مع اقتراب مرحلة انقطاع الطمث قد تلاحظ كثير من النساء أنها أصبحت تعاني من النسيان المتكرر بشكل ملحوظ أو أن مستوى تركيزها بشكل عام لم يعد كما كان، أو حتى أن مزاجها يتقلب من دون سبب واضح. ويعود السبب في ذلك إلى أن هذه المرحلة لا تتعلق فقط بانقطاع الدورة الشهرية، بل يمتد تأثيرها إلى الدماغ نفسه. فمع تغير الهرمونات خصوصا الإستروجين والبروجستيرون، يبدأ الدماغ في التكيف بطريقة جديدة، وهو ما قد يسبب ما يعرف ب"ضباب الدماغ" أو الشعور بالتشوش الذهني. ومع ذلك فالأمر ليس مقلقا دائما إذ يمكن التعامل معه بخطوات بسيطة ودعم صحي مناسب. -ما هو ضباب الدماغ؟
أشار تقرير لمجلة "تايم"، إلى أن ضباب الدماغ يعد من أكثر الأعراض شيوعا بين النساء في مرحلة انقطاع الطمث، وتلفت الدراسات إلى أن حوالي 60% من النساء يعانين صعوبة في التركيز أو تراجعا في الذاكرة قصيرة المدى. يحدث ذلك لأن الإستروجين والبروجستيرون يلعبان دورا أساسيا في دعم مناطق الدماغ المسئولة عن التعلم والذاكرة مثل الحصين والقشرة الجبهية. ومع انخفاض مستوياتهما تتأثر النواقل العصبية المسئولة عن التركيز واستقرار المزاج وجودة النوم، وهو ما يجعل الدماغ أقل نشاطا ومرونة.
-أعراض التقدم في العمر أم انقطاع الطمث؟ أوضح التقرير أن الاختلاف الأساسي بين أعراض التقدم في العمر وأعراض انقطاع الطمث يكمن في التوقيت والنمط، فالتدهور المرتبط بمرحلة انقطاع الطمث يظهر غالبا متزامنا مع أعراض أخرى مثل الهبات الساخنة واضطرابات النوم، ويؤثر تحديدا في الذاكرة العاملة والقدرة على استدعاء الكلمات والمحادثات، أما الشيخوخة الطبيعية فتؤدي عادة إلى بطء بسيط في معالجة المعلومات دون أن تعيق الحياة اليومية.
-تقلبات المزاج والعاطفة تشير الدراسات إلى أن ثلث النساء تقريبا قد يعانين من الاكتئاب أو القلق خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث، والسبب أن هرمون الإستروجين يساهم في تنظيم المواد الكيميائية في الدماغ المسئولة عن المزاج والتحفيز والتركيز مثل السيروتونين والدوبامين. ومع انخفاضه قد تزداد التقلبات المزاجية والعصبية، وتظهر نوبات من الحزن أو فقدان الدافعية. ويرى الخبراء أن تراجع هذا الهرمون أيضا قد يفسر ارتفاع معدلات الإصابة بمرض الزهايمر بين النساء مقارنة بالرجال، إذ يفقد الدماغ جزءا من الحماية التي كان يوفرها الإستروجين.
-كيف يستطيع الدماغ تعويض تلك التغيرات؟ الجانب المطئن الذي يوضحه التقرير هو أن الدماغ لا يقف عاجزا أمام تلك التغيرات ويظل قادرا على التكيف المدهش. فقد أظهرت دراسات التصوير العصبي أن الدماغ يعيد تنظيم نشاطه خلال مرحلة انقطاع الطمث ويبحث عن مسارات جديدة لتعويض نقص الهرمونات. وفي بعض الحالات، يبدأ الدماغ في استخدام الكيتونات كمصدر بديل للطاقة عندما يقل تأثير الإستروجين، وهذا التحول يظهر قدرة الدماغ على إعادة التوازن مع الوقت، خاصة إذا تلقى الدعم المناسب من نمط حياة صحي.
-خطوات عملية لدعم صحة الدماغ خلال انقطاع الطمث رغم أن التغيرات الهرمونية لا يمكن منعها إلا أن السيطرة على آثارها ممكنة. حيث ينصح الخبراء بالتركيز على مجموعة من العادات اليومية التي تدعم الدماغ، مثل:
1- النوم الجيد: لأنه ضروري لترميم الخلايا وتثبيت الذكريات. 2- ممارسة الرياضة بانتظام: خاصة تمارين القوة التي تعزز إفراز بروتين BDNF المسؤول عن نمو الخلايا العصبية. 3- التغذية المتوازنة: الحصول على وجبات متنوعة العناصر الغذائية بالإضافة إلى تقليل السكريات والدهون المشبعة. 4- الحفاظ على التواصل الاجتماعي: لأن العزلة تضعف النشاط الذهني. 5- يمكن أن تساعد بعض الأدوية على تقليل الأعراض ولكن يجب استشارة الطبيب أولا.