ترددت بين عدة عناوين أصف بها ما آل اليه حال المستهلك في مصر.. لقد أصبح لكل فئة من الفئات ولكل جهة من الجهات المتعاملة في اسواق مصر المحروسة تنظيمات او جمعيات او روابط واتحادات تتحدث باسمها وتعمل علي رعاية حقوقها ومصالحها فانتشرت جمعيات المستثمرين في مختلف المدن الجديدة فضلا عن اتحاد الصناعات الذي يضم الصناع واتحاد الغرف التجارية الذي يضم التجار وكذلك التنظيمات الخاصة بالمصدرين والمستوردين ويبقي المستهلك المصري ينتظر من يتحدث باسمه ويصون حقوقه "إن كان له ثمة حقوق" وانتشرت في البداية جمعيات لحماية المستهلك ولكنها - لأسباب كثيرة - لم تسمن أو تغني من جوع. وظل المستهلك المصري في دعائه المتواصل الي الله ان يهب له من يهتم بأمره ويدفع عنه الشرور والآثام والتجاوزات والاستهبالات - جمع استهبال - فاستجاب الله لنداء الارامل واليتامي والضعفاء والناس الطيبين اهل مصر المحروسة وصدر قانون حماية المستهلك.. واستبشر اهل بلدي خيرا واستمروا في دعائهم وصلاتهم حتي صدرت اللائحة التنفيذية للقانون.. ففرح الناس واستبشروا خيرا وهنأ بعضهم البعض بان الفرج قريب وسوف يصبح لهم ظهر في السوق ولن يضربوا علي بوطنهم بعد ذلك لان من له ظهر لا يضرب علي بطنه اللي له ظهر ما ينضر بش علي بطنه. وشاءت ارادة السميع العليم ان يتم تشكيل الجهاز الذي سيقوم علي تطبيق القانون وهو جهاز حماية المستهلك برئاسة الرجل الفاضل والنائب المحترم سعيد الألفي ومرة أخري وثالثة ورابعة فرح الناس وقالوا لقد أصبح للمستهلك درع وسيف. ومرت الايام والناس تنتظر ان يحدث اي شيء يشير الي وجود الجهاز في الواقع وانه يعمل وفق آليات تقيم الوزن بالقسط ولا تخسر الميزان ولكنهم لم يبصروا او يسمعوا شيئا يحدث في هذا السبيل.. حتي طالعتهم الصحف بأن لجنة حقوق الانسان بمجلس الشعب سوف تبحث في اجتماعها القادم المشاكل التي تواجه جهاز حماية المستهلك وأدت الي منعه من الحركة والعمل وحتي الكلام حتي الان.. وكان السؤال لعل المانع خير ما المشكلة وما القضية؟ هل اغضب الجهاز احد وهو لم يعمل بعد.. هل داس لاحد علي طرف واغضبه؟ ان الاسعار تشدد كيف تشاء ولا احد يستطيع ان يفعل له شيئا والسلع الرديئة والمقلدة تملأ الاسواق وسلع بير السلم تنتشر هنا وهناك فماذا صنع الجهاز ليغضب احدا؟ واكتشف الناس انه لا هذا ولا ذاك قد حدث شيئ منه، المشكلة كما اتضح ونشرت بالصحف ان الجهاز المركزي قد اعترض علي الهيكل التنظيمي الذي وضعه جهاز حماية المستهلك وان السبب في هذا الاعتراض - والعهدة علي الراوي في جريدة اخبار اليوم عدد السبت 27 يناير الجاري - ان الهيكل لم يلتزم بالقواعد المعمول بها في الحكومة وتعجب الناس ولهم ان يتعجبوا لان قانون انشاء الجهاز يعطي له الحق في ان يضم كوادر غير حكومية لا تنطبق عليها اللوائح والنظم المعمول بها في الحكومة. كما ان اللوائح المالية الخاصة بجهاز حماية المستهلك لم توافق عليها وزارة المالية بسبب بسيط وهو ان الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لم يوافق بعد علي الهيكل التنظيمي لحماية المستهلك. من هنا كان ترددي في ان اضع عنوانا لهذا الموضوع هل يكون المستهلك المنحوس او المستهلك المظلوم او المستهلك المكلوم ام شيئا آخر واحترت بين تلك العناوين ومن هذه الحيرة جعلت العنوان المستهلك الحيران باعتبارنا عزيزي القارئ جميعا مستهلكين وكل في الهم شرقا. وقبل ان انهي مقالي عزيزي القارئ علينا ان نستعيد ما بدأناه فنستمر في الدعاء والرجاء حتي يعبر جهاز حماية المستهلك تلك الحواجز والعقبات ويتمكن من مزاولة عمله حماية لنا جميعا وندعو لجنة حقوق الانسان بمجلس الشعب ان تسمعنا صوتها في هذه القضية التي نراها ركنا جوهريا في اقتصاد السوق وحقا اصيلا من حقوق الانسان باعتباره مستهلكا ولعل الاخ العزيز سعيد الالفي بما عرف عنه من صبر جميل واصرار وارادة يحسم تلك الموضوعات ويتجاوز تلك العقبات ونحن جميعا معه سوف نتابع وسوف نطالب بان يكون لحماية المستهلك مكان في اطار منظومة السوق لانه في النهاية - المستهلك - هو الطرف الذي يمثل الطلب والذي نرجو به ان يكون طلبا فعالا وليس مجرد اماني او اوهام يحسبها الظمآن ماء حتي اذا أتاها لم يجدها إلا سرابا.