يخطئ من يستخف بوعي الناس في بلده.. ويخطئ أكثر من يستهين بهم ويدور حديث بعض الناس هذه الأيام حول المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية برامجهم وأشخاصهم وأحزابهم. ولقد تعمدت ان أؤكد علي أن هذا حديث البعض ممن تقابلت معهم أو تحاورت حتي لا يتهمني وحتي لا اتهم بالتعميم الذي لم يستوف ضوابطه أقول انه حديث البعض ولكنه في ظني - وليس كل الظن إثم - حديث يستحق الاهتمام في مجري الاحداث والتحولات التي يشهدها الوطن ويعيشها المواطن والحديث هنا ينصرف إلي رفض لم يطرح علي آلساحة في تلك الأيام من برامج وما ينبغي أن يحيط بها من محاذير في مقدمتها عدم الاستخفاف بوعي الناس أو الاستهانة بعقولهم كما يتناول ما يحيط بذلك من تخوم وما يرتبط به من قضايا. ونرصد في هذا الصدد عشر نقاط أساسية هي: أولا: أن اللعب علي هموم الناس ومداعبة أحلامهم بوعود وكلمات مرسلة دون اعتبار لامكانية تحقيق تلك الوعود علي أرض الواقع خلال فترة زمنية لا تتجاوز ست سنوات هو استخفاف بالناس واستهانة بهم فالناس تريد أهدافاً محددة قابلة للتحقق في اطار برنامج زمني واضح يتضمن ما يستدعيه من آليات وأدوات وفي مقدمتها المتابعة والمساءلة عن الوفاء بتلك الأهداف والوعود. ثانيا: أن تجاهل ما تحقق من انجازات وتصوير الأمور علي ان كل شئ فيها خطأ وكل انجاز وهم وكل خطوة كانت للوراء هو أمر يكذبه الواقع وهو يساوي في عدم صوابه القول بأن كل شئ تمام وليس في الامكان ابدع مما كان واحترام وعي الناس وعدم الاستهانة بهم يستلزم اقرار الحقيقة بأن هناك انجازات مهمة تحققت كما أن هناك مشكلات مازالت تتطلب الحلول المبدعة في اطار فكر جديد وارادة جادة ومشاركة فاعلة من الناس يتم التمكين لها وفتح الأبواب أمامها. ثالثا: أن صياغة أي برنامج ورسم أي سياسة علي أساس اننا لا نعيش في هذا العالم وحدنا نملك ان نفرض عليه ارادتنا في كل الظروف وهو وهم كبير يتناقض ويتصادم مع ما يجب ان يتوافر لدي كل مرشح من مسئولية القيادة في عالم شديد التعقيد يقوده قطب واحد يسعي إلي فرض هيمنته علي الدنيا بأسرها والتناطح معه ليس أفضل الحلول.. ولا يعني ذلك أن ننبطح أرضا ونرفع أيدينا بالرايات البيضاء اذا ما انتهكت حرمتنا أو أستبيح وطننا وأمننا القومي.. وهذا أمر يتعلق بالمصالح العليا للوطن والمواطن ينبغي أن يبقي كقاعدة مستقرة خارج دائرة المزايدة أو المؤامرة فالسياسة في عالم اليوم ليست بطولات في الهواء وخلف ميكروفونات الاذاعة والتليفزيون كما انها وبنفس القدر ليست الغافلة عن أمن الوطن وحرمته. رابعا: ان لغة الخطاب السياسي عندنا آن لها أن تتغير لتشكل أساس ثقافة سياسية جديدة تتفق وخصائص المراحل ومتغيرات التحول.. وبشكل موضوعي فإنني أشير هنا وأشيد بلغة الخطاب التي قدم بها الرئيس مبارك برنامجه الانتخابي وحديثه للناس.. واللغة التي نقصدها هنا ليست مجرد التودد للناس ولكنها الصدق معهم واحترام ارادتهم والحرص علي صيانة حقوقهم ولعلنا نتوقف هنا عند العبارة التي تكررت كثيرا في حديث الرئيس مبارك وبرنامجه متوجهاً بها إلي الناس وهي "اذا ما حزت ثقتكم فإنني أتعهد أمام الله وأمامكم" وجاءت الوعود والتعاهدات محددة وواضحة ومقاسة وفي إطار ما يمكن تحقيقه.. تلك هي اللغة التي نقصدها. خامسا: كما أن ما يستلفت النظر ذلك اللقاء الذي تم مع الرئيس مبارك والسيدة قرينته علي محطة دريم والذي يتيح للناس عن قرب التعرف علي المواطن المصري محمد حسني مبارك.. والذي يوضح البعد الانساني في حياة الرئيس وكيف نشأ وعاش وكيف أعطي لوطنه وكان أفضل دليل علي أن الرجل يحس بمشاكل البسطاء ويشعر بهمومهم. سادسا: ان قضية انتخابات الرئاسة لا تتعلق فقط بالبرامج المقدمة من المرشحين - رغم أهميتها - ولكنه يرتبط كذلك بشخص المرشح ومعرفة الناس به من القضايا الأساسية المطروحة علي الساحة محليا واقليميا ودوليا وكيف تكونت وتطورت رؤيته في هذا الصدد. سابعا: ان الأحزاب السياسية وممارستها علي أرض الواقع وأسلوب ادارتها وعملها وتواجدها بين الناس - رغم ما قد يحيط بذلك من مشكلات - تعتبر بعداً آخر في القضية قد يستدعي من مرشحي الأحزاب تقديم رؤيتهم المستقبلية في ذلك. ثامناً: اننا جميعا وكما عبر عنها البعض بحق - لسنا مجرد شعب يسكن وطناً ولكن الوطن أيضا يسكننا نتطلع إلي أن يكون منارة حداثة كما كان مهد حضارة.. إن التماسك الاجتماعي والقدرة علي الادارة والقيادة يعد بعداً حاكما في رؤيتنا لكل مرشح.