«ماذا لو قالها مسؤول عربي؟».. ردود فعل كبيرة على إساءات البيت الأبيض «أمك من فعلت»    عفت السادات ل في الجول: أرحب بالترشح لانتخابات الاتحاد السكندري.. و300 مليون مبلغ بسيط للحل    محمد صبحي: عهد الإسماعيلي في وجود يحيي الكومي كان "يستف" الأوراق    مصر تفوز بجائزة أفضل وجهة تراثية في فئة الوجهات المتميزة    قرار قضائي عاجل بشأن إفلاس شركة «المتحدة للصيادلة»    برواتب تصل إلى 17 ألف جنيه، 285 فرصة عمل بشركة خاصة بالسويس    تفاصيل برنامج عمل الرئيس السيسي في القمة المصرية الأوروبية غدا    الصين تكمل بناء أول مركز بيانات تحت المياه يعمل بطاقة الرياح فى العالم    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    إنهاء التعاقد مع أحد معلمي الحصة بالجيزة لعدم قيامه بالشرح داخل الفصل    وزارة التعليم الفلسطينية: استشهاد أكثر من 20 ألف طالب منذ 7 أكتوبر 2023    تفاصيل برنامج عمل السيسي في القمة المصرية الأوروبية غدا    مصر وأوروبا.. نموذج الشراكة في حقبة ما بعد الهيمنة    «زنزانة انفرادية وحكم ب 5 سنوات».. الرئيس الفرنسي الأسبق خلف القضبان فكيف سيقضي أيامه؟    الصين تدعو الحكومة اليابانية إلى الوفاء بالالتزامات بشأن التاريخ وتايوان    «العمل»: 285 وظيفة شاغرة بشركة بالسويس (تفاصيل)    فرصة عمل شاغرة بجامعة أسيوط (الشروط وآخر موعد للتقديم)    منتخب مصر يواجه نيجيريا فى ديسمبر ومفاضلة بين مالى والكاميرون استعدادا لأمم أفريقيا    «الأرقام بعيدة».. شوبير يكشف موقف ثنائي الأهلي من التجديد    ضبط صانعة محتوى بالسلام لنشرها مقاطع خادشة للحياء على مواقع التواصل الاجتماعي    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    جدول مواعيد رحلات القطارات المنيا- القاهرة غدا الأربعاء    تفاصيل إصابة سيدة ألقاها زوجها من الطابق الثانى فى بورسعيد    إصابة 6 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمدينة أسوان الجديدة    جامعة الإسكندرية توافق على تعديل مسمى قسمين بمعهدي الصحة العامة والبحوث الطبية    مكتبة الإسكندرية تهنئ الكاتب الكبير محمد سلماوي لاختياره «شخصية العام» بمعرض الشارقة الدولي للكتاب    حقيقة تقديم تذاكر قطارات مجانية تزامنًا مع افتتاح المتحف المصري الكبير.. مصدر يوضح    لحظة بكاء يسرا وحسين فهمي بالجونة السينمائي بعد عرض فيلم عن معاناة الفلسطينيين (فيديو)    وزير الثقافة يلتقي محافظ السويس لبحث سبل دعم الأنشطة الإبداعية    برج العقرب يزداد بصيرة.. أبراج تتمتع بالسلام بداية من الغد    محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام فى مهرجان الموسيقى العربية    بعد سرقتها من متحف اللوفر.. تعرف على قلادة الزمرد التاريخية| تفاصيل    ليست مجرد مشاعر عابرة.. "الإفتاء" توضح موقف الإسلام من محبة أهل البيت    هل شدّ الرحال لزيارة مساجد آل البيت مخالف للسنة؟.. أستاذ الفقه بجامعة الأزهر يجيب    استشاري: ماء الفلتر افضل من المياه المعدنية للأطفال    ظهور حالات فى مدرسة بالمنوفية.. علامات الجديرى المائى وطرق العلاج    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الحكومة تنفي وجود قرار رسمي بزيادة الأجور    الدفاع الروسية: استهداف منشآت البنية التحتية للطاقة الأوكرانية    رئيس البرلمان العربي يطالب بتشكيل مجموعة عمل لدعم جهود تثبيت التهدئة بغزة    «تعليم البحيرة» تعلن جداول إمتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل    وكيل تعليم الفيوم يشهد فعاليات تنصيب البرلمان المدرسي وتكريم الطالبات المتميزات على منصة "Quero"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    ذكرى إغراق المدمرة إيلات| القوات البحرية تحتفل بعيدها الثامن والخمسين.. شاهد    المستشفيات التعليمية تستضيف فريقًا إيطاليًا لجراحات قلب الأطفال بمعهد القلب    وزير الصحة يبحث مع السفير الفرنسي تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    عضو الجمعية المصرية للحساسية: ضعف المناعة والتدخين أبرز محفزات ارتكاريا البرد    851 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح من الجهات الخاضعة للرقابة المالية خلال 9 أشهر    مؤمن سليمان: قيمة لاعب اتحاد جدة تساوي 10 أضعاف ميزانيتنا بالكامل    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    الدماطي: ياسين منصور الأنسب لرئاسة الأهلي بعد الخطيب.. وبيراميدز منافسنا الحقيقي    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين الرأسمالية الوطنية؟
نشر في العالم اليوم يوم 29 - 08 - 2007

في بدايات القرن العشرين خاصة مع ثورة 1919 وما تلاها ظهر تعبير الرأسمالية الوطنية بل كانت تثار حولها المناقشات أي الأحزاب يمثل تلك الطبقة هل هو حزب الوفد أو أي أجنحته أو حزب السعديين، دعنا من تلك الأطروحات السياسية إنما هذه الرأسمالية لماذا كانت تسمي رأسمالية وطنية؟ ذلك لم يكن بسبب الشعارات السياسية أو المفاهيم النظرية، الرأسمالية الوطنية كانت لها تلك الصفة الوطنية لأنها كجموع الصناعيين المصريين كانت تستهدف الاستئثار بالسوق المحلي المصري وأن تحل وبإنتاجها الصناعي محل الإنتاج الأجنبي المستورد وهي وطنية لأنها تنتج إنتاجها الصناعي في مصر وتستخدم العمال المصريين وبالتعبير الدارج "تفتح بيوت" وكان دورها الأساسي محوريا في زيادة الناتج القومي والدخل القومي ثم رفع مستوي المعيشة.
تقرأ الآن في الصحف إعلانا يملأ الصفحة بكاملها أو صفحتين متقابلتين عن أكبر شركة تصنيع سيارات في المنطقة العربية والشرق الأوسط أو تقرأ إعلانات بنفس الحجم عن مجمع صناعات إلكترونية أو عن أكبر شركة لإنتاج المعدات المنزلية الهندسية ولكن هل يتم إنتاج تلك السلع في مصر من اللوريات والسيارات والتليفزيونات والثلاجات والأفران؟ أن أن مكونات هذه السلع يتم استيرادها من الشركات المنتجة لها في الدول الصناعية من أول اليابان وكوريا حتي إيطاليا ولايزيد دور الصناعة المصرية علي التجميع فيما يسمي صناعات ربط المفك وبعضها علي الأكثر لا تمثل المكونات المصنوعة محليا فيه إلا أقل من القليل وفي الأجزاء غير الأساسية.
هل دور الرأسمالية التي يقال عنها صناعية أو القطاع الخاص الصناعي هو عمليات التصنيع التي تضيف قيمة أم مجرد التجميع وتجهيز الإنتاج الأجنبي للتسويق في السوق المحلي.
تصور بعض حسني النية مع بداية سياسة الانفتاح أنه مع تراجع دور القطاع العام فإن الرأسمالية المصرية سوف تجد فرصتها للنمو غير أن التطورات الاقتصادية خيبت تلك الظنون، فقد بدأ الانفتاح بالاستيراد دون تحويل عملة وليس معني هذا القرار ابطال سيطرة الدول علي النقد فحسب بل أيضا إلغاء القدرة علي التحكم في الاستيراد وتعريض الصناعة الوطنية لغزو أجنبي في الوقت الذي كان الاقتصاد القومي مرهفا بنتائج الحرب من 1967 حتي حرب أكتوبر 1973 ورغم أن مصر تحملت اعباء تلك الحروب بالجهد الأساسي للقطاع العام فإن بعد 73 وسياسة الانفتاح تمت عملية مستمرة لتصفية القطاع العام ليس بتحويلها إلي ملكية القطاع الخاص بل بعمليتين في نفس الوقت أولا إهدار القدرات الإنتاجية وتوقف الاستثمار ثم الإحلال والتجديد حتي وصل الأمر إلي توقف الصيانة في الوقت الذي اختلت الهياكل المالية لشركات القطاع العام أما الشركات التي لم يتم تصفية قدراتها الإنتاجية فقد تم بيعها لرأس المال الأجنبي ونموذج الأسمنت صارخ وذلك تحت مقولة البيع للمستثمر الرئيسي.
تحت شعار الخصخصة تم بيع شركات القطاع العام، وإنما هل تمت خصخصة؟ أي هل اشترت الرأسمالية المصرية الأصول الإنتاجية للقطاع العام أم تم تبديد تلك الأصول وافلاسها من ناحية أو بيعها لرأس المال الأجنبي، الرأسمالية المصرية لم تستفد من الخصخصة إنما استفاد الأجنبي بتحويل أرباح مهولة للخارج واستفادت أيضا فئة التجار الذين يبيعون الإنتاج الأجنبي ناهيك عن الفساد وتكوين الثروات دون إضافة قيمة.
