«القومي للطفولة والأمومة»: تمكين الفتيات في التعليم والصحة استثمار في مستقبل الوطن    استمرار تلقي طلبات الترشح لانتخابات النواب بالأقصر لليوم الرابع على التوالي    «التضامن» تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي الجيزة والقليوبية    أسعار الخضراوات اليوم السبت 11 أكتوبر في سوق العبور للجملة    بعد مكاسب 130 دولارًا.. أسعار الذهب اليوم 11 أكتوبر في بداية التعاملات    «المشاط»: «السردية الوطنية» تُركز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي    مصر تستهدف زراعة 3.5 مليون فدان من القمح    شعبة الأدوات الكهربائية: مصر تستهدف 145 مليار دولار صادرات    اسعار الدينار الكويتي اليوم السبت 11اكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    الري: إعادة استخدام المياه وتطبيق مبادئ WEFE Nexus    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا السبت 11 أكتوبر 2025    غارات إسرائيلية على جنوب لبنان تسفر عن شهيد و7 جرحى.. والرئيس اللبناني: عدوان سافر بعد وقف الحرب في غزة    شهيد و7 مصابين جراء غارة لجيش الاحتلال على جنوبي لبنان فجر اليوم    مستشار ترامب: اتفاق «شرم الشيخ» سيفتح باب الأمل لسلام دائم بالمنطقة    أيمن محسب: الصلابة السياسية للرئيس السيسى منعت انزلاق المنطقة إلى فوضى جديدة    بيان رسمي بشأن إصابة مبابي في تصفيات كأس العالم.. يعود لمدريد    تصفيات آسيا لمونديال 2026.. عمان يواجه الإمارات والعراق أمام إندونيسيا    نجم تونس: علاء عبد العال مدرب كبير.. ومبارياتنا مع الأهلي والزمالك "عرس كروي"    اليوم.. ختام منافسات الكبار والناشئين ببطولة العالم للسباحة بالزعانف في المياه المفتوحة    مصر تتوّج ب13 ميدالية في منافسات الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    سكالوني يكشف سبب غياب ميسي عن ودية فنزويلا    اليوم.. غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة مصر باتجاه الواحات    قبل ثاني جلسات محاكمة المتهمة.. والدة أطفال دلجا: «الإعدام مش كفاية»    مصرع شخص أسفل عجلات القطار بطنطا    تحرير 164 مخالفة تموينية.. وضبط أسمدة وسلع مدعمة في حملات بالمنيا    وزارة الداخلية تبدأ في قبول طلبات التقدم لحج القرعة لهذا العام غدا    أجواء خريفية منعشة.. سحب وأمطار خفيفة تزين سماء السواحل الشمالية    عرض جثث 3 أطفال شقيقات غرقن بالبانيو نتيجة تسرب الغاز بالمنوفية على الطب الشرعى    تشميع مخزن مواد غذائية بساحل سليم فى أسيوط لمخالفته اشتراطات السلامة    في عيد ميلاده.. عمرو دياب يحتفل ب40 عامًا من النجومية وقصة اكتشاف لا تُنسى    من هو زوج إيناس الدغيدي؟ الكشف هوية العريس الجديد؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    هل فيتامين سي الحل السحري لنزلات البرد؟.. خبراء يكشفون الحقيقة    الصين تعتزم فرض قيود شاملة على تصدير المعادن الأرضية النادرة    قتلى ومفقودين| انفجار مصنع متفجرات يورد منتجات للجيش الأمريكي بولاية تينيسي    غدًا.. ثقافة العريش تنظم معرض «تجربة شخصية» لفناني سيناء    بالأرقام.. ننشر نتيجة انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بقنا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 11اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    أحمد فايق يحذر من خطورة محتوى «السوشيال ميديا» على الأطفال    والدة مصطفى كامل تتعرض لأزمة صحية بسبب جرعة انسولين فاسدة    متطوعون جدد في قطاع الشباب والرياضة    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    الوساطة لا تُشترى.. بل تُصنع في مدرسة اسمها مصر    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر لن تموت
نشر في آخر ساعة يوم 04 - 01 - 2011


كم عمر مصر؟..
