بهدوء شديد وحديث الواثق الذي لا تنقصه الصراحة أعلن عبدالمنعم الغزالي النائب الأول لرئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر أن هناك 20 ألف عامل في إسرائيل مؤكدا أن أوضاعهم مستقرة ويتم متابعتهم أولا بأول. وأضاف الرجل الثاني في اتحاد عمال مصر في تصريحاته الصحفية النارية جريدة نهضة مصر 13 يناير 2008 انه لا يوجد قانون يمنع عمل المصريين في إسرائيل كما أنه يتم معرفة أوضاعهم عن طريق المستشار العمالي هناك لم يذكر اسمه وأعتقد أنه لا يعرفه ولا يوجد هذا المنصب أصلا. والمشكلة في رأي الغزالي هي انضمام العمال المصريين في إسرائيل إلي اتحاد العمال الاسرائيلي لذلك والكلام لسيادة النائب الأول منالضروري معرفة حقيقة المنضمين لمتابعتهم ومعرفة مدي رغبتهم في الانضمام إلي الاتحاد الاسرائيلي مؤكد أنه من المفترض أن ينضموا إلي الاتحاد المصري بدلا من الاسرائيلي يقصد "الهيستدروت". وهذا الرد البارد من المسئول النقابي العمالي لا يعكس أبدا خطورة قضية اقبال الشباب علي العمل في إسرائيل والآثار السلبية لذلك علي المستويين المادي والمعنوي لأن الاتحاد العام للعمال الذي يمثله قام باختزال القضية في المتابعة والاتصال فقط بالجهات المعنية في إسرائيل وكأن هؤلاء العمال يعملون في ليبيا أو السعودية أو السودان ولم يذكر ولو علي سبيل "الحمية الوطنية" أن ما يفعله هؤلاء العمال هو تطبيع قسري أو تطبيع غير مباشر مع عدو سابق ودولة مجاورة وإن كنا قد أقمنا معها علاقة سلام إلا أن التطبيع معها قضية أخري لا يمكن أن يتم لأسباب عديدة يعرفها القاصي والداني. وعلي جانب آخر ومن زاوية مختلفة قال جهاد عقل مسئول العمال العرب في اتحاد العمال الاسرائيلي الهيستدروت إن عدد العمال المصريين في إسرائيل يصل إلي 25 ألف عامل وفقا لتصريحات أدلي بها إلي موقع العربية نت "3/1/2008" وأن الغالبية من هؤلاء العمال المصريين يتعرضون إلي ضغوط وابتزاز من قبل لأصحاب الشركات ومسئولي القوة العاملة في إسرائيل. وقال عقل.. إن العامل المصري يعمل في مختلف القطاعات كالتجارة والبناء والكهرباء كما أن جزءا كبيرا منهم يعمل في المستوطنات كمزارعين وبناء المواقع العسكرية والجدار العازل كعمال بناء بالاضافة إلي قطاع الخدمات خاصة في الوظائف الدنيا. وأشار إلي أن العامل المصري مطارد دائما من السلطات الاسرائيلية بسبب وجوده غير الشرعي وعدم امتلاكه وثائق وعدم معرفته باللغة العبرية. وأكد أنه من الصعب جدا حصول العامل المصري علي تأشيرة عمل لأنه يأتي في الغالب عبر التهريب وليس لهم تأمين صحي كما أن هناك حالات وفاة تحدث بسبب سوء الرعاية الصحية ولاسيما أنهم يعملون في أعمال شاقة. والغريب أن يتحدث مسئول العمال العربي في الهيستدروت عن مشكلات العمال المصريين ويطالب مهم بتأشيرات شرعية وضمانات قانونية وتأمين صحي في الوقت الذي يعتبر فيه النقابيون المصريون أن دورهم في قضية العمالة المصرية في إسرائيل هو المتابعة والدعاء لهم بالستر والصحة وطول العمر وأن يكفيهم الله شر "البلاوي" في إسرائيل. ولا أعتقد أن أحدا من اتحاد عمال مصر قد قرأ التقرير المأساة الذي نشر مؤخرا في صحيفة "كوريير انترناشيونال" الفرنسية عن الأوضاع المزرية للعمالة المصرية في إسرائيل وأعادت نشره جريدة المصري اليوم 11/1/2008 والذي أكد أن عدد العمال المصريين بإسرائيل حوالي 8 آلاف مصري يعمل معظمهم في الجدار العازل والمستوطنات "فواعلية" ويقيمون في اسطبلات الخيول وحظائر الماعز بمدن يافا والجليل والطيبة بعيدا عن أعين السلطات الاسرائيلية. وقال التقرير إن حياة هؤلاء المصريين تتسم بالقسوة من أجل جمع المال وينامون في الحظائر والاسطبلات مع الماعز والخيول من أجل دفع 30 دولارا كل شهر بدلا من 100 دولار في شقق مشتركة. وأضاف أن العمالة المصرية تواجه مخاطر التعرض للايذاء من قبل المتطرفين اليهود خاصة عند تأديتهم شعائر الإسلام اضافة إلي مطاردات الشرطة ومصلحة الهجرة وعدم تمتعهم بأي مزايا قانونية أو صحية. وحتي لا يتهمني البعض بأنني وأخوض في "اعراض" دولة عقدنا معها معاهدة سلام أو انني ضد السامية أو متطرف فكريا أودينيا أو شيوعيا.. أقول: هل هناك أعداد دقيقة لدي وزارة القوي العاملة عن أعداد العمالة المصرية في إسرائيل ولاسيما بعد أن أصبح دور الاتحاد العام "المنتخب" والوطني" والخالي من المعارضين والمغرضين وكارهي التطبيع.. هو فقط المتابعة والاتصال والاطمئنان علي أحوال العمالة؟ وهل تعرف السيدة عائشة عبدالهادي كم من المصريين "طفش" إلي إسرائيل وتزوج من إسرائيليات ليس حبا في جمالهن ولكن طمعا في الحصول علي فرصة عمل واستقرار. بالطبع المسئولية ليست فقط علي عاتق وزارة القوي العاملة ولكنها مسئولية الحكومة ككل والتي وفرت المناخ اللازم بطريقة غير مباشرة أي هجرة الشباب العاطلين إلي الشمال بشكل غير شرعي علي قوارب بحرية طمعا في الحصول علي فرصة عمل مناسبة واستقرار وحياة كريمة أو طمعا في الجنة بعد استشهاده في ظلمات البحر. بل أقول إنها مسئولية نظام ككل جعل بعض الشباب المصري العاطل اليائس أن يكون أمامه خياران كلاهما مر.. إما أن يمون غرقا في البحر قبل أن يحصل علي فرصة عمل في أوروبا أو يموت معنويا عندما يتسلل إلي "إسرائيل" من أجل فرصة عمل ضاربا كل القيم والمبادئ والمثل والتضحيات والكرامة والتخوف بعرض الحائط لأنه فضل أن يأكل رغيف عيش مغموس في الدم من يد أعدائه السابقين. بل إن المسئولية مسئولية وطن وضع بعض أبنائه أمام حائط "صد" أي وجههم في الحيط وحصل الشباب يموت واقفا.. وإن أراد التحرك والحياة فعليه أن يغامر بحياته فإما الموت غرقا أو تطبيعا أو العيش بلا روح.