رسميًا.. اليوم إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين بالحكومة والقطاع الخاص    سعر سبيكة الذهب اليوم الخميس 26-6-2025 بعد الارتفاع الجديد (جميع الأوزان)    موعد صرف معاشات يوليو 2025 بعد قرار السيسي بتطبيق الزيادة الجديدة    البيت الأبيض: لا مؤشرات على نقل إيران لليورانيوم المخصب قبل الضربات الأمريكية    عشائر غزة تؤمن مساعدات وصلت لبرنامج الأغذية العالمي خشية نهبها    غارات إسرائيلية تستهدف خيام النازحين في قطاع غزة    كارني: كندا لا تخطط للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي    تأهل فريق مونتيري المكسيكي إلى دور ال 16 في كأس العالم للأندية    «ميسي المنصورة» موهبة كروية فريدة تنضم لناشئي فريق المقاولون للعرب    تفاصيل عروض ناديي الزمالك وبيراميدز على انتقال بعض اللاعبين خلال الميركاتو الصيفي    طقس اليوم: شديد الحرارة رطب نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 35    قبل امتحان الفيزياء والتاريخ للثانوية.. تحذير مهم من وزارة التعليم للطلاب    نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة البحر الأحمر.. علي وشك الاعتماد    نموذج حل امتحان الفيزياء للثانوية العامة 2024 و 2023 (أسئلة وإجابة).. امتحانات الصف الثالث الثانوي السابقة pdf    تامر حسين يكشف عن تحضيرات اغنية «ابتدينا» مع عمرو دياب: «وش الخير»    تهنئة العام الهجري الجديد 1447 مكتوبة للأصدقاء والأحباب (صور وأدعية)    القانون يحدد شروط لإصدار الفتوى.. تعرف عليها    21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    رسالة وداع مؤثرة من حمزة المثلوثي لجماهير الزمالك.. أنتم الروح    "وشلون أحبك".. على معلول يتغزل بزوجته بصورة جديدة    راغب علامة يكسر الرقم القياسي في "منصة النهضة" ب150 ألف متفرج بمهرجان "موازين"    محافظ المنيا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد - صور    بينهم إصابات خطيرة.. 3 شهداء و7 مصابين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية    5 أيام حمائم.. كيف انتهت حرب إيران وإسرائيل ب"شكرًا لحسن تعاونكم معنا"؟    مصرع 2 وإصابة 6 في انقلاب سيارة ملاكي بصحراوي البحيرة    مها الصغير تتهم أحمد السقا بضربها داخل كمبوند    إصابة 10 أشخاص في حادث على طريق 36 الحربي بالإسماعيلية    وفد برلماني من لجنة الإدارة المحلية يتفقد شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء    محمد رمضان: "رفضت عرض في الدراما من أسبوع ب 200 مليون جنيه"    تشريع جديد يُنصف العامل.. كيف يؤمن القانون الجديد حقوق العمال؟    «نقل الكهرباء» توقع عقدًا جديدًا لإنشاء خط هوائي مزدوج الدائرة    مؤتمر إنزاجي: سنحاول استغلال الفرص أمام باتشوكا.. وهذا موقف ميتروفيتش    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    التشكيل الرسمي لقمة الإنتر ضد ريفر بليت فى كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    تمريض حاضر وطبيب غائب.. رئيس الوحدة المحلية لنجع حمادي يفاجئ وحدة الحلفاية الصحية بزيارة ليلية (صور)    قافلة طبية لعلاج المواطنين بقرية السمطا في قنا.. وندوات إرشاية لتحذير المواطنين من خطر الإدمان    مينا مسعود يزور مستشفى 57357 لدعم الأطفال مرضى السرطان (صور)    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تُلزم بإضافة تحذير عن خطر نادر للقلب بسبب لقاحات كورونا    صحة مطروح تنظم احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم    الزمالك يستقر على قائمته الأولى قبل إرسالها لاتحاد الكرة    وزير الرياضة يهنئ أبطال السلاح بعد التتويج ب 6 ميداليات أفريقية    مع إشراقات العام الهجري الجديد.. تعرف على أجمل الأدعية وأفضلها    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة مسيّرة مجهولة قرب الحدود مع العراق    «الشؤون العربية والخارجية» بنقابة الصحفيين تعقد أول اجتماعاتها وتضع خطة عمل للفترة المقبلة    محافظ قنا يتفقد مشروع تطوير ميدان المحطة.. ويؤكد: نسعى لمدينة خضراء صديقة للبيئة    حضور جماهيرى كبير.. ويل سميث لأول مرة فى مهرجان موازين بالمغرب (صور)    أخبار كفر الشيخ اليوم.. المؤبد لطالب أنهى حياة آخر    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. قفزة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    رئيس هيئة الدواء المصرية: نحرص على شراكات إفريقية تعزز الاكتفاء الدوائي    مع حلول العام الهجري الجديد 1447ه.. متى يبدأ رمضان 2026 فلكيًا؟    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    إصابة 11 شخص من كلب ضال فى الغربية    بلاغ رسمي ضد أحمد السقا.. طليقته تتهمه بالاعتداء عليها وسبّها أمام السكان    جمال الكشكي: سياسة مصر تدعم الاستقرار وتدعو دائما لاحترام سيادة الدول    ممر شرفي من المعتمرين استعدادا لدخول كسوة الكعبة الجديدة (فيديو)    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر لن تموت
نشر في آخر ساعة يوم 04 - 01 - 2011


كم عمر مصر؟..
آلاف السنين، عشرات القرون، دهر طويل عاشه هذا البلد ضاربا جذوره في عمق التاريخ، بلد بهذا العمر، وبهذا الحجم الحضاري، كم تعرض لمحن وأزمات وكم مر عليه من أهوال، كم من مرة احتلته جيوش وغزاة، وكم من مرة تحرر وطرد المحتلين، وكثيرا ما بلع وهضم ثم لفظ كل الذين جاءوا ليحتلوه أو يغيروه وجعلهم يتغيرون علي شاكلته.
مصر تتفرد من بين الدول القديمة أنها عاشت عمرا مديدا، عاشت في الوقت الذي اختفت فيه إمبراطوريات جثمت علي أنفاس الشعوب ومنها الشعب المصري. مر علي مصر أجناس وأشكال مختلفة من الشعوب الأخري، لم تغيره ولم تؤثر فيه، والعكس هو الصحيح.
وكما حدث في الماضي ، حدث بالأمس في الإسكندرية، محنة تمر بها مصر، دماء مصرية سالت بدون ذنب، إرهابيون قتلة اغتالوا فرحة الأبرياء بالعيد. لا كلام يمكن أن يصف حالة الفزع.. القلق.. الصدمة.. الذهول.. الغضب.. الرغبة في الانتقام من المجرمين.. الخوف علي مصر.. الاستنفار وتشمير السواعد لحماية البلد العريق الذي حفظه الله من كل سوء حتي لو كان قد مر بمحن وكوارث، فهو حي، ربما يمرض، ربما يصيبه الضعف، لكنه لايموت، وسيظل كذلك لأنه البلد العبقري الذي يحمل في جنباته كل عوامل الحياة وكل عناصر الاستمرار.
في وقت الحدث، غليان في المشاعر، الناس معذورة، عبارات تتناثر للتعبير عن الغضب، مسيحيون ثائرون، مسلمون غاضبون. المسيحيون ثائرون لأن بعضهم يعتقد أن من ارتكب الجريمة النكراء.. مسلم .. فكل ما يأتي ضدهم لابد أنه آت من مسلم أو مسلمين.. هكذا تغذت بعض العقول علي ما يأتي من الخارج ويزكي الفتنة.. والمسلمون غاضبون لأن تلصق بهم هذه التهمة.. فالمسلم الحق لا يرتكب مثل هذه الجريمة.. والمسلم الحق حريص علي الحياة بجانب أخيه المسيحي في سلام ووفاق.. ولماذا تلصق التهمة دائما بمسلم.. لماذا لا يكون إرهابيا لا دين له.. ببساطة لماذا يجب أن يكون هناك مسيحي ومسلم..!!! الصحيح أن يكون هناك مصري.