آلاف السنين، عشرات القرون، دهر طويل عاشه هذا البلد ضاربا جذوره في عمق التاريخ، بلد بهذا العمر، وبهذا الحجم الحضاري، كم تعرض لمحن وأزمات وكم مر عليه من أهوال، كم من مرة احتلته جيوش وغزاة، وكم من مرة تحرر وطرد المحتلين، وكثيرا ما بلع وهضم ثم لفظ كل الذين جاءوا ليحتلوه أو يغيروه وجعلهم يتغيرون علي شاكلته.
مصر تتفرد من بين الدول القديمة أنها عاشت عمرا مديدا، عاشت في الوقت الذي اختفت فيه إمبراطوريات جثمت علي أنفاس الشعوب ومنها الشعب المصري. مر علي مصر أجناس وأشكال مختلفة من الشعوب الأخري، لم تغيره ولم تؤثر فيه، والعكس هو الصحيح.
وكما حدث في الماضي ، حدث بالأمس في الإسكندرية، محنة تمر بها مصر، دماء مصرية سالت بدون ذنب، إرهابيون قتلة اغتالوا فرحة الأبرياء بالعيد. لا كلام يمكن أن يصف حالة الفزع.. القلق.. الصدمة.. الذهول.. الغضب.. الرغبة في الانتقام من المجرمين.. الخوف علي مصر.. الاستنفار وتشمير السواعد لحماية البلد العريق الذي حفظه الله من كل سوء حتي لو كان قد مر بمحن وكوارث، فهو حي، ربما يمرض، ربما يصيبه الضعف، لكنه لايموت، وسيظل كذلك لأنه البلد العبقري الذي يحمل في جنباته كل عوامل الحياة وكل عناصر الاستمرار.
في وقت الحدث، غليان في المشاعر، الناس معذورة، عبارات تتناثر للتعبير عن الغضب، مسيحيون ثائرون، مسلمون غاضبون. المسيحيون ثائرون لأن بعضهم يعتقد أن من ارتكب الجريمة النكراء.. مسلم .. فكل ما يأتي ضدهم لابد أنه آت من مسلم أو مسلمين.. هكذا تغذت بعض العقول علي ما يأتي من الخارج ويزكي الفتنة.. والمسلمون غاضبون لأن تلصق بهم هذه التهمة.. فالمسلم الحق لا يرتكب مثل هذه الجريمة.. والمسلم الحق حريص علي الحياة بجانب أخيه المسيحي في سلام ووفاق.. ولماذا تلصق التهمة دائما بمسلم.. لماذا لا يكون إرهابيا لا دين له.. ببساطة لماذا يجب أن يكون هناك مسيحي ومسلم..!!! الصحيح أن يكون هناك مصري.
الدولة المصرية تحترم دستورها.. يقوم رئيس الدولة ومؤسساتها علي حراسة الدستور وحمايته وتطبيقه.. الدستور المصري يؤكد علي حق المواطنة.. ولم يقل أنها مقصورة علي مسلم أو مسيحي.. رئيس الدولة لم يغمض له جفن فقد خرج للحديث مع مواطنيه بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث الذي وقع بعد منتصف الليل.. قال إن العمل الإرهابي استهدف الوطن بأقباطه ومسلميه.. امتزجت دماء الشهداء والجرحي علي أرض الإسكندرية لتقول إن مصر هي المستهدفة وأن الإرهاب أعمي لا يفرق بين مسلم وقبطي. وأن الحادث ما هو إلا حلقة من حلقات الوقيعة بين المسلمين والأقباط.. لكن الله رد كيد الكائدين في نحورهم.. وتأكد من جديد أننا جميعا في خندق واحد.
إن الرئيس مبارك يعي أن الإرهاب مازال متربصا بنا ويطل علينا بوجهه القبيح بين الحين والآخر. وجاءت حادثة الإسكندرية تحمل في طياتها تورط أصابع خارجية تهدف إلي جعل مصر ساحة لشرور الإرهاب الذي ينتشر في منطقتنا ومن حولنا.
