أخيرا اتفق الاتحاد الأوروبي مع اليونان بمشاركة صندوق النقد الدولي علي تقديم مساعدة لها بنحو 110 مليارات يورو علي مدي ثلاث سنوات، منها 80 مليار يورو تقدمها الدول الأعضاء في منطقة اليورو. الاتفاق جاء بعد أن تخلصت ألمانيا عن اعتراضها لتقديم مساعدات مالية لليونان لتتجاوز أزمتها المالية وحتي تستطيع سداد الديون الخارجية التي تراكمت عليها.. حيث كانت ألمانيا، ترفض أن تساعد هي وبقية أعضاء منطقة اليورو اليونان اعتمادا علي فكرة أن اليونانيين أخطأوا ويجب أن يتحملوا وحدهم خطأهم، فضلا عن أنهم كذبوا علي بقية أعضاء منطقة اليورو، حينما أخفوا حقيقة العجز في الميزانية اليونانية وحقيقة ديونهم الخارجية، وبالتالي لا يصح أن يتحمل دافعو الضرائب في ألمانيا بذخ اليونانيين الذي انفقوا عليه بالقروض والديون. ولقد حاول عدد من الأوروبيين اقناع ألمانيا بمراجعة موقفها وسحب اعتراضها علي تقديم مساعدات إلي اليونان دون جدوي، وبذلت فرنسا تحديدا دورا في هذا الصدد، حرصا علي منطقة اليورو وقيمة العملة الموحدة لها خاصة أن سعرها اتجه للانخفاض منذ انفجار الازمة اليونانية، لكن المانيا ظلت رافضة ووصل الامر إلي درجة التلويح علنا بطرد اليونان أو أي عضو لا يلتزم بمعايير منطقة اليورو منها. لكن الضغوط الأمريكية هي التي نجحت في اقناع ألمانيا بتغيير موقفها وسحب اعتراضها والموافقة علي تقديم مساعدات مالية لليونان. وهذا ما كشفته مجلة ديرشبيجل حينما قالت إن وزير الخزانة الأمريكية تيموثي جاتنر مارس ضغوطا علي الحكومة الالمانية للموافقة علي دعم الجهود الدولية لانقاذ اليونان وتقديم حزمة مساعدات مالية لها.. ووصفت المجلة هذه الضغوط بالكبيرة. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: لماذا مارست واشنطن هذه الضغوط علي المانيا لتدعم جهود انقاذ الاقتصاد اليوناني؟ بالطبع لا يكفي للاجابة عن هذا السؤال القول بأن أوباما وعد رئيس الوزراء اليوناني حينما التقاه قبل أسابيع مضت بمساندة اليونان ودعمها للخروج من هذه الازمة الاقتصادية.. فإن وعد الرئيس الأمريكي كان يمكن تنفيذه بشكل معنوي أو نظري كما لا يمكن ايضا القول فقط ان واشنطن مارست ضغوطا علي الحكومة الالمانية لمساندة برنامج انقاذ الاقتصاد اليوناني، حتي تعفي الادارة الامريكية نفسها من المشاركة عمليا في هذا البرنامج بتقديم مساعدات مالية وقروض ميسرة لليونان، في وقت الاقتصاد الامريكي غير قادر علي ذلك لانه في مرحلة التعافي من الازمة المالية الكبيرة والضخمة التي عصفت به وهددته بانكماش وركود كبيرين. الأغلب ان هناك سببا آخر ربما لا يريد الامريكان الكشف عنه، وان بدأ تتسرب معلومات حوله، وهو أن هناك مؤسسة أو مؤسسات مالية أمريكية حرضت اليونان في ظل حكومتها السابقة علي إخفاء حقيقة أوضاعها المالية المتردية ومساعدتها في ذلك، وهي الاوضاع التي قادت الاقتصاد اليوناني إلي حالته الكارثية الآن. وهكذا يبدو انه نوع من تأنيب الضمير الامريكي، علي ما ألحقوه من أذي بالاقتصاد اليوناني، وبالتالي لا يحاول الامريكيون انقاذه، وإنما يضغطون علي الاوروبيين لاخراجه من أزمته، أو لاصلاح ما شاركوا هم في تجربته. عبدالقادر شهيب