4 كلمات قد تصعقك كالماس الكهربائي، ولكن لا تصدقها رغم محاولات إسرائيل المتكررة تحقيق هذا الهدف واختراق أبرز قطاع اقتصادي حساسية داخل مصر وهو القطاع المصرفي الذي يتولي حاليا إدارة أكثر من 600 مليار جنيه. ولكن ما مناسبة فتح هذا الملف الآن بعد سنوات طويلة من الاغلاق والحسم الشديد من قبل السلطات السياسية والنقدية المسئولة في مصر. المناسبة ما زعمه البعض مؤخرا من أن اسرائيل اخترقت قطاعنا المصرفي بشكل غير مباشر عن طريق الاستحواذ علي بنك ايطالي يمتلك 80% من أسهم بنك الإسكندرية، وزعم هؤلاء ان بنك انتيسا الايطالي الذي استحوذ بداية العام الجاري علي مجموعة سان باولو المصرفية الايطالية ما هي إلا واجهة لبنك اسرائيلي وزعم آخرون ان هناك خططا توسعية لدي المجموعة الايطالية من أبرز ملامحها الاندماج مع احد البنوك الاسرائيلية. وعلي الرغم من ان كبار مسئولي بنك الاسكندرية وعلي رأسهم محمود عبد اللطيف رئيس البنك سارع باصدار بيان نفي فيه بشكل قاطع هذه المزاعم مؤكدا ان انتيسا هو بنك ايطالي مائة في المائة وانه ليس من بين مساهميه مستثمر أو بنك اسرائيلي وأن مساهميه يتوزعون ما بين جنسيات ايطالية وفرنسية وأوروبية علي الرغم من كل ذلك فان السؤال الذي بات مطروحا هو: هل تتوقف محاولات إسرائيل الفاشلة اختراق القطاع المصرفي المصري؟ ومع استمرار فشلها في الاستحواذ علي بنك مصري أو فتح فرع لها في مصر.. فهل ستحاول دخول مصر عبر بنوك تعمل في مصر ويمتلكها أجانب؟ ومع إصرار السلطات المصرفية علي رفض الترخيص بأي كيان مالي إسرائيلي في مصر.. فهل هذا الموقف سيتراجع مع تطبيق مصر الاتفاقيات الصادرة عن منظمة التجارة العالمية خاصة المتعلقة بتحرير تجارة الخدمات المالية والمصرفية؟ ببساطة هل ستصحو يوما علي لافتات معلقة في شوارع جامعة الدول العربية والبطل أحمد عبد العزيز والسودان وميادين التحرير وعبد المنعم رياض ورمسيس وسفنكس تحمل اسم بنوك اسرائيلية مثل لفرومي وديسكونت وديسكوفركارت وMassad وهمزراحي أو ان لافتة معلقة علي مبني تابع بجامعة الدول العربية تحمل اسم هبوعليم وأخري تقع بجوار تمثال الشهيد عبد المنعم رياض تحمل اسم بنك هيشير أو بنك تفحاوت أو بنك ين ليفورمي هريشون أو حتي البنك العربي الاسرائيلي. مسألة صعبة أبرز الظن انك لن تري هذه اللافتات في المستقبل القريب وربما المتوسط ايضا في ظل استمرار الكيان الصهيوني في احتلال الأراضي العربية ورفض التنازل عنها وإعادة احتلال الأراضي الفلسطينية التي سبق ان انسحب منها عقب ابرام اتفاق اوسلو. وبغض النظر عن هذه الاعتبارات التي ترجح صعوبة نجاح إسرائيل في ايجاد موطئ قدم لها داخل مصر فإن هناك اعتبارات أخري تؤكد علي أن هذا الأمر مستحيل سواء من الناحية الأمنية أو السياسية أو حتي الاقتصادية وهو الأمر الذي يعطيه الاسرائيليون جل اهتمامهم وان كان الاعتبار السياسي مهما في محاولة من الدولة اليهودية اختراق المقاطعة الشعبية لكل ما هو إسرائيلي وكسر حالة الجمود في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر باعتبارها أكبر وأهم سوق عربي