لقد اعتاد الملايين من شباب أوروبا أن يجوبوا القارة عن طريق شبكة السكك الحديدية الأوروبية حاملين أمتعتهم الشخصية فوق ظهورهم من أجل السياحة، ولكن مجلة "تايم" الأمريكية تري أن هذا زمان ولي وانتهي فمنذ نحو 12 عاما حدثت عميلة إعادة هيكلة لصناعة النقل الجوي الأوروبية أدت إلي زيادة المنافسة بين شركات الطيران المدني وتحسين مستوي الخدمة وتخفيض أسعار السفر بالطائرات، وفيما بين عام 1995 وعام 2005 زاد السفر بالطائرات بمعدل 4،5% سنويا في المتوسط أما السفر عن طريق القطارات فلم يتجاوز معدل نموه السنوي 1% في المتوسط خلال نفس الفترة. أما الآن فإن صناعة السكك الحديدية الأوروبية التي ظلت عقودا طويلة تحت سيطرة شركات حكومية احتكارية تستعد لنهضة جديدة، فهذه الصناعة تتعرض لعميلة إعادة هيكلة تضع الاحتكارات الحكومية القديمة في مواجهة مجموعة من الشركات الخاصة الصاعدة والأصغر حجما، وفي الوقت نفسه فإن بلدانا مثل إسبانياوفرنسا وإيطاليا وغيرها تنفق مليارات الدولارات علي انشاء شبكات سكك حديدية بقطارات فائقة السرعة تنافس الطائرات، وهذا كله يعني شيئا واحدا هو أن المسافرين عبر أوروبا يتحولون من استخدام الطائرات المتزايدة الزحام والمضيعة للوقت إلي استخدام القطارات الأكثر تحضرا. وينتظر أن يحدث في ديسمبر القادم أول تغيير جذري في هذا المقام حيث ستسمح المفوضية الأوروبية لشركات السكك الحديدية ولأول مرة بالتنافس علي أسس دولية عابرة للحدود من أجل جذب المسافرين بعد أن سمحت لها منذ 4 سنوات بالتنافس علي أسس دولية في مجال شحن البضائع، وهدف هذا التغيير هو فتح الطرق التي تسيطر عليها الاحتكارات الحكومية، وهذه العملية سوف تعني بالنسبة للمسافرين أسعارا أرخص وقطارات أسرع وراحة أكبر وعلي سبيل المثال فإن المسافرين الآن يجدون أنفسهم مجبرين علي تغيير قطاراتهم التي تسيطر عليها احتكارات حكومية كلما عبروا الحدود في بلد أوروبي إلي بلد اخر أما في ظل الترتيبات الجديدة فسوف يتم السماح للقطارات بعبور الحدود بركابها بل والتقاط ركاب جدد أيضا بعد عبور الحدود حتي يصل القطار إلي محطة النهاية. ومما لا شك فيه أن فتح الحدود علي هذه الصورة سوف يسمح لشركات السفر بالقطارات أن تقدم خدمات أكثر انتظاما وأشد تنوعا مثل تخصيص عربة قطار أو أكثر لسفريات رجال الأعمال، ويقول ميراي فوجريه رئيس خدمات المسافرين المحليين والدوليين في شركة سكك حديد فرنسا الحكومية أن توفير حصة الاختيار للمسافرين وتنويع الخدمات سيزيد من عدد زبائن القطارات وأن تدويل السفريات بعد فرصة وليس تهديدا بالنسبة لشركته التي تحصل علي 20% من إيراداتها من السفريات الدولية. ومن الملاحظ أن صناعة السكك الحديدية الأوروبية كانت تحدث نفسها حتي قبل أن تبدأ عمليات التحرير وإعادة الهيكلة، فدولة مثل فرنسا التي تملك أكبر شبكة أوروبية للقطارات فائقة السرعة كانت تخطط لمضاعفة حجم هذه الشبكة شركات الطيران نفسها مضطرة إلي خفض أو إلغاء رحلاتها بين هذه المد أو أكثر من 1900 كيلو متر لتصبح 4 آلاف كيلو متر مع حلول عام 2020 أما اسبانيا فقد كانت تخطط لكي تسبق فرنسا في هذا المجال باستثمارات حجمها 130 مليار دولار مع استكمال هذه التوسعات عام 2020 سيصبح 90% من الأسبان يعيشون علي مسافة لا تتجاوز 50 كيلو متر من إحدي محطات القطارات السريعة AVE.