شهدت معدلات الإنتاج داخل المصانع تراجعا ملحوظا في أعقاب اندلاع أحداث يناير الأمر الذي فسره الخبراء وأصحاب المصانع وقتها بأنه نتيجة منطقية لحالة الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد وهو الوضع الذي ظل مستمرا حتي أيام قليلة سابقة ولكن الواقع العملي يؤكد أن المشكلة أكبر من ذلك بكثير فبالرغم من أن علامات الاستقرار الأمني بدأت تظهر في الشوارع بعد عودة الشرطة مؤخرا بجزء كبير من قوتها ولكن رغم هذا لم تستطع المصانع العودة للعمل بجميع طاقتها الانتاجية والأسباب هنا متعددة ذكرها أصحاب المصانع وهم في حالة ترقب لما سيحدث غدا نظرا لعدم وضوح الرؤية بشكل كبير فيما يتعلق بمستقبل الصناعة في مصر. وفي الوقت الذي أكد فيه المنتجون حدوث نوع من انتظام الأمن الجزئي إلا أنه مازال هناك احتقان داخل المصانع وحولها بسبب حالة اللغط التي تولدت بعد الإعلان عن وضع الحد الأدني للأجور وأيضا حالة التجاهل من قبل مسئولي الوزارة لمشكلات المصنعين في ظل حالة الخوف الشديدة التي انتابت كل المسئولين للدرجة التي يصعب معها اتخاذ أحدهم لأي قرار أو التوقيع علي أية ورقة هذا بالإضافة إلي المشكلات المتعلقة بالتعاملات البنكية وأزمات التمويل إلي جانب حالة الكساد التي يشهدها السوق حاليا الأمر الذي انعكس بشكل سلبي علي جميع قطاعات الصناعة فيما عدا قطاعي الصناعات الغذائية والأدوية نظرا لعدم قدرة المواطنين علي الاستغناء عنهما. بداية يوضح محمد حلمي رئيس مجلس أمناء العاشر من رمضان وصاحب مصانع مصر الحجاز لإنتاج البلاستيك أن السوق حاليا يشهد حالة من الانكماش بسبب نقص السيولة وعدم القدرة علي ضخ الأموال من جانب المؤسسات الحكومية الأمر الذي تأثرت معه الدورة الاقتصادية بصفة عامة فمنذ يناير ومعدلات الإنتاج داخل المصانع بمنطقة العاشر تشهد حالة من التراجع الملحوظ حيث تتراوح معدلات التراجع ما بين 25 و50% والنسبة الأكبر من هذا التراجع تستحوذ عليها القطاعات المرتبطة بمشروعات البنية الأساسية القومية وأيضا كل ما يتعلق بمجال الاستثمار العقاري نتيجة عدم قدرة الحكومة علي ضخ أموال لتنشيط العمل بهذه القطاعات، مؤكدا أن الحل الأساسي حاليا في يد الدولة فهي قادرة علي تجاوز هذه المرحلة من خلال إعادة ضخ الأموال إلي جانب الوفاء بالتزاماتها تجاه الشركات العامة. يشير حلمي إلي أن الحالة الأمنية لا تمثل سوي جزءا بسيطا من المشكلة ورغم تعرض بعض المنشآت الكبيرة لبعض التجاوزات المقصودة بسبب امتلاك هذه المصانع لخامات مرتفعة الثمن فإن الوضع هذا لم يكن سوي استثناء من القاعدة حيث لم يتجاوز عدد المصانع التي تعرضت لهذه المشكلات ثلاثة مصانع من إجمالي 2500 مصنع بمنطقة العاشر. إغلاق المصانع وينوه أحمد راشد عضو مجلس إدارة جمعية مستثمري السادس من أكتوبر وصاحب إحدي شركات انتاج الخوص والزوايا الحديدية إلي صعوبة الموقف الراهن والذي تمر به الصناعة المصرية حيث ينتقل الوضع من سييء إلي اسوأ فهناك مصانع تعمل بأقل من نصف طاقتها الإنتاجية ومصانع أخري اضطرت لغلق أبوابها، مؤكدا أن النواحي الأمنية ليست هي العائق الأول وراء تراجع الصناعة مؤخرا وإن كانت تمثل جزءا فهو لا يعد كبيرا خاصة بعد أن تم التعامل معه من جانب أصحاب المصانع بالتعاون مع جمعيات المستثمرين وبعد عمل دراسة أمنية خاصة بمستثمري السادس من أكتوبر تم من خلالها التعاقد مع مكتب استشاري خاص بالنواحي الأمنية مضيفا أن العائق الأول أمام منظومة الصناعة حاليا يتمثل في عدم قدرة أي مسئول علي اتخاذ القرار أو التوقيع علي أية ورقة من شأنها تحريك مصالح المستثمرين وبالتالي انعكس هذا الأمر في حدوث حالة من الركود لحركة الاستثمار بصفة عامة. ويؤكد راشد أن المسئول الضعيف وإن كان شريفا ليس له مكان حاليا خاصة ونحن في أمس الحاجة وبسرعة لمسئول قوي يحرك عجلة الإنتاج من جديد ويقدم المساعدة لإعادة فتح المصانع المغلقة، مشيرا إلي أن جميع القطاعات متأثرة بشكل سلبي من هذا الوضع والإنتاج الذي تراجع اليوم بنسبة 50% فما بالنا إذا استمر الوضع الراهن لفترة أطول، مشيرا أن هذا الوضع أوجد حالة من الخوف والقلق في نفوس المنتجين فالجميع مترقبون وإن كان مجبرين علي الإنتاج لعدم خسارة العمال في نفس الوقت الذي تتزايد فيه تكاليف الإنتاج ومحصلة البيع لا شيء.