الدولة المصرية تحترم دستورها.. يقوم رئيس الدولة ومؤسساتها علي حراسة الدستور وحمايته وتطبيقه.. الدستور المصري يؤكد علي حق المواطنة.. ولم يقل أنها مقصورة علي مسلم أو مسيحي.. رئيس الدولة لم يغمض له جفن فقد خرج للحديث مع مواطنيه بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث الذي وقع بعد منتصف الليل.. قال إن العمل الإرهابي استهدف الوطن بأقباطه ومسلميه.. امتزجت دماء الشهداء والجرحي علي أرض الإسكندرية لتقول إن مصر هي المستهدفة وأن الإرهاب أعمي لا يفرق بين مسلم وقبطي. وأن الحادث ما هو إلا حلقة من حلقات الوقيعة بين المسلمين والأقباط.. لكن الله رد كيد الكائدين في نحورهم.. وتأكد من جديد أننا جميعا في خندق واحد.
إن الرئيس مبارك يعي أن الإرهاب مازال متربصا بنا ويطل علينا بوجهه القبيح بين الحين والآخر. وجاءت حادثة الإسكندرية تحمل في طياتها تورط أصابع خارجية تهدف إلي جعل مصر ساحة لشرور الإرهاب الذي ينتشر في منطقتنا ومن حولنا.
وبالطبع لابد من أن الرئيس اتخذ من الإجراءات ما هو كفيل بحماية البلد، فهو لا يترك الأمور للصدف لكن ليس كل ما يتخذه الرئيس من إجراءات قابلا للإعلام أو النشر. وقد أكد الرئيس للمواطنين جميعا أن قوي الإرهاب لن تنجح في مخططاتها وأنها ستفشل في زعزعة استقرار مصر أو النيل من أمان شعبها ووحدة مسلميها وأقباطها، وشدد علي أن أمن مصر القومي مسئوليته الأولي التي لن يفرط فيها أبدا ولن يسمح لأحد مهما كان أن يمسه أو يستخف بأرواح ومقدرات شعبه.
كان الرئيس محددا وحاسما عندما أكد لمواطنيه أن دماء أبنائنا لن تضيع هدرا وسنقطع يد الإرهاب المتربص بنا. وعندما يقول الرئيس ذلك فهو يعني تماما ما يقوله.. فقد كسبت مصر بقيادة مبارك معركتها ضد الإرهاب في التسعينات.. لذلك فمن لا يعي من الإرهابيين ذلك يخطئ خطأ فادحا.. فلن يفلتوا من العقاب.. فنحن جميعا في خندق واحد.. وسنقطع رأس الأفعي ونتصدي للإرهاب ونهزمه.
في الأزمات والمحن التي تمر بها الشعوب ينبغي أن يسود صوت العقل وأن يسيطر الجميع علي أعصابه، فلا وقت للمشاحنات خاصة لو لم يكن لها مبرر، وإذا كان البعض من الأقباط يتصور أن المسلمين هم الفاعلون فهذا خطأ يجب تداركه سريعا، لأن ما من مصلحة لمصري يدين بالإسلام أن يشعل النار في بلده.. وكذلك الأمر بالنسبة للمصري الذي يدين بالمسيحية.. فالمصريون جميعا ليس لهم مصلحة في تدمير بلدهم.. وإنما المصلحة لآخرين يتابعون الآن وينتظرون اشتعال الفتنة بين مواطني الشعب المصري.
