رغم ان "حماية المستهلك" نظام عالمي سبقتنا اليه دول عديدة في العالم المتقدم فان المستهلك المصري لم يشعر بان حقوقه مصونة رغم كثرة التصريحات المطمئنة بالاضافة الي غياب الآليات التي تساعده او ترشده الي حقوقه في الحصول علي السلع والخدمات والمواصفات والجودة المطلوبة او بمعني ادق عدم وجود قانون خاص لحمايته ومازال الطرف الضعيف في الحلقة.. رغم محاولات جمعيات حماية المستهلك ليكون الطرف الاقوي وأهم حلقة من حلقات الاقتصاد القومي.. كما يطالب رؤساء الجمعيات بوجود خط ساخن لتلقي الشكاوي من المستهلكين ولكن ذلك يرتبط بامكانيات مادية كثيرة وهذا غير متوافر. وعندما وافقت الحكومة علي إنشاء جمعيات حماية المستهلك في عهد د.احمد جويلي وزير التموين الاسبق كان الهدف منها هو ايجاد آلية من المجتمع المدني لتوعية المستهلك ومراقبة القطاع الخاص وحتي الحكومة.. لكن للأسف وعقب التغييرات الوزارية التي حدثت في سبتمبر عام 1999 انعكست الاوضاع الحكومية علي جمعيات حماية المستهلك لدرجة ان احد الوزراء الذين جاءوا لتولي وزارة التموين اصدر العديد من القرارات بحل العديد من الجمعيات واعادة تشكيلها وسرعان ما تكشف الامر حيث كان يرغب الوزير في بسط يد الحكومة علي هذه الجمعيات حتي تحولت جمعيات حماية المستهلك في القاهرة الكبري والمحافظات الي ما يشبه المكاتب التموينية التابعة لوزارة التموين. الأغرب من ذلك ان الاتحاد العام للغرف التجارية الذي كان من المفترض ان يكون رائدا لتلك المنظمات قد تحول لأسباب خاصة الي آلية من آليات الحكومة خاصة بعد ان قامت الحكومة بالشروع في اصدار قانون جديد لحماية المستهلك تبين ان الهدف منه هو سيطرة الحكومة علي ذلك التنظيم الاهلي. وفي الوقت الذي ينتظر فيه الرأي العام معرفة دور حماية المستهلك والذي لم نستطع ان نفرق فيه بين الاتحاد وجمعيات حماية المستهلك يخرج علينا رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية ليعلن ان الاتحاد لم يتلق اية شكوي ضد اي تاجر في تاريخ الغرف التجارية رغم حالة الفوضي والتلاعب التي تمر بها الاسواق ورغم اعلان الاتحاد لاكثر من مرة قوائم بيضاء واخري سوداء للتجار الجشعين الذين يستغلون الازمات. "الاسبوعي" تفتح ملف ارتفاع الاسعار وجشع التجار ودور جمعيات حقوق المستهلك والاتحاد العام للغرف التجارية في السيطرة علي الاسعار المتزايدة للسلع والتي لم تقتصر علي السكر فقط بل امتدت الي اللحوم والاسماك بحجة شدة الاقبال عليها بعد "انفلونزا الطيور". وتؤكد الدكتورة سعاد الديب رئيس الجمعية الاعلامية للتنمية وحماية المستهلك ان وجود "خط ساخن" لتلقي شكاوي المستهلكين سيكون علي رأس اولويات خطة عمل جمعيات حماية المستهلك خلال الفترة القادمة مشيرة الي ان هذا الخط يحتاج لامكانيات كبيرة كما يحتاج لجهاز عبارة عن فريق عمل قادر علي التواصل المباشر مع الاجهزة المعنية للمتابعة المستمرة لحل اية مشكلة تطرأ علي المستهلك. وتوضح د.سعاد الديب ان هناك جهودا كبيرة بذلت لوجود قانون يؤكد علي قوة جمعيات حماية المستهلك مثلما يحدث في الدول الاخري. وتشير الي انها تأمل في الفترة القادمة ان تكون لدي الدولة قناعة بعد صدور قانون حماية المستهلك بأهمية الجمعيات موضحة ان الجمعيات في الخارج لها شأن كبير وتعتبر جزءا اساسيا من النظام الاقتصادي في الدولة وليست مجرد ترفيه او تأدية واجب تطوعي او اختياري ولكن لها دور معروف ومعلوم للجميع. كما انها تتسم بالتوازن ولا تنصر طرفا علي حساب طرف آخر. وتضيف د. سعاد الديب أن الدولة في إطار تطبيق نظام الاقتصاد الحر تعمل علي تقوية رجال الأعمال والمستثمرين والمنتجين وأنه من الأولي أن يكون الطرف الثاني وهو المستهلك طرفاً ضعيفاً وتؤكد أن المستهلك لن يقوي إلا إذا كان للجمعيات دور أساسي، وتفعيل هذا الدور لن يتم إلا بعد صدور قانون حماية المستهلك الذي منح لها عدة حقوق رغم ما به من أخطاء فنية كثيرة. موارد ثابتة وتوضح الديب أن الجمعيات لن تقوي علي ممارسة دورها المنوط بها إلا إذا كانت لها موارد مالية ثابتة لأن المستهلك لن يتحمل أية تكلفة تتحملها الجمعيات في سبيل الحصول علي حقه، كما أنها محتاجة أيضاً للدعم الفني من الحكومة والجهات المعنية. وتشير د. سعاد الديب إلي أنها طلبت ذلك رسمياً من المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الذي أبدي تفهماً كبيراً وأبدي استعداده التام لتفعيل دور هذه الجمعيات في حماية المستهلك، كما طلب الوزير من الغرف التجارية واتحادها العام أن يكون هناك تعاون وتواصل مع جمعيات حماية المستهلك وبحث شكاوي المستهلكين وليس التجار فقط، ووجود ثقة متبادلة بين الطرفين.