حين تولي د.ناصر الانصاري منصبه كرئيس للهيئة العامة للكتاب خلفا للراحل الدينامو د.سمير سرحان قلت لنفسي "هاهي فرصة جديدة كي نعيش من جديد مع روائع ما انتجته هذه الهيئة في عهودها السابقة من ايام الكريم والجليل امد الله عمره شيخنا محمود امين العالم ومن بعده رجل شديد البأس والعلم معا هو د.عبدالرزاق حسن ثم الاستاذة الرائعة سهير القلماوي واستاذي الشخصي النادر الوجود الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور. كان لكل واحد من هؤلاء بصمة مؤثرة علي العقل العربي. واما السبب الذي قلت من اجله هذا الكلام فثقتي بغير حدود في ان ناصر الانصاري بعقليته المرتبة وبنسق تفكيره الدارس لكيفية التعامل مع البشر ثم بحكم عمله لسنوات في ادارة واحدة من ارقي مراكز الفنون في الشرق الاوسط وهي لدار الاوبرا المصرية وقد تسلمها من مفكر له قيمة هو الاستاذ الدكتور طارق علي حسن واثبت ناصر في ادارة الاوبرا نجاحا مرموقا ومن بعد ذلك انتقل الي ادارة معهد العالم العربي بباريس وكان له بصمة مؤثرة بكل المقاييس واخيرا عاد الي القاهرة ليتولي الهيئة التي ازدحمت في عهد سمير سرحان بكثرة الكتب الصادرة وقلة الجودة في الطباعة ولكن هذا لاينفي الجهد الجليل الذي بذله سمير سرحان سواء في سلسلة الالف كتاب الثانية او سلسلة مصر للمصريين وهما سلسلتان بهما من الكنوز مايفوق الخيال يكفي ان اذكر ان توفلر اول من تحدث بشكل عملي وعلمي عن سرعة المستقبل بانجازاته التي تدهمنا وجد لنفسه مكانا في تلك السلسلة ويكفي ان تاريخ الفلسفة في العالم وجد طريق الينا من خلالاها ولكن الطباعة كانت من الرداءة فوق ما يتخيل العقل. ونفس الامر كان ينطبق علي سلسلة مصر للمصريين هل اقول ان ارقي ما قرأت في تاريخ مصر القديم كان هو كتاب مصر الخالدة للاستاذ الدكتور عبدالحميد زايد؟ هل اقول ان أسوأ كتاب من ناحية الطباعة هو ايضا كتاب مصر الخالدة؟ هل اقول ان واحدا من ارقي الكتب الانسانية عن حرب الاستنزاف قد صدر في جزءين من تلك السلسلة وهو من تأليف اثنين يشهد لهما التاريخ العسكري المصري بإبداع وتواضع وشجاعة هما اسلام توفيق المقاتل الشرس في صفوف منظمة تحرير سيناء بقيادة البطل الشهيد ابراهيم الرفاعي والمقاتل الكاتب الصحفي عبده مباشر وانني اشتريت من هذا الكتاب نسخة لكل واحد من ابنائي حتي يعرفوا لمحة عن بطولات مهدت لحرب اكتوبر؟ ولكن يمكنني ايضا ان اقول ان طباعة هذا الكتاب كانت اقل من متوسطة. وحين اتصلت هذا الاسبوع بالدكتور ناصر الانصاري اهداني الرجل نسخة من سلسلة جديدة اسمها الجوائز واشهد ان رقي الطباعة وجودة الكتاب الحائز في الاداب علي جائزة نوبل دفعني ان اقول كتابة عزيزي د.ناصر الانصاري: ان جودة الطباعة تفوق الخيال وكل ما ارجوه ان تقدم لنا سلسلة مختارات من تراث الهيئة وتطبع فيها علي سبيل المثال لا الحصر ترجمة كل روايات ديستوفسكي ومؤلفات د.ثروت عكاشة وترجمات الجليل الذي نسيناه علي الرغم من انه ترجم ما يحذرنا من مرارة ما نعيش من وقائع في ايامنا وهو د.احمد نجيب هاشم مترجم كتاب القياصرة القادمون ومقدمه لنا عام 1970 وقد اهداه لي واحد من اقرب المقربين لجمال عبد الناصر وقال لي ان في هذا الكتاب رحلة نمو الولاياتالمتحدة كي تسيطر علي مقدرات العالم. ان من حقك ان تنال منا الشكر د.ناصر علي جودة الطباعة والشكر يتبعه الرجاء بأن تنشر لنا بجانب الجديد بعضا من تراث مطبوعات الهيئة لتحيا ذاكرتنا ولها جذور.