سلسلة احداث ومراسم حاولت ادارة بوش شغل العراق بها ومن ورائه العالم العربي، فبعد ان جرت انتخابات يناير الماضي وما اعقبها من تشكيل الجمعية الوطنية العراقية جري الاستفتاء علي الدستور الجديد في الخامس عشر من اكتوبر الحالي وذلك توطئة لانتخاب جمعية وطنية جديدة لاعطاء الانطباع بان ادارة بوش قد حققت ما كانت تطالب به ورسخت ما اسمته بالديمقراطية في العراق. الدستور والحسم المسبق لا يخفي علي احد ان كل هذه الرتوش الشكلية هي من اجل طمس معالم ما يحدث علي ارض الواقع في العراق حيث يجري استكمال سيناريو ابادة دولة باكملها انسانا وزرعا وحجرا وحضارة. أعانها علي ذلك الدستور المعيب الذي فرضته والذي يمثل في اساسه ووفق بنوده دعوة صريحة نحو التقسيم في العراق، وحرصت امريكا علي فرضه عنوة واجازته وبسرعة الي حد ان وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزارايس لم تنتظر ظهور نتائج الاستفتاء وسارعت فأكدت بان الدستور قد تمت الموافقة عليه اي انها اعتمدت نتيجته سلفا في تقييم استباقي عكس رغبة امريكا المحمومة في فبركة نتيجة الاستفتاء لكي يرسي الدستور الذي سعي الاحتلال الامريكي الي فرضه عنوة علي الشعب العراق، فالنتيجة معروفة سلفا ومحسومة مسبقا!! فارس أمريكا!! وكما فرضت امريكا تشكيلة مجلس الحكم المؤقت من قبل وحكومة اياد علاوي ثم حكومة ابراهيم الجعفري فانها ستفرض الحكومة القادمة والتي ستكون اداة في يدها للاجهاز علي دور العراق العروبي وسلخه من المنطقة واخراجه من حظيرتها ولربما يعتلي الحكومة الجديدة فارس امريكا الذي لا يشق له غبار الا وهو اياد علاوي الذي باع نفسه - قبل ان يبيع وطنه وشعبه - بعد ان اسلم اللجام لادارة بوش.. ولا غرابة فهو وجه امريكا الذي تضافر معها وتآمر وتواطأ في عملية غزو العراق ومهد الارضية لتمزيق دولة الرشيد واشعال فتيل الصراع بين الطوائف والاثنيات ويكفي انه في عهد حكومته وبدعم منه استشري الفساد وتم نهب العراق وسرقته وقتل اكثر من مائة الف من ابنائه. حصان طروادة مؤشرات ما يجري في العراق تشي بان اياد علاوي هو الوجه الاكثر جاذبية لامريكا وانه هو المؤهل للاضطلاع بالمهمة في المرحلة القادمة فهو حصان طروادة الامريكي الذي لا يمكن ازاحته بعيدا عن المعادلة السياسية في العراق والتي غدت اليوم تتألف من اكثر من تيار فهناك تيار الائتلاف الشيعي الكردي الذي انشغل بمهمة الانتقام والثأر من الماضي الذي نحاه عن الساحة في زمن صدام، وهناك تيار السنة المهمش والمغلوب علي امره والذي تعمدت ادارة بوش وبمساعدة من الشيعة والاكراد علي اسقاطه من المعادلة السياسية وهناك تيار علاوي الذي يمسك بالعصا من المنتصف فالرجل علماني قومي وضد ايران وبالتالي ضد المرجع الشيعي الاعلي اية الله علي السيستاني الايراني الاصل، وباعتلاء علاوي الحكومة القادمة تضمن امريكا ان العراق سيكون معاديا لايران وتضمن بالتالي انه سيكون اكبر عامل مساعد لها مستقبلا في مجابهة ايران اذا ما دعا الامر الي ذلك. تحالف جديد لقد باتت الارضية الان ممهدة في العراق كي يقفز اياد علاوي من جديد الي سدة السلطة خاصة ان ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء الحالي والمحسوب علي ايران قد وقع مؤخرا في براثن الخلاف الذي طرأ فجأة بينه وبين جلال الطالباني الذي لم يستنكف الاعلان عن صراحته جهرا مؤكدا بذلك علي ان التحالف الشيعي الكردي قد اهتز بل وانفصمت عراه ليخلف وراءه ساحة مفتوحة مؤهلة لتحالف جديد قد يجمع هذه المرة بين علاوي والاكراد. بعيدا عن الخداع انتظارا لما يستجد بعد الاستفتاء علي الدستور العراقي -الذي هو صيغة ووصفة امريكية والذي سيتم اقراره مهما كان الوضع- قد تطفو علي السطح من جديد معارضة يكون الشيعة هم لحمتها الاساسية للعمل ضد اياد علاوي بايعاز من ايران ولا يمكن الادعاء وسط كل هذه التطورات الحادثة المستجدات المتوقعة بان ادارة بوش قد ارست ديمقراطية حقيقية في العراق بل العكس هو الصحيح فكل ما فعلته امريكا كدولة احتلال هو تقسيم العراق الي نحل وطوائف واذكاء نار الطائفية الإثنية وترسيخ الانقسامات واخراج العراق من الحظيرة العربية التي مازالت الي الان تغط في سبات عميق لا اظن انها ستفيق منه. ولذا يجب الا ينخدع احد بجولة امين عام الجامعة العربية في انحاء العراق ومبادرة المصالحة التي يحملها أو ما اسماه البرزاني بالوفاق الوطني، فحتي لو عقد مؤتمر المصالحة هذا منتصف الشهر القادم وضم الفرقاء فلن يكون ارضية حقيقية لنتائج ايجابية تؤدي الي تآلف التيارات ووأد الاحن ونزع فتيل الانقسامات الطائفية والسبب ان امريكا علي الخط وهي التي حركت المبادرة المذكورة لتحقيق اهدافها ومن اجل مصالحها وعليه لن تسفر مبادرة الجامعة العربية عن أي مردود يذكر لصالح الوفاق بين الاطياف في العراق.