التحايل في الحصول علي لقمة العيش أصبح عادة مصرية، ولا سيما في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المصريون، ولكن هناك فرقا بين الكسب الحلال الذي يأتي من خلال عمل يتطلب جهدا وعرقا وانتاجا، وبين أخذ أموال دون عمل حقيقي أو وجه حق أو مقابل خدمات، أي بالفهلوة أحيانا، وبالنصب أحيانا أخري. والملاحظ ان عمليات النصب "المصري" قد تطورت في الفترة الأخيرة وتعددت فنون النصابين في الحصول علي الأموال خاصة من البسطاء، ولعل ظهور شركات توظيف الأموال مرة أخري بعد حوالي 15 عاما من غلق ملفاتها رسميا.. يعتبر صورة من تطور فنون النصب لان تلك الشركات أكلت أموال اليتامي والأرامل قبل ذلك، ولكن رغم التحذيرات الإعلامية والأمنية من تلك الظاهرة عادت لتطل برأسها من جديد مرتدية ثيابا أخري وبأبطال جدد يمارسون حرفة النصب بشكل متطور وجديد. وهناك نصب مقننا أو فهلوة مصرية في الحصول علي الأموال "من الهواء" ودون جهد، وبرضاء الضحية، بل ويمارس النصابون الجدد هذا النصب في وضح النهار وعلي قارعة الطريق وتحت بصر وسمع رجال الشرطة، كما إن الضحايا يدفعون نقودهم وهم راضون وفرحون وفي قمة السعادة، لأنهم يطمعون في جوائز ونقود وعوائد ستأتي لهم أيضا دون مجهود. ففي يوم السبت الماضي استوقفت إحدي الفتيات الجميلات الطالبتين رانيا محمد حسن عبد الجواد ورشا محمد نور الدين وهما في السنة الأولي بكلية صيدلة القاهرة.. في ميدان التحرير بجوار محل كنتاكي وطلبت منهما خربشة إحدي الدعوات ونزع الاستيكر من دعوة أخري.. وأبلغتهما الفتاة -التي عرفت نفسها بأنها خريجة كلية التجارة- بأن الطالبتين قد فازتا برحلة مجانية لمدة أسبوع في الساحل الشمالي وعليهما الحضور إلي مقر شركة .... في ميدان سفنكس بالمهندسين لاستلام جائزتهما، وحضور حفل كبير بهذه المناسبة وطلبت الفتاة خريجة الجامعة من كل من رانيا ورشا دفع عشرين جنيها كتأمين لجدية حضور الحفل والسفر إلي الساحل الشمالي مجانا. بالطبع الإيصال الذي حررته الفتاة للطالبتين وبه تليفون الشركة كان وهميا بل عند الذهاب إلي مقر الشركة اكتشفتا ان عليهما دفع أموال أخري في الحفل تتجاوز بالفعل قيمة الرحلة الوهمية. بالطبع تلك عملية نصب "شيك" تتم برضاء الضحايا الذي يحركهم دافع الطمع، بل الدافع وراء قيام فتاة خريجة جامعة باصطياد الفتيات من الشوارع والنصب عليهم والحصول علي مصروفهم البسيط.. هو الفقر والبطالة وأشياء أخري. فليس من المعقول أن تقوم شركة سياحة بالدعاية لنفسها بهذه الطريقة "العبيطة" ولا يمكن أن تتحمل تكاليف سفر فتيات إلي الساحل الشمالي والاقامة أسبوعا مجانا دون مقابل، بل إن هناك أغراضا أخري بالتأكيد إذا صدقت نوايا هذه الشركة إن كان ذلك هو نشاطها الأصلي. والغالب أن هناك شقة مفروشة تضع يافطة وهمية.. استغل صاحبها أو مستأجرها حاجة الشباب الملحة إلي العمل و"سرحهم" في الشوارع من أجل اصطياد البسطاء، وكل همهم هو تحصيل "العشرين جنيها" من الفتيات، وبالطبع يتم انتقاء الضحايا جيدا حتي يمكن الحصول علي أموالهم بسهولة، وتلك طريقة ساذجة ودنيئة في النصب والحصول علي الأموال تتطلب تدخلا من شرطة "الآداب" للقبض علي هؤلاء الفتيات اللائي يصطدن بنات الجامعات، بل لابد أن تداهم مباحث الأموال العامة المقار الوهمية لتلك الشركات لتضع حدا لحالات النصب العلني التي تتم في "عز الضهر" في الشوارع والميادين. ولولا يقظة الطالبتين الجامعيتين رانيا محمد حسن ورشا نور الدين ومطالبتهما بحقهما من تلك الشركة لاستمرت عمليات النصب المقننة في ميدان التحرير. [email protected]