وبالطبع لابد من أن الرئيس اتخذ من الإجراءات ما هو كفيل بحماية البلد، فهو لا يترك الأمور للصدف لكن ليس كل ما يتخذه الرئيس من إجراءات قابلا للإعلام أو النشر. وقد أكد الرئيس للمواطنين جميعا أن قوي الإرهاب لن تنجح في مخططاتها وأنها ستفشل في زعزعة استقرار مصر أو النيل من أمان شعبها ووحدة مسلميها وأقباطها، وشدد علي أن أمن مصر القومي مسئوليته الأولي التي لن يفرط فيها أبدا ولن يسمح لأحد مهما كان أن يمسه أو يستخف بأرواح ومقدرات شعبه.
كان الرئيس محددا وحاسما عندما أكد لمواطنيه أن دماء أبنائنا لن تضيع هدرا وسنقطع يد الإرهاب المتربص بنا. وعندما يقول الرئيس ذلك فهو يعني تماما ما يقوله.. فقد كسبت مصر بقيادة مبارك معركتها ضد الإرهاب في التسعينات.. لذلك فمن لا يعي من الإرهابيين ذلك يخطئ خطأ فادحا.. فلن يفلتوا من العقاب.. فنحن جميعا في خندق واحد.. وسنقطع رأس الأفعي ونتصدي للإرهاب ونهزمه.
في الأزمات والمحن التي تمر بها الشعوب ينبغي أن يسود صوت العقل وأن يسيطر الجميع علي أعصابه، فلا وقت للمشاحنات خاصة لو لم يكن لها مبرر، وإذا كان البعض من الأقباط يتصور أن المسلمين هم الفاعلون فهذا خطأ يجب تداركه سريعا، لأن ما من مصلحة لمصري يدين بالإسلام أن يشعل النار في بلده.. وكذلك الأمر بالنسبة للمصري الذي يدين بالمسيحية.. فالمصريون جميعا ليس لهم مصلحة في تدمير بلدهم.. وإنما المصلحة لآخرين يتابعون الآن وينتظرون اشتعال الفتنة بين مواطني الشعب المصري.
قدرت تماما ما صرح به البابا شنودة.. فالرجل يدرك بوعيه وخبرته أن ما حدث يستهدف مصر وزعزعة استقرارها وأمنها.. فهناك قوي لاتريد الخير لهذا البلد.. ارتكبت هذا العمل الإجرامي.. فالذين يستهدفون مصر هم أعداء للمسلمين والمسيحيين علي السواء.. ويسعون لإثارة الفتنة علي أرض الوطن. وكان البابا حازما وهو يؤكد أن كل من يحاول إثارة الفتنة علي أرض مصر.. لن يجد سوي جسد منيع قوي يأبي الانهيار وقادر علي التصدي لكل المؤامرات وكشفها ودحرها.
إن الصوت الواعي للبابا شنودة يجسد روح مصر.. فهناك إدراك لطبيعة حادث إرهابي يهدف إلي الإضرار بالمجتمع كله، والفرق بينه وبين حوادث أخري قد يفسرها البعض بأنها ضد الأقباط، فحادثة الإسكندرية تهدف إلي الإضرار بالأمن القومي وليس مجرد قتل مواطنين انتقاما من شيء ما، فالهدف الكبير.. مصر.. فعندما يثور الأقباط.. ويرد المسلمون بنفس الفعل.. هنا يتحقق الهدف الخبيث.
الهدف الخبيث الذي تورط فيه بعض الشخصيات التي ما كان يجب أن تتورط، مثل بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر الذي دعا قادة العالم للدفاع عن المسيحيين من الانتهاكات وعدم التسامح الديني. قال البابا أثناء قداس رأس السنة في كاتدرائية القديس بطرس، أوجه مرة أخري دعوة ملحة إلي عدم الاستسلام للإحباط والانصياع أمام التوترات التي تحمل تهديدا في الوقت الراهن وأمام أعمال التمييز. وألح الرجل في طلبه وتحريضه وقال إنها مهمة شاقة لا تكفي من أجلها الأقوال ويتعين الالتزام العملي من مسئولي الأمم.
