في مساء هذا اليوم سأذهب لأشهد افتتاح معرض للفن التشكيلي بعنوان "ناصر الحلم".. وستكون السيدة هدي عبدالناصر موجودة في قاعة بيكاسو لتستقبل مع الحاج إبراهيم بيكاسو الحضور لذكري رجل محترم أحبه المصريون والعرب من أعماق القلوب . وأنا كاتب هذه السطور دائم الاستشهاد بمقولة الراحل الكبير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود عندما رثي عبد الناصر قائلا "رحم الله الرجل، فقد أعطي هذه الأمة فكرة عن إمكاناتها". نعم فالأمة العربية منذ أن خرجت من الامبراطورية العثمانية المهلهة وعاشت تحت ضغوط الإستعمار، لم تعرف صيحة اليقظة والتحرر إلا علي يد عبدالناصر الذي رزع استقلال العالم العربي من خليجه إلي محيطه، وكانت كلمته فاصلة جامعة. وعن نفسي أنا كاتب هذه السطور أحمل لجمال عبدالناصر علي المستوي الشخصي قراره بإلغاء قانون يمنع المعاش عن الموظف الحكومي إن مات قبل مرور خمسة وعشرين عاما علي عمله.. وكانت معرفة جمال عبدالناصر بهذا القانون عن طريقي حين كنت ذاهبا ذات صباح إلي مقر مجلس قيادة الثورة للقاء صديق عزيز كان له مكتب هناك، وفوجئت بدخول جمال عبدالناصر إلي المكان الذي أوجد فيه، وكنت أعلم أن والده وأشقاءه قد سكنوا لسنوات في منزل مجاور لمسكننا، وحين قمت بتعريف اسمي للرئيس الراحل تذكر والدي، وسألني عن أحوال عائلتي وهل يكفي معاش الأب الذي رحل، فأجبته أن أبي لم يكن له معاش لأنه مات قبل أن يكمل مدة الخدمة المطلوبة.. وهنا طلب من محمود الجيار سكرتيره الخاص أن يأخذ عنوان منزل أسرتي، وطبعا كان بإمكانه أن يمنح والدتي معاشا استثنائيا، ولكنه لم يفعل بل أصدر قرارا بإلغاء قانون صدقي باشا، وبذلك صار لكل سيدة مثل أمي معاش يقيها شر الاحتياج . عن لوحات المعرض أعترف أنها في معظمها جليلة ورائعة وقليل منها لا يرقي إلي عظمة ما أضافه الرجل لمصر وللمصريين، وإن كنت قد توقفت أمام لوحة حلمي التوني الرائعة ومعها لوحة محمد حجي ثم إبداع جورج البهجوري، وشفافية لوحة سمير أما لوحة محمد رزق النحاسية فهي عمل خالد بكل المقاييس، وإذا أضفنا لذلك إبداعات الجليل حقا وصدقا حامد عويس فنحن أمام معرض لا يثير الشجون فقط ولكن يذكرنا بأن العظيم عبدالناصر بكل ما يمثله من كرامة وعدالة مازال يحتاج إلي مزيد من الفهم لنشق نحن طريقنا لتأكيد الكرامة مع العدل .