طالب الرئيس مبارك الحكومة بزيادة العلاوة الاجتماعية لأكثر من 15% في الموازنة الجديدة للعام 2008/2009.. وهذه العلاوة التي ينتظرها المواطن البسيط من العام للآخر ولسان حاله يقول "يا فرحة ما تمت خدها الغراب وطار" والغراب هنا الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الأساسية، حتي أن البعض يتمني عدم الحصول علي هذه العلاوة في نظير عدم ارتفاع الأسعار والتي باتت مشكلة يومية يحياها الشارع المصري والحكومة تعلن مراراً وتكراراً أنه "ليس في الأمكان أبدع مما كان" والواقع يدل علي أن ارتفاع الأسعار بات عبئاً يتحمله المواطن وحده نتيجة تداعيات حال السوق والتي جاءت معبرة عن الخلل في السياسات الحكومية.. حول امكانية هذه العلاوة في حل الأزمة الحالية وفي ظل ارتفاع التضخم خاصة وأنه تم الإعلان عنها في شهر مارس والتنفيذ الفعلي سوف يكون في شهر يولية وهذه الفترة في ظل التقلبات العالمية قد يحدث فيها الكثير، وحتي وان كانت قيمة العلاوة كافية الآن فهل ستصلح بعد ثلاثة أشهر في ظل الارتفاع اليومي في الأسعار، وهل الحكومة قادرة علي توفير هذه الزيادة بصفة مستمرة ومن مورد ثابت؟ هذه الأسئلة.. طرحناها علي عدد من الخبراء وفيما يلي إجاباتهم. د.جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد ورئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع يري أن زيادة المرتبات بنسبة 15% كحد أدني ليست تعويضا كافيا عن ارتفاع مستوي التضخم، مشيرا إلي أن أسعار السلع الغذائية زادت ضعف هذا المعدل خلال عام خاصة بالنسبة للشرائح المنخفضة الدخل حيث ارتفعت أسعار السلع الغذائية ما بين 30% إلي 40%، مضيفا إلي أن المتوسط العام للتضخم قد وصل إلي 12% علي حد قول مسئولي الحكومة مما سوف ينتج عنه تآكل للدخول الحقيقية لذوي الدخل المنخفض وخلال العام الحالي سوف يصبح دخلها الحقيقي أقل مما كان عليه خلال العام الماضي. ويوضح جودة عبد الخالق أن زيادة الأجور رغم كونها مهمة ليست الحل الوحيد فالأهم عدم ترك الأسعار تفلت حتي لا ندخل في سباق محموم لا ينتهي لإعادة توزيع الدخل علي حساب القوي ذات الصوت المنخفض وبين القوي التي تستطيع أن تضغط وتستطيع توزيع الدخل لصالحها. أشار إلي أن الحل المنطقي يكمن في التحكم في ارتفاع الأسعار، لكن الواقع الحالي يشير إلي أنه لا توجد نية حقيقية للتحكم معبرا عما قامت به الحكومة مؤخرا من اصدار قرارات بشأن تخفيض الرسوم الجمركية علي بعض السلع الاستراتيجية والتي ارتفع سعرها مؤخرا بكونها اجراءات "تافهة" لا تؤدي إلي نتيجة مع تفشي ظاهرة الاحتكار موضحا أن ثمار هذا التخفيض سوف يستأثر بها المنتج والتجار فقط. ويوضح د.جودة أن هناك موارد يمكن الاعتماد عليها لتمويل هذه العلاوة في ظل عجز الموازنة وذلك كفرض ضرائب إضافية علي القادرين مشيرا إلي أن غير القادرين مفروض عليهم ضرائب أكثر من اللازم، منوهاً إلي أن ما قامت به الحكومة مؤخرا من تخفيض نسبة الضرائب من 40% إلي 20% وتحويلها إلي شريحة واحدة أمر غير مقبول مطالبا بضرورة فرض ضريبة علي الأرباح قيمتها أعلي من الضريبة علي الأجور فالأفضل العمل بنظام الضريبة المتدرجة والتي يتم تحديدها طبقا لمستوي الدخل. ويضيف رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع بأن هناك انشطة تدر ارباحا هائلة ولا تخضع لأي ضريبة مثل التعاملات في البورصة من بيع وشراء، ويتساءل ما الجدوي الاقتصادية لهذه المعاملة الضريبية. مشيرا إلي أن حجم التعامل في البورصة يوازي حجم الدخل القومي لمصر، بالاضافة إلي وجود دخول غير مكتسبة كالأراضي التي يتم تسقيعها وبيعها مطالبا بضرورة فرض ضرائب عليها. نفقات الطوارئ أما د.عبد المطلب عبد الحميد -أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بأكاديمية السادات سابقاً- فيوضح أن الحكومة هي أقدر من أي فرد آخر علي تدبير مواردها خاصة وأن توجيهات الرئيس الأخيرة جاءت متحيزة لمحدودي الدخل، مشيرا إلي وجود توجيه من القيادة السياسية بضرورة إعادة حسابات الموازنة مرة أخري بحيث يكون المطلب الملح حاليا هو زيادة الأجور. حيث يشير إلي ضرورة وجود حالة من التعويض بقدر الامكان والحكومة كجهة تنفيذية عليها تدبير حالها. موضحا أن هناك بنداً في الموازنة لنفقات الطوارئ وتبلغ قيمته ما بين 10% إلي 20% من حجم الموازنة حيث يمكن السحب من هذا البند الخاص فالمسألة في النهاية قضية تكيف من جانب الحكومة. ويطالب عبد المطلب بضرورة إعادة النظر في مستويات الحد الأدني للأجور وهو الذي يكفي لسد حاجات المعيشة، مشيرا إلي أنه متحيز لرأي رئيس اتحاد العمال وهو القناة الشرعية فيما يتعلق بتحديد الحد الأدني للأجور والذي طالب الحكومة بوضع حد أدني للأجور قيمته 750 جنيها. أشار إلي أن الاصلاح الحقيقي في هيكل الأجور في مصر لن يتأتي إلا من خلال تعديل قانون العاملين بالدولة وهو قانون 47 لسنة ،1972 حيث يجب وضع كوادر جديدة تتلاءم مع وضع آليات السوق وتحرير الأسعار. وعن الفترة الانتقالية ما بين صدور القرار الخاصة بالعلاوة والتنفيذ والذي سيتم في شهر يوليو القادم يوضح أن هذه الفترة تسمي فترة تباطؤ ما بين اتخاذ القرار وتنفيذه والتي يجب أن يقابلها رقابة شديدة من قبل الحكومة بحيث يجب تغليظ العقوبة علي مستغلي هذه الفترة من تجار وكل من يسعي للاستيلاء علي بعض المكاسب حيث يجب أن يكون هناك رقابة رسمية وشعبية كبيرة لتحول دون اجهاض قوة القرار.