تحت شعارات العولمة والتنافسية وحرية رأس المال تم تسليم الاقتصاد المصري لرأس المال الأجنبي وإننا يجب أن نتنبه للدور المرسوم لمصر ومحيط العولمة الجاري حاليا وهي عولمة رأس المال بقيادة أمريكا، تاريخ مصر كان دائما يتمثل في العداء لأي قوة ذات هيمنة عالمية فمصر بموقعها الجغرافي وسكانها الذين يمثلون نموذجا للوحدة الوطنية كانت ذات تأثير جوهري علي سياسة المنطقة العربية والشرق الأوسط وأي قوة استعمارية كان إضعاف مصر وتهميش دورها في المنطقة هدفا أساسيا لها.
دعك من الامبراطورية الرومانية أو الحروب الصليبية إلي فترة محمد علي وكيف تآمرت دول أوروبا عليه عندما تعاظم دوره وكاد أن يحل محل الامبراطورية العثمانية رجل أوروبا المريض، لقد تم بعد سنة 1840 تصفية الصناعة المصرية بداية من ترسانة الاسكندرية التي بنت أسطول مصر من جديد بعد هزيمة نافرين ثم تصفية صناعة السلاح والحديد.
مصر يجب ألا تكون إلا مزرعة قطن لصناعة النسيج البريطانية في العصر الحديث ومع ظهور البترول يجب أن تكون مصر ضعيفة بتصفية الصناعة والافقار التام للشعب المصري بأن تكون مصر عاجزة عن بناء اقتصادها.
الدور المرسوم لمصر حاليا في عصر العولمة ألا يكون لديها صناعة محدثة للقيمة، صناعة قادرة علي تعميق التصنيع والارتقاء إلي الصناعات المتقدمة تكنولوجيا وان تكون مصدرا للخامات كالفوسفات.
هل من المعقول أن يتم تصدير الجلد خاما وينتج عن لك ضرب صناعة الجلود هل من المعقول تصدير خردة النحاس.
أخطر من ذلك ما يتم في مجال المال فما الداعي لبيع البنوك؟ إن سيطرة رأس المال الأجنبي علي التمويل ينتج عنها أولا نزح أرباح البنوك للخارج إنما أخطر من ذلك توجيه التمويل إلي الأغراض غير الإنتاجية ولننظر إلي إعلانات تمويل السيارات وغيرها من السلع الاستهلاكية المعمرة المستوردة في الوقت الذي لا تمول أي غرض انتاجي ولنذكر دور البنوك الأجنبية من أول أزمة الديون التي انتهت بالاحتلال البريطاني حتي أزمة تمويل محصول القطن في الخمسينيات التي أحدثها بنك باركليز والبنك البلجيكي.
تصدر كل يوم تصريحات من الهيئات الدولية تمتدح السياسة الاقتصادية في مصر وتشيد بأن مصر أصبحت مجالا جاذبا للاستثمار إنما أي استثمار في البترول ومحلات البيع التابعة لشركات سلاسل المحلات الاستهلاكية أو السياحة التي تعتمد علي السائحين الذين يمكن إيقاف رحلاتهم بقرار خارجي أو السلع الاستهلاكية الفاخرة الواردة من الخارج.
السياسات المالية لا تترك فرصة للرأسمالية الوطنية المصرية فالمال يتم توجيهه إلي الاستهلاك الترفي والعقارات الترفية فالكم الذي انفق علي المنتجات الفاخرة في الساحل الشمالي كان كفيلا باقامة هيكل صناعي جبار ناهيك عن ارتفاع ثمن الأرض والأسمنت بما لا يترك مجالا لاسكان الطبقات الشعبية أو المتوسطة.
في هذا المناخ يتم احداث ثروات من النشاطات التي لا تحدث قيمة بما يتبع ذلك من الفساد ومزيد من التفاوت في الدخول وزيادة معدل الفقر وتدهور الخدمات من التعليم إلي الصحة.
لقد تكونت في مصر طبقة طفيلية في مناخ الفساد حيث تتكون الثروة دون إضافة قيمة إنتاجية وليس هؤلاء الرأسمالية الوطنية، الغريب أن أحد هؤلاء الذين كونوا ثرواتهم دون إضافة قيمة من الانتاج المحلي يصرح بأن مصر بها عشرات من أمثال طلعت حرب. طلعت حرب لم يكون لنفسه ثروة بل بني صرحا وطنيا من بنك مصر وشركات من أول صناعة النسيج حتي صناعة السينما وانشأ شركة تجارية اسمها شركة بيع المصنوعات المصرية وهم اسم علي مسمي وعندما ضرب الاستعمار البريطاني وحكومة السراي البنك في ثلاثينيات القرن الماضي لم يمش في جنازته عند وفاته إلا أربع أفراد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.