ونحا نحوه أسقف كانتربري رويان ويليامز الذي قال إن الهجوم علي مسيحيين في الإسكندرية هو تذكير جديد رهيب بالضغوط التي تتحملها الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط ويذكر بالفظائع التي ارتكبت في الأسابيع الأخيرة.
ماذا يريد بندكت وماذا يريد الأسقف؟
هل يريدان حربا صليبية جديدة؟.
إذا كان البابا شنودة المصري الصميم يدرك المعني وراء العملية الإرهابية وإذا كان الرجل أكد أن وراءها أيدي تهدف للضرر بمصر، فما دخلك يا بابا الفاتيكان في شأن مصري لايرتبط بديانة أو بفئوية؟
لقد زار شيوخ الإسلام البابا شنودة، فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب وفضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ود.محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف وقدموا واجب العزاء للشهداء من المصريين الذين راحوا ضحية الإرهاب الخسيس في الإسكندرية.. ودعا البابا شنودة الأقباط إلي الهدوء وضبط النفس مؤكدا اهتمام الدولة بكل مستوياتها بالتصدي لهذه الجرائم ومكافحتها.
وكان شيخ الأزهر واضحا وحاسما عندما رفض دعوة بابا الفاتيكان الذي يذكرنا وأسقف كانتربري بدعوات الحروب الصليبية، فالدعوة غير مقبولة من شخصية مثل بابا الفاتيكان الذي تحتم عليه مكانته أن يتحلي بالعقلانية والحكمة. لقد تساءل شيخ الأزهر وهو محق: لماذا لم يطالب بابا الفاتيكان بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال القتل في العراق من قوات الاحتلال المسيحية؟.
كان علي بابا الفاتيكان أن يتروي قبل أن ينطق بمثل هذا الكلام ولا يجب عليه أن ينظر بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين.
أقول لكل مصري.. مسلما أو مسيحيا.. إن الخطر يأتي من داخلك إذا نظرت بريبة إلي أخيك.. لقد عاش الجميع في ظل كل ما مر بمصر من محن وأهوال عبر التاريخ.. لم يكن أحد من الدخلاء المستعمرين يفرق بين مسلم ومسيحي، كان الجميع لديه سواء، الجميع يتعرض للظلم والتعذيب والبطش.
اعرفوا أن مصر ستكون قوية بكم جميعا.. فلا تكونوا أنتم سبب الضرر لمصر. لقد انتفض الشعور العربي للإحساس بالخطر بضرب مصر.. فلا تكونوا أقل شعورا من أشقائنا العرب الذين يدركون أن ضرب مصر يعني ضرب العروبة.. وأن تفتيت مصر هو البداية لخطوات تآمرية عديدة تستهدف النيل من البلد الذي صمد طويلا.
اللهم احفظ مصر وأهل مصر.
كم عمر مصر؟..
آلاف السنين، عشرات القرون، دهر طويل عاشه هذا البلد ضاربا جذوره في عمق التاريخ، بلد بهذا العمر، وبهذا الحجم الحضاري، كم تعرض لمحن وأزمات وكم مر عليه من أهوال، كم من مرة احتلته جيوش وغزاة، وكم من مرة تحرر وطرد المحتلين، وكثيرا ما بلع وهضم ثم لفظ كل الذين جاءوا ليحتلوه أو يغيروه وجعلهم يتغيرون علي شاكلته.
مصر تتفرد من بين الدول القديمة أنها عاشت عمرا مديدا، عاشت في الوقت الذي اختفت فيه إمبراطوريات جثمت علي أنفاس الشعوب ومنها الشعب المصري. مر علي مصر أجناس وأشكال مختلفة من الشعوب الأخري، لم تغيره ولم تؤثر فيه، والعكس هو الصحيح.