وإسرائيلي من جانب آخر. الأعتبار الأمني مسئولو الأمن في البنوك والمؤسسات المالية وكذا خبراء الأمن يؤكدون ان هناك صعوبة شديدة في تأمين مواقع فروع البنوك الإسرائيلية في مصر خاصة مع زيادة السخط الشعبي العام وامكانية تعرض العاملين في هذه الفروع لمخاطر شديدة من قبل المتعاملين مع القطاع المصرفي أو رجل الشارع العادي الذي يشاهد بشكل يومي حجم الانتهاكات الاسرائيلية لاخوانهم الفلسطينيين. ويتساءل هؤلاء: إذا كانت السفارة الإسرائيلية بالقاهرة يتم فرض حراسة شديدة عليها لحماية العاملين بها فهل يمكن توفير هذه الحماية للفروع الإسرائيلية ان وجدت؟ وإذا تم حماية الفروع ومقارها.. فمن يحمي العاملين في هذه الفروع؟ هل سيتم تخصيص سيارة شرطة لكل مصرفي موظف بهذه الفروع؟ وفي حالة استعانة الفرع الاسرائيلي بشركة أمن خاصة.. فهل الشركة قادرة علي توفير أمن لموظفي الفرع أثناء دخولهم وخروجهم وخلال سيرهم بالشوارع؟ عنصر التكلفة ويرتبط بالعنصر الأمني عنصر التكلفة.. فالبنوك الإسرائيلية لا تقدم علي أسواق يمكن أن تتعرض فيها لمخاطر شديدة سواء مادية أو أمنية فكل المؤشرات تقول إن فروع هذه البنوك ستتعرض لخسائر في مصر بسبب مقاطعة العملاء لها فحتي هؤلاء الذين يتعاملون مع اسرائيل في الوقت الحالي ومن خلف الستار، لن يجرؤوا علي التعامل المصرفي مع بنوكهم لأن هذا قد يعرض سمعتهم داخل السوق لمخاطر شديدة هم في غني عنها، وأبرز هذه المخاطر مقاطعة منتجاتهم من قبل قطاع عريض من المصريين الذين لايزالون يتمسكون بمقاطعة كل ما هو إسرائيلي أي أن فروع البنوك الإسرائيلية في حالة السماح لها ستتعرض لخسائر مادية فادحة نتيجة أصابتها بالشلل التام فلن تجد أحدا يجرؤ علي ايداع أمواله بها ولن تجد أحدا يقوم بالاقتراض منها ولن تجد مصدرا يطلب فتح اعتماد مستندي أو إصدار خطاب ضمان وغيرها من العمليات المصرفية. وهناك نقطة أخري تتعلق بعنصر التكلفة وهي أن حماية هذه الفروع أمنيا في حاجة إلي نفقات ضخمة قد تتجاوز الايرادات المتوالدة من النشاط. وهنا ستراجع البنوك الاجنبية أي خطط لها للتواجد داخل مصر لعدم التعرض لخسائر قد تطيح بمجالس إدارتها نتيجة غضب المساهمين الذين لا يعنيهم كثيرا اختراق السوق المصري من عدمه.. المهم هو الربح. الموقف الرسمي وإذا نحينا عنصر التكلفة والتأمين جانبا فان السلطات النقدية في مصر الممثلة في البنك المركزي لا تزال تعارض أي تواجد مصرفي اسرائيلي في مصر لأسباب سياسية واقتصادية بحتة وتري ان الوقت لا يزال بكرا جدا علي الموافقة علي هذه الخطوة رغم توقيع اتفاق سلام بين مصر واسرائيل نهاية السبعينيات من القرن الماضي وعلي الرغم من أن السلطات النقدية في مصر لا تعلن صراحة هذا الموقف إلا أنها تصر علي تطبيقه من خلال عدة آليات من أبرزها الفحص الفني لكل البنوك الاقليمية والعالمية العارضة شراء بنوك مصرية والاستفسار عنها جيدا ورفض الطلب المقدم دون ابداء أسباب. كما يتم تطبيق هذا الحظر من خلال رفض السماح بتأسيس بنوك جديدة داخل السوق بحجة وجود "تخمة" مصرفية وينطبق الحال علي فروع البنوك الأجنبية.