يواجه قطاع التشييد والمقاولات تحديات عدة تتجاوز المشاكل القديمة التي واجهتها خلال الأعوام الماضية بسبب سعر الصرف وتأخر الحكومة عن سداد مستحقات المقاولين وتتمحور في سوء التخطيط والتسويق في الاستثمار العقاري. ناقش "الأسبوعي" كل هذه القضايا مع محمد عجلان رئيس لجنة صناعة التشييد بجمعية شباب الأعمال حول أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع خلال الفترة القادمة بدءا من منافسة الشركات الأجنبية إلي تنظيم التشريعات المتعلقة بتعاقدات السوق المحلي وتوقعاته عن نمو السوق في الفترة القادمة في ظل برنامج الحكومة، وكانت إجابته صريحة ومباشرة تحمل في مضمونها رسالة تحذير من أن سوق المقاولات بأوضاعه الحالية لن يجعلنا مستعدين لمواجهة المنافسة بعد تحرير خدمات المقاولات، وفيما يلي نص الحوار. * في إطار تحرير تجارة الخدمات في مصر ومن بينها المقاولات كيف ترصدون مدي استعداد سوق المقاولات المصري لهذه الخطوة؟ ** الشركات المصرية غير مستعدة بالمرة لهذه المنافسة فهناك العديد من الدول المجاورة لمصر تصدر هذه الخدمة بميزات تنافسية عالية منها الشركات الأوروبية والأمريكية التي تتمتع "بسر الصنعة" لأنماط معينة من الإنشاءات لا تجيدها الشركات المصرية، ومن ناحية أخري تتميز الشركات الصينية بانخفاض تكلفتها حتي عن أسعار الشركات المحلية وهذا ما يظهر لنا في حال المقارنة السعرية مع اسعار عملياتها في دول كالسودان والجزائر إضافة إلي سرعتها في التنفيذ ومرونتها في التفاوض أضف إلي ذلك أيضا خطورة الصين علي الاقتصاد القومي لأنها لا تستخدم أي عمالة من أبناء البلد وهناك منافس ثالث سيظهر أيضا بعد تحرير التجارة وهو شركات الخليج ولبنان حيث تتميز بالإدارة المنظمة والتي تفوقت فيها علي العديد من الشركات المصرية، وفي المقابل نري كيف تراجع مستوي تصدير خدمة المقاولات المصرية إلي دول المنطقة والتي كنا رائدين فيها منذ 30 سنة والآن أصبحت شبه منعدمة، واود ان اشير هنا إلي ان العمليات الكبري التي تم تنفيذها مؤخرا ودخل فيها المنافس الأجنبي من خلال تمويل البنك الدولي المشروط بعقد مناقصة دولية حيث فازت بها الشركات الدولية، وهو ما يعطينا مؤشرا لأوضاعنا بعد تحرير هذا القطاع. * الملاحظ علي سوق المقاولات انه دائما مغلق علي الاسماء الكبري ولا يدخل الصغار إلا من باب "الباطن" هل في السوق المحلي حرب تكسير عظام اضعفت من المستوي العام بالسوق؟ ** لا أنا لا أري ذلك في السوق المحلي، ولكن السوق نفسه غير منظم هو لا يساعد علي النمو فاحصائيات اتحاد المقاولين تقول إن 55% من الشركات المسجلة بالاتحاد رأسمالها أقل من نصف مليون جنيه والشركات الكبري لا تتعدي 3%، وهي شركات كبري بالنسبة للسوق المصري فقط وليس علي المستوي العالمي وهناك عدة أسباب وراء ذلك منها قصور آليات التعاقد والتي كثيرا ما تعرضهم لتعثر وتعطل نموهم علاوة علي ضعف آليات التسويق والإدارة. * ولكن من الملاحظ هيمنة الأسماء الكبري حتي علي خدمات التصميم المعماري والتي لا تتطلب إنشاء شركات برؤوس أموال كبري؟ ** في هذا المجال تتمتع مصر بمهارات فردية متميزة وعالية جدا ولكن هذه الشركات تفتقر إلي آليات التنسيق فهناك العديد من الشركات الخليجية الآن فتحت مكاتب في مصر للتعامل مع هؤلاء المصممين وتصدير تصميماتهم عن طريق شبكة الانترنت إلي دولهم بل وأصبحت هناك شركات مصرية تعمل في التصميم من الباطن مع شركات أوروبية عن طريق الانترنت أيضا يرجع ذلك إلي انخفاض سعر ساعة المصمم في مصر علي المستوي العالمي ولكن مشكلة هذا القطاع أنه يعمل بشكل فردي ولا يفكر في التكتلات حتي يكتسب سمعة في السوق ويسوق تصميماته لذلك ينمو ببطء. * مازال نصيب التمويل البنكي للاستثمار العقاري في مصر محدوداً جدا بالرغم من خروج السوق من حالة الركود السابقة.. لماذا؟ ** مشكلة لتمويل البنكي في سوق الاستثمار العقاري لا تقتصر علي أنماط بعينها من الشركات فهناك شركات تسثمر في مشروعات ضخمة وترفض البنوك اقراضها وهناك شركات متوسطة وتقبل البنوك اقراضها وعندما قمنا في جمعية شباب الأعمال باستطلاع رأي البنوك حول سبب احجامها عن اقراض هذا القطاع قالوا لنا إن لها 3 شروط لاقراض العميل أولا أن يكون حسن السمعة ثانيا أن تكون شركته بها هيكل تنظيمي بمستوي جيد ثالثا أن تكون إدارته المالية وإدارته للمواد تتم بطريقة محترفة. * وهل يوجد مستثمر يعمل في مشروع "بالمليارات" وتوجد بشركته مشكلات إدارية؟ ** نعم.. هذا واقع ولشركات متوسطة الحجم تتعامل معها البنوك لأنها تدار بطريقة علمية بينما هناك شركات كبري مازالت تقوم علي إدارة الرجل الواحد وهذا ما يفسر لك أسباب وجود مجمعات سكنية تباع فور طرحها في السوق ومجمعات أخري يعلن عنها أسبوعيا ولا تجد المشتري. * صرح اتحاد المقاولون سابقا بان هناك الالاف بالاتحاد علي وشك الافلاس بسبب تأخر التعويضات الحكومية عن ازمة عام 2003 بعد تعويم الجنيه ما حجم الشركات التي افلست الآن بالفعل؟ ** هناك البعض حصل علي تعويضاته بالفعل وهناك من لم يحصل والاتحاد صرح من قبل ايضا بأن 70% من اعضائه لم يجددوا عضويتهم وهو من الممكن ان نعتبره مؤشرا علي افلاسهم لكن المشكلة ان الاتحاد لا يعمل بشكل علمي فهؤلاء المنسحبون ايضا من الممكن أن يكونوا من غير الراضين عن مستوي خدمة الاتحاد او من وجدوا أنهم يتعاملون مع جهات اسناد لا تشترط عضوية الاتحاد لذلك فنحن في حاجة ماسة لدراسة دقيقة لحجم الشركات المفلسة. * هل تعتقد ان غياب نقابة المهندسين بسبب تجميدها اسهم في تعميق الأزمة؟ ** المشكلة اننا دائما ما نخلط التخصصات فنقابة المهندسين اختصاصها يتعلق بالمهندس نفسه واتحاد المقاولين نفسه ليس من اختصاصه الدفاع عن قضايا الاستثمار وإنما يجب ان يكون للمستثمرين العقاريين جمعيتهم الخاصة كما يجب ان ينفصل الاستشاريون عن نقابة المهندسين وتنشأ لهم جمعيتهم الخاصة التي تعمل علي تصنيفهم علي أساس اقتصادي وهذا ما ننادي به من خلال جمعية شباب الاعمال. * هل تتوقع في ظل خسائر شركات المقاولات وركود منتجات شركات الاستثمارات العقاري ان تتحقق طفرة النمو في بناء العقارات السكنية التي يعد بها برنامج الحكومة خلال السنوات القادمة بمعدل 83 الف وحدة سنويا بالرغم من ان المعدل الحالي لا يتعدي نصف هذا الرقم سنويا؟ ** لا أحد ان ينكر ان سياسات الحكومة قد حركت عجلة الاقتصاد وان الاستثمار العقاري يشهد الآن نموا حقيقيا فصحيح ان هناك ركوداً في بعض المجمعات السكنية الا ان هناك مناطق اخري ينمو عليها طلب بناء مساكن جديدة وبشكل عام اتوقع ان تنفذ الحكومة تعهداتها الا انه من الصعب جدا ان تحقق هذه الوعود هذا العام فبالرغم من مؤشرات القطاع التي تدعو إلي التفاؤل الا انه ليس مؤهلا إلي أن يحقق هذه القفزة هذا العام. * هل تتوقع ان تتجه اسعار مواد البناء الي الارتفاع وتؤثر علي أسعار العقارات في الفترة القادمة؟ ** بالنسبة للاسمنت اتوقع ان يزيد ليصل إلي ما بين 350 و 360 جنيهاً للطن خلال الشهور القادمة وهذا يرجع إلي الاحتكارات العالمية التي تمارس في هذا القطاع ويتأثر بها السوق المصري باعتباره سوقا منفتحا اما حديد التسليح فهو مرتبط ببورصة البيليت اضافة إلي وجود مورد وحيد لذلك 69% من احتياجات السوق كما توجد مشكلة "الاكواد" والتي ترفع تكلفة العقار في مصر علي الأقل 20% وهي مشكلة تتعلق بان معامل الأمان في المنشآت يضعه المصممون عاليا جدا لانهم لا يثقون في جودة اداء المقاولين وهذا ما نحاول كجمعية شباب الأعمال ان نبحثه مع مركز بحوث الاسكان من خلال انشاء لجان دائمة لتطوير الكود المصري لكي يتلاءم مع مثيله العالمي والعمل بالتوازي علي تطوير نظم تصنيف اتحاد المقاولين لشركات المقاولات لكي تقوم علي الجودة والأمن الصناعي والتسويق وليس عدد الموظفين وهذا الي جانب التشريعات الجاري اصدارها والتي ستنظم السوق بشكل أفضل.