قدرت تماما ما صرح به البابا شنودة.. فالرجل يدرك بوعيه وخبرته أن ما حدث يستهدف مصر وزعزعة استقرارها وأمنها.. فهناك قوي لاتريد الخير لهذا البلد.. ارتكبت هذا العمل الإجرامي.. فالذين يستهدفون مصر هم أعداء للمسلمين والمسيحيين علي السواء.. ويسعون لإثارة الفتنة علي أرض الوطن. وكان البابا حازما وهو يؤكد أن كل من يحاول إثارة الفتنة علي أرض مصر.. لن يجد سوي جسد منيع قوي يأبي الانهيار وقادر علي التصدي لكل المؤامرات وكشفها ودحرها.
إن الصوت الواعي للبابا شنودة يجسد روح مصر.. فهناك إدراك لطبيعة حادث إرهابي يهدف إلي الإضرار بالمجتمع كله، والفرق بينه وبين حوادث أخري قد يفسرها البعض بأنها ضد الأقباط، فحادثة الإسكندرية تهدف إلي الإضرار بالأمن القومي وليس مجرد قتل مواطنين انتقاما من شيء ما، فالهدف الكبير.. مصر.. فعندما يثور الأقباط.. ويرد المسلمون بنفس الفعل.. هنا يتحقق الهدف الخبيث.
الهدف الخبيث الذي تورط فيه بعض الشخصيات التي ما كان يجب أن تتورط، مثل بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر الذي دعا قادة العالم للدفاع عن المسيحيين من الانتهاكات وعدم التسامح الديني. قال البابا أثناء قداس رأس السنة في كاتدرائية القديس بطرس، أوجه مرة أخري دعوة ملحة إلي عدم الاستسلام للإحباط والانصياع أمام التوترات التي تحمل تهديدا في الوقت الراهن وأمام أعمال التمييز. وألح الرجل في طلبه وتحريضه وقال إنها مهمة شاقة لا تكفي من أجلها الأقوال ويتعين الالتزام العملي من مسئولي الأمم.
ونحا نحوه أسقف كانتربري رويان ويليامز الذي قال إن الهجوم علي مسيحيين في الإسكندرية هو تذكير جديد رهيب بالضغوط التي تتحملها الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط ويذكر بالفظائع التي ارتكبت في الأسابيع الأخيرة.
ماذا يريد بندكت وماذا يريد الأسقف؟
هل يريدان حربا صليبية جديدة؟.
إذا كان البابا شنودة المصري الصميم يدرك المعني وراء العملية الإرهابية وإذا كان الرجل أكد أن وراءها أيدي تهدف للضرر بمصر، فما دخلك يا بابا الفاتيكان في شأن مصري لايرتبط بديانة أو بفئوية؟
لقد زار شيوخ الإسلام البابا شنودة، فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب وفضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ود.محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف وقدموا واجب العزاء للشهداء من المصريين الذين راحوا ضحية الإرهاب الخسيس في الإسكندرية.. ودعا البابا شنودة الأقباط إلي الهدوء وضبط النفس مؤكدا اهتمام الدولة بكل مستوياتها بالتصدي لهذه الجرائم ومكافحتها.
وكان شيخ الأزهر واضحا وحاسما عندما رفض دعوة بابا الفاتيكان الذي يذكرنا وأسقف كانتربري بدعوات الحروب الصليبية، فالدعوة غير مقبولة من شخصية مثل بابا الفاتيكان الذي تحتم عليه مكانته أن يتحلي بالعقلانية والحكمة. لقد تساءل شيخ الأزهر وهو محق: لماذا لم يطالب بابا الفاتيكان بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال القتل في العراق من قوات الاحتلال المسيحية؟.
كان علي بابا الفاتيكان أن يتروي قبل أن ينطق بمثل هذا الكلام ولا يجب عليه أن ينظر بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين.
