يشير الزحام في متاجر "أسدا" البريطانية الي ان هناك رواجا في مبيعات هذه المتاجر ولكن التدقيق في الصورة يؤكد ان شيئا غير ذلك هو الذي يحدث.. فزبائن "أسدا" غالبا من النوعية الافقر والشباب الاقل دخلا وتري مجلة "الايكونوميست" ان المكابدة التي يعانيها "أسدا" لزيادة مبيعاتها لها تأثير لا يمكن نكرانه علي متاجر وول مارت الامريكية التي سبق لها ان اشترت "أسدا" عام 1999 مقابل 10.8 ملياردولار (6.7 مليار جنيه استرليني) فمتاجر "أسدا" هي أكبر انشطة وول مارت خارج السوق الأمريكي وتدر نحو نصف ايراداته الدولية وتمثل نحو عشر مبيعاته الكلية والاكثر اهمية هو ان نجاح "أسدا" أو عدم نجاحه يعد اختبارا لقدرة وول مارت علي تصدير سياسته في تخفيض الأسعار الي الاسواق الاخري. كان نجاح وول مارت في الخارج محدودا ففي العام الحالي انسحب وول مارت كليا من كوريا الجنوبية حيث فشل في جذب ربات البيوت الكوريات وفك شفرة عاداتهم في التسوق ومن المانيا حيث لم يستطع أن يتغلب علي متاجر الخصم الاخري في مسألة الأسعار. ولكن بريطانيا كانت دائما هي أمل وول مارت الكبير لانها بلد تسود فيه ثقافة السوبر ماركت وتتشابه عادة التسوق فيها مع عادات التسوق الامريكية حيث يفضل البريطانيون التسوق من متجر واحد بدلا من عدة متاجر مثل الألمان علي سبيل المثال. وقد وجد وول مارت في "أسدا" رفيق طريق فقد كانت متاجر"أسدا" تنمو بسرعة مستخدمة أساليب مشابهة لتلك التي استخدمتها وول مارت في البداية لكي تنمو بسرعة. وبعد عام 1999 ظلت متاجر "أسدا" تنمو لعدة سنوات وفي عام 2003 حظيت بنصيب طيب من السوق البريطاني واشترت سنسبوري التي كانت أصلا متاجر للطبقة الوسطي وأصبحت "أسدا" تحتل المركز الثاني في السوق البريطاني بعد تيسكو التي يبلغ نصيبها ثلث السوق تقريبا. ولكن عادات وأذواق واتجاهات المستهلكين البريطانيين في تلك السنوات كانت آخذة في التغير فالأسعار المخفضة ميزة "أسدا" الرئيسية لم تعد بذات الأهمية السابقة فمنذ 40 سنة كان ربع دخل الأسرة البريطانية يذهب إلي البقالة في حين هبطت النسبة الآن الي 9% فقط.. كذلك شاعت سياسة تخفيض الأسعار بين محال السوبر ماركت البريطانية وكانت النتيجة هي أن فوارق الأسعار بين المتاجر قلت كثيرا جدا وعلي سبيل المثال فإن شراء 100 سلعة معتادة من تيسكو تكلف 97.173 جنيه استرليني ونفس هذه السلع بنفس الكميات تشتري من "أسدا" مقابل سعر أقل 74 بنسا فقط وذلك حسب قوائم الأسعار السائدة في السلسلتين من المتاجر ولو قارنت سلة مشتريات اكبر تحتوي علي 10 آلاف سلعة فإن النتيجة لن تختلف. وفي دراسة صدرت عام 2006 عن مركز IGD لابحاث تجارة البقالة تبين أن 42% فقط من المتسوقين هم الذين يهتمون بفارق الاسعار مقابل نسبة 46% في عام 2003 أي أن اهتمام المتسوقين بالاسعار بدأ يقل ومع ذلك فمازالت حملات "أسدا" الإعلانية تركز علي الاسعار الرخيصة بدلا من الحديث عن مدي جودة السلعة المبيعة. اضف إلي ما تقدم ان عادات البريطانيين في الطهي قد تغيرت.. فالناس تطهو وجباتها علي عجل وتفضل الأكل خارج البيت وتجربة أطعمة جديدة.. ولم يعد الناس يهتمون بالشعارات عند التسوق وانما يبحثون عن الاشياء السهلة. ورغم ان الاغذية العضوية بدأت تغزو السوق فإن "أسدا" لم يهتم ببيعها للمتسوقين، صحيح أنها لاتزال تمثل مجرد 1.5% من جملة الاغذية إلا انها تنتشر بسرعة وهذا امر يعترف به أندي بوند الرئيس التنفيذي لمتاجر "أسدا" ويحاول ان يبحث له عن حل. وفي حين لجأت متاجر تيسكو وسنسبوري وويتروز الي بيع الاغذية الممتازة فان "أسدا" لم يفعل ذلك.. وهذه الاغذية هوامش ربحها اكبر الي جانب انها تجتذب زبائن ذوي قدرة أعلي علي الشراء وفي استطلاع للرأي قال 2% فقط انهم يختارون سنسبوري بسبب أسعاره الرخيصة في حين قال 31% انهم يشترون منه لجودة سلعه. والنتيجة ان مبيعات تيسكو وسنسبوري تزيد الآن اسرع من زيادة مبيعات "أسدا" الذي هبط نصيبه من السوق الي 16.7% فقط واعترف قادته بانهم تراجعوا ليس في حجم المبيعات فقط وانما في الارباح ايضا ويحاول بوند علاج هذه النواقص ولكن دون جدوي ويعترف الرجل بان "أسدا" في مأزق حاليا بسبب تغير عادات واتجاهات المتسوقين البريطانيين وان الخروج من هذا المأزق يستلزم بعض الوقت.