لا تزال جودة المنتج المصرى هدفا تسعى الحكومة للوصول إليه سواء بتطبيق المواصفات المتوافرة أو بإعداد مواصفات جديدة تقوم بها هيئة المواصفات والجودة التابعة لوزارة التجارة والصناعة، خصوصا أن العديد من السلع لا تخضع لمعايير ومواصفات واضحة، وهو ما أدى إلى انتشار منتجات بالأسواق غير آمنة مثل بعض السلع المستوردة والمنتجة محليا، على السواء، وذلك فى الوقت الذى حسم العالم المتقدم، فيه، قضية الجودة منذ سنوات بأن وضع معايير ثابتة وصارمة للمنتجات والخدمات، التى تقدم للمستهلك، على اعتبار أن المنتج الجيد هو الذى يحقق بل يفوق توقعات المستهلك، وأن ضمان الجودة من أهم حقوق المستهلك. وأصبح الاهتمام بهذه القضية لا يقتصر على الجهات الرسمية بل بمشاركة منظمات وجمعيات المجتمع المدنى، وفى مقدمتها جمعيات حماية المستهلك، ومن هذه الزاوية، قامت الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك بتنظيم مؤتمر حول قضية الجودة الشاملة شارك فيه عدد من المسئولين والخبراء. وقال الدكتور هانى بركات، رئيس هيئة المواصفات والجودة، إن حماية المستهلك هدف مهم وصعب يحتاج الى تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدنى، مشيرا إلى أهمية وضع تصور جديد لضمان سلامة المنتج فى مصر ليصبح آمنا وصحيا بهدف زيادة ثقة المستهلك فى المنتج المصرى، وأضاف بركات: «لقد قمنا بعمل استفتاء عن المنتجات المصرية والأجنبية وكشفت النتائج عن انخفاض واضح فى ثقة المستهلك فى المنتج المحلى، على الرغم من وجود منتجات رديئة ومقلدة وغير مطابقة للمواصفات تملأ السوق، لكننا عشنا سنوات نقبل بوجود سلع أقل سلامة لأننا دولة نامية ولن نقبل أن تكون المواصفة المصرية أقل من مثيلتها الدولية». وأوضح بركات أن الهدف القريب هو رفع مستوى مواصفات السلامة المصرية إلى المستوى الدولى وحماية السوق المصرية من سيل السلع المستوردة التى لا تراعى السلامة الدولية خصوصا أن المواصفة هى خط الدفاع الأول أمام المنتج المستورد الذى يفتقد السلامة، مؤكدا إطلاق أول علامة سلامة مصرية للمنتجات سيتم خلال الأسابيع القليلة القادمة ليلتزم بها الصانع والتاجر، ويمتنع تداول سلع غير آمنة، وبالتالى ستكون هذه العلامة مهمة لمنع السلع العشوائية وتجفيف منابعها. مواصفات جديدة فى هذا الإطار انتهت هيئة المواصفات والجودة من إعداد ثلاث مشروعات لمواصفات جديدة، وهى مواصفة الألبان ومنتجاتها ومواصفة لعب الأطفال ومستلزماتهم، والتى تشكل أعلى المنتجات خطورة، بالإضافة إلى مواصفة جديدة للسيارات ومكوناتها سيتم تطبيقها تدريجيا. تقول المهندسة عبير عبدالمنعم، بهيئة المواصفات والجودة، إن مواصفة الألبان تتوافق مع المواصفات الأوروبية، ولن تقتصر على المنتج النهائى وإنما ستتم بأسلوب التتبع بداية من إنتاج اللبن من المزرعة مرورا بعمليات النقل والتخزين والتصنيع حتى الوصول للمنتج النهائى وستراعى المواصفة نسبة الدهن باللبن ونسبة لبن البودرة. وأكدت عبدالمنعم أنه لن يتم السماح لأى منتج بعرض ألبان لا تلتزم بالمعايير، خصوصا أنه يجرى حاليا حصر لمعامل الاختبارات وفقا لنظم الاعتماد الدولية وأن الهيئة لن تعتمد على المعامل الحكومية فقط لتقديم خدمة الفحص والاختبار، لكن ستمتد إلى معامل خاصة لتوسيع دائرة الانتشار الجغرافى فى المحافظات. وترى المهندسة أمل الحناوى، إحدى المسئولات عن وضع المواصفات، أن المواصفة الخاصة بالاشتراطات الأساسية للعب الأطفال أعدت وفقا للنظام الأوروبى وضمت 6 اشتراطات أساسية ميكانيكية وكهربائية وكيمائية إلى جانب اختبارات لقابلية الاشتعال. وقالت: «تأتى مواصفات السيارات فى مستوى أكثر أهمية، بعدما أكدت الإحصاءات أن 30% من حوادث الطرق سببها مواصفات المركبة لعدم التزامها بالمعايير»، لافتة إلى أن الهيئة قامت بمراجعة المواصفة الحالية لإعداد مواصفات مصرية بمعايير عالمية لتوفير أعلى مستويات السلامة وحماية