أقول لكل مصري.. مسلما أو مسيحيا.. إن الخطر يأتي من داخلك إذا نظرت بريبة إلي أخيك.. لقد عاش الجميع في ظل كل ما مر بمصر من محن وأهوال عبر التاريخ.. لم يكن أحد من الدخلاء المستعمرين يفرق بين مسلم ومسيحي، كان الجميع لديه سواء، الجميع يتعرض للظلم والتعذيب والبطش.
اعرفوا أن مصر ستكون قوية بكم جميعا.. فلا تكونوا أنتم سبب الضرر لمصر. لقد انتفض الشعور العربي للإحساس بالخطر بضرب مصر.. فلا تكونوا أقل شعورا من أشقائنا العرب الذين يدركون أن ضرب مصر يعني ضرب العروبة.. وأن تفتيت مصر هو البداية لخطوات تآمرية عديدة تستهدف النيل من البلد الذي صمد طويلا.
اللهم احفظ مصر وأهل مصر.
كم عمر مصر؟..
آلاف السنين، عشرات القرون، دهر طويل عاشه هذا البلد ضاربا جذوره في عمق التاريخ، بلد بهذا العمر، وبهذا الحجم الحضاري، كم تعرض لمحن وأزمات وكم مر عليه من أهوال، كم من مرة احتلته جيوش وغزاة، وكم من مرة تحرر وطرد المحتلين، وكثيرا ما بلع وهضم ثم لفظ كل الذين جاءوا ليحتلوه أو يغيروه وجعلهم يتغيرون علي شاكلته.
مصر تتفرد من بين الدول القديمة أنها عاشت عمرا مديدا، عاشت في الوقت الذي اختفت فيه إمبراطوريات جثمت علي أنفاس الشعوب ومنها الشعب المصري. مر علي مصر أجناس وأشكال مختلفة من الشعوب الأخري، لم تغيره ولم تؤثر فيه، والعكس هو الصحيح.
وكما حدث في الماضي ، حدث بالأمس في الإسكندرية، محنة تمر بها مصر، دماء مصرية سالت بدون ذنب، إرهابيون قتلة اغتالوا فرحة الأبرياء بالعيد. لا كلام يمكن أن يصف حالة الفزع.. القلق.. الصدمة.. الذهول.. الغضب.. الرغبة في الانتقام من المجرمين.. الخوف علي مصر.. الاستنفار وتشمير السواعد لحماية البلد العريق الذي حفظه الله من كل سوء حتي لو كان قد مر بمحن وكوارث، فهو حي، ربما يمرض، ربما يصيبه الضعف، لكنه لايموت، وسيظل كذلك لأنه البلد العبقري الذي يحمل في جنباته كل عوامل الحياة وكل عناصر الاستمرار.
في وقت الحدث، غليان في المشاعر، الناس معذورة، عبارات تتناثر للتعبير عن الغضب، مسيحيون ثائرون، مسلمون غاضبون. المسيحيون ثائرون لأن بعضهم يعتقد أن من ارتكب الجريمة النكراء.. مسلم .. فكل ما يأتي ضدهم لابد أنه آت من مسلم أو مسلمين.. هكذا تغذت بعض العقول علي ما يأتي من الخارج ويزكي الفتنة.. والمسلمون غاضبون لأن تلصق بهم هذه التهمة.. فالمسلم الحق لا يرتكب مثل هذه الجريمة.. والمسلم الحق حريص علي الحياة بجانب أخيه المسيحي في سلام ووفاق.. ولماذا تلصق التهمة دائما بمسلم.. لماذا لا يكون إرهابيا لا دين له.. ببساطة لماذا يجب أن يكون هناك مسيحي ومسلم..!!! الصحيح أن يكون هناك مصري.
