دعوة رئيس وزراء العراق نوري المالكي في القاهرة الأسبوع الماضي.. الشركات المصرية للاستثمار في العراق خاصة في المناطق المأمونة أثار الكثير من ردود الأفعال السلبية والايجابية.. فمن ناحية ان الاستثمار في بلد دمرته الحرب ولكنه يملك مقومات الاستثمار خاصة انه بلد بترولي وفي نفس الوقت اتجه كلية للاقتصاد الحر ولكن في المقابل يعد الهاجس الأمني وتردي الأوضاع هناك عقبة أساسية أمام جذب الاستثمارات المصرية والعربية والأجنبية. وأصحاب ال300 مليون دولار الاستثمار الاجنبي المباشر الموجه للعراق هم بالتأكيد من أصحاب القلوب الجريئة.. فالمقولة الشهيرة بأن "رأس المال جبان" تحتاج لإعادة النظر إذا ما كان الأمر يتعلق بالسوق العراقي.. فالكثير من المستثمرين تتعلق انظارهم للحصول علي تعاقد من "صفقات" إعادة الإعمار الأمريكية أو التعاقد مع الحكومة العراقية نفسها أو الدخول للمنافسة في هذا السوق الذي انهارت فيه العديد من الصناعات والخدمات الأساسية، وأصبحت احتمالات الربحية خيالية.. الشهر القادم سيقام في مصر مؤتمر دولي لإعادة الإعمار وهو الأول من نوعه.. لذا آثرنا أن نقدم من خلال هذا التحقيق إطلالة علي الآمال والاخطار الكامنة في السوق العراقي من وجهة نظر بعض التقارير الدولية. بداية مع تقرير برنامج المعونة الأمريكية الصادر في مايو الماضي عن الاقتصاد العراقي تحت عنوان "ازدهار" والذي قدم رؤية لاستراتيجية تنمية الاستثمار في العراق.. وقبل ان نتعرض لرؤية التقرير يجب أن نتوقف أولا أمام الملاحظات المبدئية التي يوردها التقرير عن طبيعة توافر المعلومات عن السوق العراقي لما لها من مدلول عن المناخ الاستثماري هناك حيث يذكر التقرير ان مثل هذه الدراسات تعد من خلال عمل لقاءات مع المستثمرين ومسئولي الحكومة، وكذلك جمع المعلومات من الأرشيف الصحفي والإحصاءات الحكومية وتقارير المؤسسات الدولية كالبنك الدولي إلا أن التقرير يري انه في حالة العراق لا يصلح أن تنفذ أيا من الطرق التقليدية للبحث فالقليل من مصادر المعلومات من الممكن الاعتماد عليها وكل الأمر في النهاية يجب ان يخضع "للتقييم الشخصي" فعمليات العنف جعلت من الصعب تحديد مواعيد للقاء بمسئولي الحكومة وقللت كذلك فرص اللقاء بالمواطنين ورجال الأعمال.. علاوة علي غياب المعلومات الاحصائية عن بعض السنوات وشيوع الشائعات في السوق. تكلفة الأمن ويصف التقرير وضع الاقتصاد العراقي موضحا ان الانتاجية الصناعية في العراق أصبحت محدودة جدا وان العراق يستورد 70% من احتياجاته الغذائية وعن عوائق تنمية السوق العراقي يضع التقرير العوائق الأمنية في الصدارة ويذكر ان تكلفة الأمن ترفع من تكلفة المشاريع بشكل كبير وتحبط التوسع الاستثماري وتحدد الحركة داخل البلاد ويجدر هنا أن نذكر تصريحا لوزير المالية العراقي السابق علي علاوي لمجلة "الفورين بولييسي" الأمريكية العام الماضي والذي أكد ان بيانات أمريكية تشير إلي أن 30% من التكلفة التي خصصتها أمريكا لإعادة الإعمار وجهت لخانة "الأمن". وعودة للتقرير الذي يعتبر القطاع الصناعي العام أكثر من 200 شركة أسسه نظام صدام حسين والذي يوظف مئات الآلاف من العمال وتدفع له الدولة دعما ضخما يعد أحد أهم العوائق في السوق ايضا خاصة انه بعد غزو العراق توقفت بعض مصانع القطاع العام أو قللت انتاجها إلا أنها مستمرة في تقديم الأجور. ويشير التقرير إلي ان الاقتصاد العراقي يعتمد علي القطاع البترولي الذي يمثل 74% من الناتج المحلي الاجمالي وهو قطاع علي الرغم من ربحيته إلا أنه لا يصلح الاعتماد عليه كمصدر رئيسي للعوائد الحكومية ولا يعتبر مصدرا مميزا لتوظيف العمالة. كما يلفت التقرير إلي مشكلة أخيرة وهي ضعف تنافسية القطاع الخاص الصناعي بسبب اعتماد نظام الرئيس صدام حسين علي التخطيط المركزي. سيطرة القطاع العام إلا أن اضطراب الوضع في العراق وإرث النظام السابق لم تكن وحدها العوائق في نظر الاستثمار الاجنبي فتقرير حرية الاقتصاد الصادر عن مؤسسة التراث الأمريكية في بداية العام الحالي نبه الي ان وصول التضخم في العراق الي 33% في المتوسط خلال الفترة من 2003 حتي 2005 من أبرز المشكلات التي تواجه العراق كذلك سيطرة القطاع العام علي القطاع المصرفي.