عادت المواجهة مع ايران تحتل وتشغل المسرح السياسي في الولاياتالمتحدة وطغي الحديث عن خيارات التعامل مع ايران وماذا يمكن ان يحدث لو فشلت اي عقوبات في اقناع طهران بالتخلي عن طموحها النووي؟ بل وتناول تقرير صدر عقب مغادرة بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل لواشنطن امكانية لجوء اسرائيل إلي استخدام سلاح نووي حديث لضرب المفاعلات الإيرانية. وعلي الرغم من تمسك الرئيس الأمريكي أوباما بالتعامل مع الأزمة الإيرانية سياسياً واقتصادياً بتطبيق عقوبات مشددة علي طهران فقد اشارت بعض التقارير الي ان اعلان واشنطن عن تشديد العقوبات علي ايران خلال عدة اسابيع مجرد حديث.. حيث ان هناك اتصالات سرية تجري فيما بين الادارة الامريكية وبين عناصر من الحرس الثوري الايراني لاحكام السيطرة علي الرئيس الايراني احمدي نجاد ومؤيديه من الصقور لاجبارهم علي تسوية سياسية للملف النووي الايراني. وذكرت مصادر مطلعة أن الحديث حول هذه الاتصالات جري تناوله اثناء اجتماعات وزراء خارجية الدول الثمانية التي عقدت منذ أيام في كندا.. وربما كان هذا هو السبب الذي دعا سيرجي لافروف وزير خارجية الاتحاد الروسي الي التصريح في مؤتمر صحفي بعد اجتماع وزراء خارجية الدول الثمانية بأن الحديث عن فرض عقوبات مشددة علي ايران لم يكن موضع مناقشة وذلك علي الرغم من صدور بيان عن الاجتماع يؤيد ضرورة فرض هذه العقوبات.. وقد يكون هذا البيان مجرد ستار لخيار آخر. ومن المعروف ان القيادات العسكرية الأمريكية قد استبعدت استخدام الخيار العسكري نظراً لعدم وجود رؤية واضحة لما يمكن ان يترتب علي اي هجوم عسكري ضد ايران.. الا ان هذا المنطق لم يلق قبولاً من جانب صقور واشنطن الذين اتهموا الرئيس الامريكي بالتخاذل مؤكدين ان سياسة اليد الممدودة بتخصيب اليورانيوم وإعادته إلي طهران لم تفلح بل زادت من تشدد إيران. وشنت مراكز الأبحاث الخاضعة لنفوذ الحزب الجمهوري هجوماً علي الرئيس أوباما لوقوفه بعيداً عن الخلافات الداخلية الإيرانية وتحفظه في الدفاع عن المعارضة الإيرانية. وأصبحت لدي تلك الهيئات والمنظمات المحافظة قناعة بأن العقوبات المشددة لن تجدي في السيطرة علي ايران واشاروا الي ان قبول واشنطنبإيران نووية والتمسك بضرورة الحوار لا يعني الا التضحية بالسلام وبالأمن القومي الأمريكي.. ورأي البعض ان الخيار العسكري قد يصبح من الصعب تفاديه!. و الجدير بالذكر ان تاريخ توقيع العقوبات علي ايران يرجع الي عام 9791 والتي بدأت بعقوبات اقتصادية تم تشديدها عندما اتهمت طهران في عام 3891 بنسف معسكر البحرية الأمريكية في بيروت.. ومع بدء النشاط النووي الإيراني في عام 6002 تراكمت العقوبات لتشمل حظر تصدير بعض المواد وتجميد أرصدة وخلافه.. ولكن هذه العقوبات لم تمنع العديد من الدول من التعامل مع ايران بل والاستثمار فيها حيث اعلنت تركيا مؤخراً استثمار 5.5 مليار دولار في مجال الغاز الطبيعي في ايران ووقعت باكستان عقداً لانشاء خط لامدادات البترول وقامت الشركة القومية للبترول في الصين بتوقيع عقد مع طهران بمبلغ 341 مليون دولار لتصدير معدات لاستخراج البترول الايراني.. هذا بالطبع الي جانب العقود الموقعة مع الاتحاد الروسي.. وقد كان من المثير ان تتناول وسائل الاعلام الامريكية منذ اسبوع وبعد اعلان نتنياهو انه يتفق تماماً مع الرئيس أوباما، فيما يتعلق بالتعامل مع الملف النووي الإيراني، أن اسرائيل قد تلجأ لاستخدام سلاح نووي لضرب المنشآت الإيرانية. وتناول التقرير الذي صدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان اسرائيل قد تلجأ الي سلاح نووي تكتيكي ذو اشعاع محدود لتدمير المفاعلات النووية الايرانية الموجودة علي عمق كبير أو داخل انفاق وذلك لأن القنابل التقليدية لن تأتي بالنتيجة المطلوبة ولن تحقق هدف تعطيل البرنامج النووي الايراني. ويقول الكاتبان انطوني جوردسمان وعبدالله طوقان أن لجوء اسرائيل لهذا السلاح قد يرجع بصفة اساسية إلي أنها لن تتمكن إلا من القيام بطلعة جوية واحدة في حالة الهجوم علي ايران.. ويقول التقرير ان الصواريخ الباليسيتية الاسرائيلية أو الصواريخ العابرة للقارات المزودة برءوس نووية محدودة يمكنها الوصول إلي المنشآت النووية دون تدخل من جانب الدفاع الجوي الايراني. واذا كان الاسرائيليون قد رفضوا التعليق علي هذا التقرير فقد قامت السلطات الايرانية بطبعه وتوزيعه علي نطاق واسع ودراسته جيداً.. ويشير التقرير في نفس الوقت الي انه ليس من المتوقع ان يوافق اي رئيس امريكي علي استخدام »الميني نووي« او السماح لأي دولة حليفة باستخدامه الا في حالة تعرضها او تعرض حلفائها لهجوم نووي.. ويبلور التقرير أهمية الولاياتالمتحدة في التوصل الي حل سياسي يقضي علي التشدد الايراني حيث ان واشنطن هي وحدها القادرة علي شن هجوم عسكري ناجح ضد ايران. ولكن يبقي سؤال: من سيبدأ الحرب وكيف ستنتهي؟