الدولة المصرية تحترم دستورها.. يقوم رئيس الدولة ومؤسساتها علي حراسة الدستور وحمايته وتطبيقه.. الدستور المصري يؤكد علي حق المواطنة.. ولم يقل أنها مقصورة علي مسلم أو مسيحي.. رئيس الدولة لم يغمض له جفن فقد خرج للحديث مع مواطنيه بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث الذي وقع بعد منتصف الليل.. قال إن العمل الإرهابي استهدف الوطن بأقباطه ومسلميه.. امتزجت دماء الشهداء والجرحي علي أرض الإسكندرية لتقول إن مصر هي المستهدفة وأن الإرهاب أعمي لا يفرق بين مسلم وقبطي. وأن الحادث ما هو إلا حلقة من حلقات الوقيعة بين المسلمين والأقباط.. لكن الله رد كيد الكائدين في نحورهم.. وتأكد من جديد أننا جميعا في خندق واحد.
إن الرئيس مبارك يعي أن الإرهاب مازال متربصا بنا ويطل علينا بوجهه القبيح بين الحين والآخر. وجاءت حادثة الإسكندرية تحمل في طياتها تورط أصابع خارجية تهدف إلي جعل مصر ساحة لشرور الإرهاب الذي ينتشر في منطقتنا ومن حولنا.
وبالطبع لابد من أن الرئيس اتخذ من الإجراءات ما هو كفيل بحماية البلد، فهو لا يترك الأمور للصدف لكن ليس كل ما يتخذه الرئيس من إجراءات قابلا للإعلام أو النشر. وقد أكد الرئيس للمواطنين جميعا أن قوي الإرهاب لن تنجح في مخططاتها وأنها ستفشل في زعزعة استقرار مصر أو النيل من أمان شعبها ووحدة مسلميها وأقباطها، وشدد علي أن أمن مصر القومي مسئوليته الأولي التي لن يفرط فيها أبدا ولن يسمح لأحد مهما كان أن يمسه أو يستخف بأرواح ومقدرات شعبه.
كان الرئيس محددا وحاسما عندما أكد لمواطنيه أن دماء أبنائنا لن تضيع هدرا وسنقطع يد الإرهاب المتربص بنا. وعندما يقول الرئيس ذلك فهو يعني تماما ما يقوله.. فقد كسبت مصر بقيادة مبارك معركتها ضد الإرهاب في التسعينات.. لذلك فمن لا يعي من الإرهابيين ذلك يخطئ خطأ فادحا.. فلن يفلتوا من العقاب.. فنحن جميعا في خندق واحد.. وسنقطع رأس الأفعي ونتصدي للإرهاب ونهزمه.
في الأزمات والمحن التي تمر بها الشعوب ينبغي أن يسود صوت العقل وأن يسيطر الجميع علي أعصابه، فلا وقت للمشاحنات خاصة لو لم يكن لها مبرر، وإذا كان البعض من الأقباط يتصور أن المسلمين هم الفاعلون فهذا خطأ يجب تداركه سريعا، لأن ما من مصلحة لمصري يدين بالإسلام أن يشعل النار في بلده.. وكذلك الأمر بالنسبة للمصري الذي يدين بالمسيحية.. فالمصريون جميعا ليس لهم مصلحة في تدمير بلدهم.. وإنما المصلحة لآخرين يتابعون الآن وينتظرون اشتعال الفتنة بين مواطني الشعب المصري.
قدرت تماما ما صرح به البابا شنودة.. فالرجل يدرك بوعيه وخبرته أن ما حدث يستهدف مصر وزعزعة استقرارها وأمنها.. فهناك قوي لاتريد الخير لهذا البلد.. ارتكبت هذا العمل الإجرامي.. فالذين يستهدفون مصر هم أعداء للمسلمين والمسيحيين علي السواء.. ويسعون لإثارة الفتنة علي أرض الوطن. وكان البابا حازما وهو يؤكد أن كل من يحاول إثارة الفتنة علي أرض مصر.. لن يجد سوي جسد منيع قوي يأبي الانهيار وقادر علي التصدي لكل المؤامرات وكشفها ودحرها.
