تصعلكنا كثيرا عماد أديب وأنا علي كورنيش النيل وسمعته يحلم بصوت عال لم أقابل أحدا في حياتي يتنفس حلما مثلما رأيت هذا الفتي السمين في بعض الأحيان كنت اراه "يهذي" وفي أحيان أخري يتكلم وكأنه امسك بالنجوم كان عماد وقتئذ في لندن رئيسا لتحرير سيدتي وكان يزور القاهرة من حين لآخر لأنه لم ينفصل قط عن مصر التي أحبها بحالة من العشق لا أزال أذكر أنه عندما كان يريد تغيير "عملة أجنبية" لعملة مصرية يذهب للبنك مباشرة ولا يستجيب لسوق سوداء أذكر أنه اجتذبني للعمل معه في سيدتي وكنت أكتب بحب واختار كلماتي بعناية وكان يتصل بي من لندن للثناء علي ما أكتب وزرته مرة زيارة عائلية أنا وزوجتي آمال العمدة عندما كان متزوجا من السيدة هالة سرحان "ام محمد" يومها كان ضيف عماد فضيلة الشيخ الشعراوي الذي كان في رحلة علاج بالعاصمة البريطانية يومها همس في أذني: لماذا لا تأتي إلي لندن وتعمل معي نائبا لرئيس التحرير وتعمل امال في إذاعة لندن العربية ونوفر لك السكن؟ يومها اعتذرت لعماد مؤكدا علي أن مصر "قدر" للإقامة ولندن وروما وباريس "للزيارة" وبعد سنوات من الود المتبادل بيني وبين عماد صرت مسئولا عن مجلة صباح الخير المصرية وجاءني للزيارة في مكتبي وسمعته يحلم أحلاما عريضة وقال من بين ما قال "إن الحياة مراحل والبقاء طويلا في مرحلة واحدة معناه الجمود" اعترف أني لم أفهم "نوايا" عماد أديب وأتذكر أني كتبت ملحوظة أقول فيها: "بحثت عن الكاتب الكتيب صاحب أرشق عبارة وأحلي أساليب الصحافة المصرية عماد الدين أديب فلم أجد هذا إلا في ركن بعيد في قلبه بينما رأيت عماد أديب رجل الأعمال الحالم" يومئذ غضب عماد أديب حتي أنه في ندوة علمية للدكتور محمد شعلان تجاهل وجودي: ولكن عماد يغضب غضب الاطفال مجرد حالة "قمص" لا أكثر تقابلنا وتناقشنا ورأيت بعد ذلك في القاهرة مودعا لندن بعد أن رأس تحرير مجلة "المجلة" أهم المجلات السياسية في العالم العربي وكان عماد ضيفي في حواراتي التليفزيونية كنت أعرف لغته السلسة ومنطقه المرتب وجرأته ثم دارت الأيام وصار عماد أديب محاورا علي شاشة أوربيت يقدم برنامج "علي الهوا" يوميا بنجاح وكنت ضيفه في حلقة مهمة إذ ثار غضب ولغط عقب مقال لي في "العالم اليوم" بعنوان "تربية دادات" تناولت فيه قضية استخدام العمالة الآسيوية كمربيات في البيت الخليجي وتوابع ذلك وهو ما حذرت منه ولكن صحافة المملكة هاجمتني وللدقة "جريدة ومجلة" وطلب مني عماد أن أوضح وأفسر للرأي العام العربي في برنامجه فحوي المقال. أشعر بعرفان شديدلعماد الدين أديب حين اعطاني الفرصة للايضاح حتي أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز دعاني لزيارة الرياض مرحبا بي في السعودية كوطن ثانٍ لي وذهبت وتغير المناخ تماما ظل عماد في مشواره مع الشاشات حتي بدا يحقق أحلامه المختبئة بين ضلوعه نزل ميدان السينما منتجا واعيا للكلمة والنص والحوار والسيناريو "والده عبدالحي أديب أبو السيناريو في السينما المصرية" وتزاملنا في جمعية كتاب ونقاد السينما وقد أحببت تواضع عبدالحي أديب فهو تواضع العشب وورث أولاده هذه السمة نجح عماد كمنتج ولا أقارنه بأحد فقلم عماد مازال متأججا مثل أحلامه ثم بدا عماد يبحث عن دور عرض بعد دراسة واعية وصارت الصحف تكتب "المنتج عماد أديب" بينما أري عماد كاتبا ومؤلفا ومنتجا لأعمال بعينها السؤال: هل انتهت أحلام عماد؟ أنا أري انها بدأت فالنجاح يلد نجاحا ويولد غيرة عند البعض لكن عماد لا يلتفت وراءه وليس عندي قصص سينمائية سوف أبيعها له ولكني أكتب عن شاب ناجح نصف وزنه أحلام.