البيئة وتوفير الطاقة. وأوضحت سارة محمد، المهندسة بالهيئة، أنه يوجد فى مصر 56 شركة ومصنعا تنتج سيارات إلى جانب 156 مصنعا لإنتاج مكونات وقطع غيار السيارات وأن عدد المركبات زاد من 196 فى عام 96 الى 1.4 مليون خلال عام 2009، كما أن هناك 33 ألف حادث وقعت فى عام 2007، بسبب المركبات بزيادة 25% عن العام السابق له، وقالت: «من بين الآثار الضارة للسيارات غير المطابقة للمواصفات مساهمتها بنسبة 26% فى ملوثات البيئة، وبنسبة 90% فى تلوث غاز أول أكسيد الكربون، و50% من أكسيد النيتروجين بما يتطلب وقف تأثير ذلك على المواطن، مؤكدة أن المواصفة الدولية تتضمن 126 معيارا، وأن مصر ستبدأ بتطبيق 10 معايير لتحقيق الجودة تشمل الإطارات، المرايات، عداد السرعة، الأبواب، اللمبات، الكلاكس، تلوث البيئة، الفرامل. 2010 عام المستهلك وحول دور الرقابة فى التأكد من سلامة المنتج أوضح اللواء محمد أبوشادى، رئيس قطاع التجارة الداخلية، أن حماية المستهلك ليست ترفا لكنها حق أصيل للإنسان المعاصر، وقال: «هناك تعاون وتنسيق بين القطاع وهيئة المواصفات والجودة ووزارة الزراعة والصحة ومفتشى الأغذية لمحاصرة السلع العشوائية»، وطالب أبوشادى، بأهمية أن يكون عام 2010 هو عام المستهلك المصرى، لافتا إلى أن الحكومة يجب عليها حماية المنتج والموزع لكن الأهم انحيازها للمستهلك، كما طالب المستهلك بعد الشراء من الباعة الجائلين أو الشراء عن بعد موضحا أنه برغم مرور 20 عاما على التجارة الإلكترونية فإن التجارة الداخلية تمثل نسبة 20%. فى عالمنا العربى لغط كبير فما زال الليبراليون وأصحاب البيزنس والمصالح مسيطريين على مقدرات المستهلكين الاقتصادية بحسب الدكتور محمد عبيدات رئيس الاتحاد العربى لحماية المستهلك، مشيرا الى أن أى مواصفة تحتاج اجراءات عملية لتنفيذها للتأكد من الالتزام بتطبيق المواصفة. وشدد على أهمية أن يوجد فى دائرة هيئات المواصفات والمقاييس أشخاص مدربين إلى جانب تطوير المختبرات لفحص جميع المنتجات من سلع غذائية وأدوية وسلع مصنعة، لافتا الى أن كل قطعة صغيرة فى لعب الأطفال بدولة مثل فرنسا تخضع للفحص، بينما 90% من لعب الأطفال المستوردة بالدول النامية لاتخضع للاختبار وتأتى من الصين، وهى ضد صحة وسلامة الأطفال. الفصل بين محتكر الخدمة وحماية المستهلك احتكار اجهزة حكومية كالاتصالات والكهرباء ومياه الشرب لتقديم الخدمة ووجود أجهزة لحماية المستهلك بها أثار انتقاد البعض، الذين يرون أن بها شبهة تعارض وهو ما أكده عبيدات، مشددا على أهمية عدم تبعية أجهزة حماية المستهلك لوزارات، مشيرا إلى أن هذه الأجهزة لا يجب أن يرأسها تاجر، أو صانع أو ذو مصلحة ولكن تكون هيئة مستقلة يديرها كادر معنى بحماية المستهلك، فى حين هاجمت سعاد الديب رئيسة الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك، عدم استجابة الأجهزة الحكومية المسئولة عن تقديم الخدمة لشكاوى المستهلكين مشيرة إلى كثرة عدد الشكاوى الواردة بشأن المحمول من شركات يشرف عليها الجهاز القومى للاتصالات ولاتجد صدى أو استجابة للحلول من الشركات لأنها تعلم أن الجهاز يدللها ولا يتخذ إجراءات رادعة ضدها، بينما دوره الأساسى هو الرقابة وضمان جودة تقديم الخدمة، وأشارت إلى سوء خدمة التليفون الهوائى، مطالبة أن يهتم الجهاز بحل هذه المشكلة وتحسين الأداء أو إلغاء الخدمة كذلك انتقدت الديب جهاز حماية المستهلك بمرفق الكهرباء، والذى وصفته بالخصم والحكم فى آن واحد، مشيرة إلى شكاوى البعض من تذبذب التيار الكهربائى، الذى يؤدى الى احتراق الجهزة المنزلية ويسبب خسائر فادحة للعملاء والذى من حقه ان يرفع قضية ضد المرفق والمفروض أن جهاز حماية المستهلك بالمرفق يساعده على ذلك، لكنه جهاز حكومى وأكدت سعاد الديب أنها طالبت الدكتور هانى بركات بإعداد مواصفة قياسية خاصة بالخدمات الحكومية تكون مرشدة للجهة الحكومية غير الملتزمة بحماية للمستهلك.