إن الصوت الواعي للبابا شنودة يجسد روح مصر.. فهناك إدراك لطبيعة حادث إرهابي يهدف إلي الإضرار بالمجتمع كله، والفرق بينه وبين حوادث أخري قد يفسرها البعض بأنها ضد الأقباط، فحادثة الإسكندرية تهدف إلي الإضرار بالأمن القومي وليس مجرد قتل مواطنين انتقاما من شيء ما، فالهدف الكبير.. مصر.. فعندما يثور الأقباط.. ويرد المسلمون بنفس الفعل.. هنا يتحقق الهدف الخبيث.
الهدف الخبيث الذي تورط فيه بعض الشخصيات التي ما كان يجب أن تتورط، مثل بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر الذي دعا قادة العالم للدفاع عن المسيحيين من الانتهاكات وعدم التسامح الديني. قال البابا أثناء قداس رأس السنة في كاتدرائية القديس بطرس، أوجه مرة أخري دعوة ملحة إلي عدم الاستسلام للإحباط والانصياع أمام التوترات التي تحمل تهديدا في الوقت الراهن وأمام أعمال التمييز. وألح الرجل في طلبه وتحريضه وقال إنها مهمة شاقة لا تكفي من أجلها الأقوال ويتعين الالتزام العملي من مسئولي الأمم.
ونحا نحوه أسقف كانتربري رويان ويليامز الذي قال إن الهجوم علي مسيحيين في الإسكندرية هو تذكير جديد رهيب بالضغوط التي تتحملها الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط ويذكر بالفظائع التي ارتكبت في الأسابيع الأخيرة.
ماذا يريد بندكت وماذا يريد الأسقف؟
هل يريدان حربا صليبية جديدة؟.
إذا كان البابا شنودة المصري الصميم يدرك المعني وراء العملية الإرهابية وإذا كان الرجل أكد أن وراءها أيدي تهدف للضرر بمصر، فما دخلك يا بابا الفاتيكان في شأن مصري لايرتبط بديانة أو بفئوية؟
لقد زار شيوخ الإسلام البابا شنودة، فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب وفضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ود.محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف وقدموا واجب العزاء للشهداء من المصريين الذين راحوا ضحية الإرهاب الخسيس في الإسكندرية.. ودعا البابا شنودة الأقباط إلي الهدوء وضبط النفس مؤكدا اهتمام الدولة بكل مستوياتها بالتصدي لهذه الجرائم ومكافحتها.
وكان شيخ الأزهر واضحا وحاسما عندما رفض دعوة بابا الفاتيكان الذي يذكرنا وأسقف كانتربري بدعوات الحروب الصليبية، فالدعوة غير مقبولة من شخصية مثل بابا الفاتيكان الذي تحتم عليه مكانته أن يتحلي بالعقلانية والحكمة. لقد تساءل شيخ الأزهر وهو محق: لماذا لم يطالب بابا الفاتيكان بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال القتل في العراق من قوات الاحتلال المسيحية؟.
كان علي بابا الفاتيكان أن يتروي قبل أن ينطق بمثل هذا الكلام ولا يجب عليه أن ينظر بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين.
أقول لكل مصري.. مسلما أو مسيحيا.. إن الخطر يأتي من داخلك إذا نظرت بريبة إلي أخيك.. لقد عاش الجميع في ظل كل ما مر بمصر من محن وأهوال عبر التاريخ.. لم يكن أحد من الدخلاء المستعمرين يفرق بين مسلم ومسيحي، كان الجميع لديه سواء، الجميع يتعرض للظلم والتعذيب والبطش.
اعرفوا أن مصر ستكون قوية بكم جميعا.. فلا تكونوا أنتم سبب الضرر لمصر. لقد انتفض الشعور العربي للإحساس بالخطر بضرب مصر.. فلا تكونوا أقل شعورا من أشقائنا العرب الذين يدركون أن ضرب مصر يعني ضرب العروبة.. وأن تفتيت مصر هو البداية لخطوات تآمرية عديدة تستهدف النيل من البلد الذي صمد طويلا.
اللهم احفظ مصر وأهل مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.