بدأت الولاياتالمتحدة محادثات مع حلفائها الأروروبيين حول فرض عقوبات علي المصرف المركزي الإيراني بعدما توصّل الأمريكيون الي قناعة، وهي أن المصرف المركزي يدعم نشاطات البرنامج النووي. وهناك سبب إضافي وهو أن الادارة الحالية لا تريد استعمال الخيارات العسكرية، فالرئيس الامريكي باراك اوباما لا يحبّذ هذا الخيار مطلقاً، كما أن الإدارة الحالية لا تريد استعمال خيار حظر النفط الايراني لأنه يرتدّ مباشرة علي الاقتصاد الاوروبي والامريكي. ويعتبر الامريكيون ان العقوبات المفروضة الآن علي المصارف الايرانية جيدة، ويقول دايفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة الامريكي لمكافحة الارهاب ان واشنطن وضعت مصارف العالم امام خيار "اما التعاطي مع أكبر قوة اقتصادية ومالية في العالم أو التعاطي مع المصارف الإيرانية". في الوقت ذاته يعتزم دايفيد كوهين السفر الي اوروبا هذا الاسبوع لمناقشة العقوبات الاضافية في محاولة للحصول علي دعم بريطانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا وجس نبضهم حول فرض العقوبات الاضافية، علماً ان فرض عقوبات علي المصرف المركزي الايراني سيقلب الوضع المالي في ايران رأساً علي عقب. واوضح المحامي الدولي اريك فيراري المتخصص في شئون المصارف والعقوبات ان حظر التعاطي مع المصرف المركزي الايراني سيعني اولاً حظر التعاطي بالريال الايراني وبالتالي تخسر العملة الايرانية من قيمة القطع مقابل العملات الأخريس وربما يعني ذلك انهيار قيمة الريال الايراني كما حصل مع الدينار العراقي خلال التسعينات. ربما تكون التبعات الاقتصادية علي الايرانيين اعمق بكثير من اي عقوبات سابقة، فمدخرات الايرانيين ستتبخّر وسيضطر الايرانيون في وقت ما ان يتعايشوا مع نظامين نقديين، الاول بالعملة الوطنية اي الريال والنظام الثاني يرتكز علي عملة دولة أخري وعادة ما تكون الدولار الامريكي او اليورو. لن يكون من السهل علي أي طرف دولي اتخاذ هذا القرار بسهولة، فهو يخلق وضعاً جديداً في ايران، كما ان نتائجه الاجتماعية والسياسية ضخمة وتتراوح بين حشد النظام الايراني للشارع ضد الغرب ويصل الي انهيار سلطة الملالي، لكن الارجح هو انهيار المدخرات لدي الايرانيين فيما يتماسك الحرس الثوري لان لديه القدرة علي تنظيم نفسه، فيعيش من يعمل مع الحرس الثوري في رفاهية ومن لا يتعامل مع الحرس الثوري يصبح فقيراً. هناك امران آخران يريد الامريكيون تجنبهما في حال فرضوا عقوبات علي المصرف المركزي الايراني، الاول هو ان لا يتضرر الاوروبيون الي درجة ان يخسروا اموالاً طائلة في استثماراتهم الايرانية فتزيد الازمة الاوروبية حدة، والثاني ان لا يصبح اليورو والنظام المصرفي الاوروبي ملجأ للإيرانيين، بكلام آخر، فرض الحظر علي المصرف المركزي الايراني يجب ان يكون اوروبياً اولاً شبّه اريك فيراري العقوبات "الامريكية فقط" مثل ولد يلعب كرة قدم مع رفاقه وقرر مقاطعة احدهم فأخذ كرته وذهب الي المنزل، لكن الصبي الآخر تابع اللعب مع الصبيان الآخرين بعدما اتفقوا علي لعبة مختلفة فوجد الولد الذي ذهب الي المنزل انه الخاسر الوحيد. هناك نوع من التحشيد الاعلامي في واشنطن ضد المصرف المركزي الايراني، فقد تسارع وتكثّف الكلام والنقاش حول فرض عقوبات عليه، كما اخترع دعاة العقوبات تسميتين الاولي هي زالخيار النوويس ويستعملونها لدي الاشارة الي ان العقوبات علي المصرف المركزي الايراني هي خيار كاسح. التسمية الثانية هي استعمال دعاة العقوبات اسم العلم "بنك مركزي ايراني" وهذا استعمال يحرم المستمع الناطق بالإنكليزية من فهم ماهية المسمّي ويضع هذا المسمّي في خانة الشرّير. ساهمت محاولة الاغتيال ضد السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير في اعادة توجيه الانظار الي التصرفات الايرانية لكن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال اسبوعين عن النشاط النووي الايراني سيكون نقطة أخري في مسيرة تشديد العقوبات علي ايران، وربما تشهد الاسابيع المقبلة اشتداداً للحملة ضد ايران، ويبقي الفيصل في هذا الامر، قرار اميركي اوروبي بتحمل التبعات.