أكثر من علامة استفهام صارت تحيط بمستقبل شركات المقاولات في السوق المحلي فالقطاع الذي ظل متماسكا طوال الأعوام الماضية اصيب بحالة عدم اتزان واستقرار أصبحت تفرض واقعا مؤلما ومستقبلا غامضا بالقطاع. ربما كان لهذه الحالة غير المرضية العديد من العوامل التي ارتبطت جميعها باحداث خارجية فرضتها أوضاع السوق وسياسات سعر الصرف منذ عام 2003. وإذا كانت كل المؤشرات تشير إلي تساقط المزيد من الشركات الصغيرة في السوق بفعل تقلبات الأسعار في المواد الخام وعدم استقرارها خاصة في الحديد والأسمنت فإن الوضع بالنسبة للشركات الكبيرة مختلف تماما لكون هذه الشركات قادرة علي مواجهة مشاكل وتغيرات السوق سواء من الناحية الفنية أو التكنولوجية. ربما كان عام 2003 هو الأسوء في تاريخ شركات المقاولات وبداية النهاية لهذه الشركات حينما تم تحرير سعر الصرف وتغيرت أسعار العملة المحلية مقابل العملات الأخري لتصاب الشركات بالصدمة المفاجئة. وطوال هذه الفترة راحت هذه الشركات تبحث عن تعويض خسائرها من جراء تغيير الاسعار وظلت في هذا الحال الي ان بدأت الحكومة تدرس امكانية تعويضها وقبل ان تتوصل الحكومة لحل بشأن حصر الشركات المتضررة وصرف التعويضات تلقت هذه الشركات لطمة جديدة نتيجة الاسعار الجنونية التي شهدتها المواد الخام في الحديد والاسمنت. الانسحاب كل ذلك كان له الانعكاسات الصادمة علي قطاع المقاولات وشركاته حيث انسحبت من السوق نحو 14 ألف شركة من اجمالي 28 الف شركة مقيدة باتحاد المقاولين. ليت الأمر قد ينتهي الي هذ الحد وانها حسب تفسير المراقبين وخبراء السوق فإن الوضع سيزداد سوءا ويشهد السوق خروج وتساقط شركات جديدة ليكون المستقبل أمام هذه الشركات اكثر ظلاما حيث إن المقاول أصبح عاجزا عن مواصلة العمل ويتعرض لعملية سحب الأعمال منه. وإذا كانت الحكومة قد أصدرت قرارا بتعويض المقاولين وفقا لنسب تغيير الاسعار كل 3 أشهر فإن البعض يري ان هذه المدة غير كافية ولا تمثل انصافا للمقاولين خاصة أن هناك نحو 30 ألف مقاول مقيدين باتحاد المقاولين أعلن نحو 89 مقاولا افلاسهم مؤخرا لعجزهم عن الاستمرار في السوق. الشركات الصغيرة بكل تأكيد المستقبل مظلم للشركات الصغيرة وعلينا الاسراع في الانتهاء من مشروع العقد المتوازن بهذا بدأ المهندس اسماعيل عثمان رئيس شركة المقاولون العرب السابق حديثه حول وضع شركات المقاولات في ظل تقلبات أسعار السوق ومستقبل هذه الشركات. وقال ان التوحش الذي يشهده سوق المقاولات نتيجة الاسعار الجنونية للمواد الخام ستكون له عواقبه الوخيمة في المستقبل والتي سترتب عليها موت للشركات الصغيرة. وتابع ان "السوق فقد خلال سنوات قليلة أكثر من 14 ألف شركة لم تستطع الصمود أمام الارتفاعات المتتالية الذي شهدها السوق بخلاف ما تعرضت له هذه الشركات من خسائر نتيجة أزمة تغيير الأسعار وسعر الصرف في عام 2003". وفي ظل كل ذلك خاصة مع الزيادة الخرافية في الأسعار منذ عام 2007 أصبح المقاول عاجزا عن القيام بعمله وبالتالي صار معرضا أن يتم سحب المشروعات المسنودة إليه وصار العلاج الوحيد لذلك هو العقد المتوازن وهو العقد الذي يتيح الفرصة للمقاول تعديل تكلفة المشروع في ظل تغلب الاسعار وبالتالي يحفظ له الحق في حالة الزيادة. وعلي حد قوله فإن الاتجاه إلي تعديل الأسعار كل 3 أشهر هو حماية للمقاولين، ويعوض خسائرهم التي قد يتعرضون لها، حيث كان من المتبع أن يتم التعاقد بالسعر الحالي عند تنفيذ أي مشروع دون النظر لحال السوق عند بدء التنفيذ أو في منتصفه. كما ان الشركات القادرة علي الاستمرار في السوق هي الشركات ذات الملاءة المالية الكبيرة والقادرة علي تطوير نفسها وفقا لمتطلبات السوق سواء التكنولوجية او الفنية. وبالتالي علي حد تعبيره فإن الشركات الصغيرة لا مستقبل لها في ظل الارتفاعات المتتالية لأسعار الخامات، وافتقارها للإدارة الجيدة.