هل زيادة رأسمال البنك تعني بالضرورة زيادة قدرته علي تحقيق الأرباح؟ هذا التساؤل اثاره اتجاه العديد من البنوك الي الاستحواذ علي بنوك اخري خلال الفترة الماضية وزيادة رؤوس أموالها عن حد ال500 مليون جنيه التي حددها البنك المركزي. المصرفيون من جانبهم اكدوا ان ضخامة رأس أي بنك لا تعني بالضرورة زيادة قدرته علي تحقيق الارباح حيث ان ذلك يتطلب وجود الخبرات المصرفية القادرة علي إدارة تلك الاموال وقالوا انه كثيرا ما يستطيع البنك صاحب رأس المال الاقل من التفوق علي بنك آخر رأسماله اكبر بالنسبة لتحقيق الارباح وذلك عن طريق اختياره الوسائل الافضل لاستثمار امواله. ومن جانبه قال عمرو الجنايني مدير عام العمليات الخارجية بالبنك التجاري الدولي ونائب رئيس الجمعية المصرية للمتداولين بالاسواق المالية ان ضخامة حجم البنك والملاءة المالية وان كان ينعكس بشكل ايجابي علي زيادة قدرته علي تمويل مشروعات اكبر من حيث حجم التمويل وكذلك من حيث العدد فان ذلك لا يعني بالضرورة ارتفاع نسبة الارباح المحققة. واوضح ان السياسة الائتمانية التي ينتهجها البنك بصرف النظر عن حجمه سواء أكان بنكا عملاقا او متوسطا هي العامل الاول في تحقيق البنك لأقصي عائد من خلال جودة القروض الممنوحة ونسبتها الي القروض غير الجيدة. واضاف ان تكلفة الاموال التي تضخها المؤسسة المصرفية في المشروعات المختلفة سواء الفائدة الممنوحة علي القروض الخارجية التي يستقطبها البنك من الخارج أو الفائدة علي الاموال التي يودعها العملاء في البنك بأشكال متباينة سواء ودائع او شهادات استثمار او دفاتر توفير او غيرها تعتبر من العوامل المؤِثرة في العائد المتوقع. وشدد الجنايني علي ان اداء القيادات المصرفية بدءا من رئيس البنك ومجلس الادارة والصف الثاني من الكوادر البشرية تمثل احدي الدعائم المحورية التي تساهم في رفع نسبة الارباح وخاصة اذا كانت تمتلك الخبرات المتراكمة والرؤية الجيدة لادارة البنك والتوظيف الأمثل لموارده فضلا عن المرونة الكافية لاستيعاب أيه ظواهر سلبية قد تنشأ ومعالجتها بناء علي تشخيص دقيق ودراسة واقعية مشيرا الي ان نجاح البنك تكمن في مدي قدرة ادارته علي تحقيق الاهداف المرجوة في الخطة السنوية. واستطرد قائلا: ان اتجاه البنوك لزيادة خبرات الموارد البشرية لديها عبر الدورات التدريبيبة تمثل الاستثمار الحقيقي لأي بنك سواء كان مصريا أو اجنبيا وهو ما يدفع البنك الي القدرة علي المنافسة باعتبار ان هذه الكوادر هي القاطرة التي تدفع اركان هذا الكيان المتعددة والتي بقدر كفاءتها وخبرتها تتحدد سرعة هذه المؤسسة المصرفية في ترسيخ جذورها في السوق بخدماتها التي تتميز بالجودة والسرعة. ولفت مدير عام العمليات الخارجية بالبنك التجاري الدولي الانتباه الي ان تحقيق اي بنك نسبة ارباح مرتفعة خلال سنة لا يعتبر تقييما صحيحا نظرا لامكانية تحقيق هذا العائد من البنود مثل بيع اصل من اصول البنك وهو ما يحقق مكاسب خيالية إلا ان نشاطه الأساسي لم يحقق ارباحا مشيرا الي انه من المفترض قياس ارباح عدة سنوات وليس عام واحد. واشار الجنايني الي ان الجهاز المصرفي وخلال فترة التسعينيات كان يضم بنوكا تعتبر بوتيكات ذات قواعد رأسمالية صغيرة وهو ما دفع البنك المركزي المصري الي وضع استراتيجية لتقليص عددها الي 25 بنكا في مصر بنهاية عام 2006 وتقوية هذه البنوك من خلال رفع رأسمال كل بنك الي نصف مليار جنيه كحد ادني وهو ما يمثل اضعاف رأسمالها سابقا. ونوه الي ان هذه الزيادة اسفر عنها التوسع في القاعدة الرأسمالية للبنوك وتضخم طاقاتها والقدرة علي تمويل مشروعات أكبر داخلية أو خارجية والاستعداد للمنافسة مع البنوك القوية سواء المصرية منها او الاجنبية التي وضعت اقدامها علي الخريطة المصرفية