكومة الحالية بقيادة الجنزوري باتخاذ أية خطوات جريئة لأن هناك فترة من الغموض فالجميع في حالة ترقب وانتظار بدون معرفة كم من الوقت ستستغرقه هذه الفترة وهذه الحالة من عدم اليقين بظلالها علي الاستثمار والمرحلة القادمة من الاصلاحات الاقتصادية. وأكدت الصحيفة أن الوضع الاقتصادي يواجه تحديات عديدة في حين الوضع السياسي لا يزال غير مؤكد مما أدي إلي مغادرة المستثمرين الأجانب، وأجبر انخفاض الاحتياطي الاجنبي البنك المركزي للعمل علي الابقاء علي قيمة الجنيه مستقرا أمام الدولار لاحتواء التضخم الذي ارتفعت معدلاته عقب ثورة يناير بشكل اثار سخط كثير من المواطنين كما ان الاحتياطي الأجنبي اصبح ينخفض لمستويات خطيرة بسبب الحاجة للعملة الأجنبية لشراء واردات الغذاء في الوقت الذي يتوقع فيه البعض وصول قيمة الدولار إلي 7 جنيهات خلال العام الجديد. وقال التقرير إن الاستثمارات الأجنبية تراجعت بمقدار الثلثين من 6،7 مليار دولار إلي 2 مليار خلال 2011 وواصل الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية تراجعه لمستويات قياسية متراجعا من 36 مليار دولار في يناير الماضي إلي 20 مليار في نوفمبر وتزامن ذلك مع زيادة الانفاق علي الدعم والأجور والرواتب مما زاد عجز الموازنة إلي 8،6% بنهاية العام الحالي ورغم جهود البنك المركزي لدعم الجنيه أدت الضغوط علي الجنيه إلي تراجعه 4%. وقالت الصحيفة إن الدعم الكبير للطاقة وللسلع الأخري أسهم في تزايد عجز الميزانية والمتوقع أن يبلغ 134 مليار جنيه في السنة المالية المقبلة وسعت الحكومات السابقة لبحث تقليل الدعم لتقليل عجز الموازنة والذي بلغ نحو 8% من الناتج المحلي الاجمالي إلا أنه لم يتم انجاز سوي القليل نظرا لمخاوف حدوث توترات. ويؤكد البعض أن تقليل دعم الطاقة للصناعات الثقيلة هو الهدف الأول لتخفيض عجز الموازنة. ومنذ سقوط مبارك أثرت الفوضي وعدم الاستقرار علي السياحة التي تمثل مصدرا مهما للعملة الصعبة والتي بلغت العام الماضي 11% بنحو 18 مليار دولار من الناتج المحلي الاجمالي وأدي استمرار المظاهرات والاشتباكات الطائفية في القاهرة إلي تراجع عدد السياح والتي كان لها أثرها السلبي بحسب وزير السياحة منير فخري عبدالنور. وتراجع عدد السياح بعد تزايدهم لفترة بعد الثورة إلي أقل من 28% في سبتمبر الماضي مقارنة بالعام الماضي بسبب أعمال العنف بين الشرطة والمسيحيين. كما تراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج وأدي تردي الوضع الاقتصادي العالمي إلي تقليل عوائد قناة السويس كما أن الاقتصاد الذي سجل نموا بلغ 6% سنويا مؤخرا تراجع إلي 1،8% خلال السنة المالية الأخيرة وتقول الصحيفة إنه مع التزايد السريع في عدد السكان فكل ذلك يعني أن الثورة التي كانت يتوقع منها أن تمنح المصريين مزيدا من الحرية قد جعلتهم أكثر فقرا. فالوضع السياسي الفوضوي والعنف أديا إلي تخويف الشركات الأجنبية والمستثمرين في الداخل ففضلوا استثمار أموالهم في أماكن أخري. مصطفي عبدالعزيز