المصرية وتسعي الي اثبات تفوقها ومهاراتها في السوق المصري. وذكر الجنايني انه علي مستوي العالم لايوجد حاليا موطء قدم للكيانات المصرفية الصغيرة وانما المؤسسات العملاقة وان بعض هذه الكيانات العملاقة تجري اندماجات مع بعضها لتصبح اكثر قوة. واكد محسن رشاد مدير عام الاستثمار الخارجي بالبنك العربي الافريقي ان اعتبار البعض ان ارتفاع الملاءة المالية للبنك هي المقوم الاول والاهم لزيادة نسبة الارباح المحققة هو قول خاطئ ولايستند الي دراسات سواء نظرية او ميدانية وواقعية. واشار الي ان ضخامة حجم البنك هي مجرد فرص قد تساهم بشكل كبير في تطوير الخدمات المقدمة وتحديث الانظمة التي يعتمد عليها بالاضافة الي التوسع في نشاطه من حيث اطلاق منتجات مصرفية جديدة لجذب العملاء من جانب أو ضخ المزيد من الاموال في المشروعات المختلفة من جانب آخر. واوضح رشاد ان هذا التوسع في النشاط قد يكلف البنوك الكبيرة قدرا أكبر من النفقات من خلال المصروفات الكبيرة التي يتكبدها فضلا عن نسبة المخصصات المرتفعة التي قد تقع علي عاتقها نظرا لمنحها عددا اكبر من التسهيلات الائتمانية والقروض للعملاء. واضاف ان عدم قدرة المؤسسة المصرفية ذات حجم الملاءة المالية الكبيرة علي توظيف المحفظة الائتمانية لديها يؤدي الي تراكم السيولة لديها وهو ما يؤثر بشكل عكسي علي الربحية ويقلل من معدلها. ونوه الي ان كل بنك له فلسفته الخاصة وسياسته التي ينتهجها في ضخ امواله فقد يفضل بنك ما الاعتماد علي العمليات الخدمية ومنها خطابات الضمان والاعتمادات المستندية وغيرها من الخدمات التي تدر العمولات بينما قد يتوجه بنك آخر الي العمليات التي ترتبط باسعار فائدة محددة وتوظف بشكل آمن. وشدد مدير عام الاستثمار الخارجي بالبنك العربي الافريقي علي ان العنصر البشري هو العامل الاول والذي يمثل البنية الاساسية التي تحدد مدي ارتفاع نسبة الارباح بصرف النظر عن حجم البنك وكبر أو صغر ملاءته المالية. واستطرد قائلا: ان الادارة بما تمتلكه من خبرات هي التي تضع استراتيجية البنك وتحدد سياساته المستقبلية وتوجهات الاستثمار والتحديث والتطوير يساندها في تنفيذ هذه الخطط الكوادر المصرفية داخل البنك التي اكتسبت الخبرات المرجوة عبر الدورات التدريبية التي تؤهلها للقيام بهذا الدور فضلا عن استقطاب الموارد البشرية الجيدة القادرة علي اداء المهام المناطة بها. في حين اشار يحيي نور مدير عام الفروع ببنك الشركة المصرفية العربية الي ان تحقيق المؤسسة المصرفية ارباحا وارتفاع معدلها لا يتوقف علي ضخامة حجمها وانما خبرة وكفاءة القائمين عليها. واوضح ان الملاءة المالية القوية للبنك تعتبر عاملا مساعدا لزيادة قدرة المنظومة الادارية لهذا الكيان لتحقيق اهدافه وطموحاته مشيرا الي ان هناك بنوكا مثل المصري الامريكي والبنك التجاري الدولي وهي بنوك اصغر مقارنة بالبنك الاهلي أو بنك مصر الا ان نسبة الارباح لديها مرتفعة نسبا مقارنة بها. واضاف ان كل بنك لديه استراتيجية معينة في جذب الاموال سواء كانت هذه الخطة قصيرة أو متوسطة او طويلة الاجل بتكلفة محددة مسبقا بناء علي دراسات مستفيضة وعلي الجانب الآخر يضع كل بنك خططا لكيفية ضخ هذه الأموال سواء في المشروعات المتعددة لقطاعات مختلفة او الي التجزئة المصرفية او الاستثمار في البورصة من خلال صناديق الاستثمار او العمليات التي تدر عمولات. واشار الي ان القطاعات التي يمكن ضخ الاموال بها متعددة الا ان هذه البدائل الاستثمارية وما يمكن ان يمثل جوانب ايجابية او سلبية بها يمكن ان تحدده الادارة القائمة علي أي بنك ولها حرية اتخاذ القرار بالنسبة لضخ الاموال الي أي منها بناء علي رؤيتها وخبراتها وهذا القرار اما ان ينعكس بزيادة نسبة الارباح العائدة علي البنك او انخفاضها.