وكما حدث في الماضي ، حدث بالأمس في الإسكندرية، محنة تمر بها مصر، دماء مصرية سالت بدون ذنب، إرهابيون قتلة اغتالوا فرحة الأبرياء بالعيد. لا كلام يمكن أن يصف حالة الفزع.. القلق.. الصدمة.. الذهول.. الغضب.. الرغبة في الانتقام من المجرمين.. الخوف علي مصر.. الاستنفار وتشمير السواعد لحماية البلد العريق الذي حفظه الله من كل سوء حتي لو كان قد مر بمحن وكوارث، فهو حي، ربما يمرض، ربما يصيبه الضعف، لكنه لايموت، وسيظل كذلك لأنه البلد العبقري الذي يحمل في جنباته كل عوامل الحياة وكل عناصر الاستمرار.
في وقت الحدث، غليان في المشاعر، الناس معذورة، عبارات تتناثر للتعبير عن الغضب، مسيحيون ثائرون، مسلمون غاضبون. المسيحيون ثائرون لأن بعضهم يعتقد أن من ارتكب الجريمة النكراء.. مسلم .. فكل ما يأتي ضدهم لابد أنه آت من مسلم أو مسلمين.. هكذا تغذت بعض العقول علي ما يأتي من الخارج ويزكي الفتنة.. والمسلمون غاضبون لأن تلصق بهم هذه التهمة.. فالمسلم الحق لا يرتكب مثل هذه الجريمة.. والمسلم الحق حريص علي الحياة بجانب أخيه المسيحي في سلام ووفاق.. ولماذا تلصق التهمة دائما بمسلم.. لماذا لا يكون إرهابيا لا دين له.. ببساطة لماذا يجب أن يكون هناك مسيحي ومسلم..!!! الصحيح أن يكون هناك مصري.
الدولة المصرية تحترم دستورها.. يقوم رئيس الدولة ومؤسساتها علي حراسة الدستور وحمايته وتطبيقه.. الدستور المصري يؤكد علي حق المواطنة.. ولم يقل أنها مقصورة علي مسلم أو مسيحي.. رئيس الدولة لم يغمض له جفن فقد خرج للحديث مع مواطنيه بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث الذي وقع بعد منتصف الليل.. قال إن العمل الإرهابي استهدف الوطن بأقباطه ومسلميه.. امتزجت دماء الشهداء والجرحي علي أرض الإسكندرية لتقول إن مصر هي المستهدفة وأن الإرهاب أعمي لا يفرق بين مسلم وقبطي. وأن الحادث ما هو إلا حلقة من حلقات الوقيعة بين المسلمين والأقباط.. لكن الله رد كيد الكائدين في نحورهم.. وتأكد من جديد أننا جميعا في خندق واحد.
إن الرئيس مبارك يعي أن الإرهاب مازال متربصا بنا ويطل علينا بوجهه القبيح بين الحين والآخر. وجاءت حادثة الإسكندرية تحمل في طياتها تورط أصابع خارجية تهدف إلي جعل مصر ساحة لشرور الإرهاب الذي ينتشر في منطقتنا ومن حولنا.
وبالطبع لابد من أن الرئيس اتخذ من الإجراءات ما هو كفيل بحماية البلد، فهو لا يترك الأمور للصدف لكن ليس كل ما يتخذه الرئيس من إجراءات قابلا للإعلام أو النشر. وقد أكد الرئيس للمواطنين جميعا أن قوي الإرهاب لن تنجح في مخططاتها وأنها ستفشل في زعزعة استقرار مصر أو النيل من أمان شعبها ووحدة مسلميها وأقباطها، وشدد علي أن أمن مصر القومي مسئوليته الأولي التي لن يفرط فيها أبدا ولن يسمح لأحد مهما كان أن يمسه أو يستخف بأرواح ومقدرات شعبه.
كان الرئيس محددا وحاسما عندما أكد لمواطنيه أن دماء أبنائنا لن تضيع هدرا وسنقطع يد الإرهاب المتربص بنا. وعندما يقول الرئيس ذلك فهو يعني تماما ما يقوله.. فقد كسبت مصر بقيادة مبارك معركتها ضد الإرهاب في التسعينات.. لذلك فمن لا يعي من الإرهابيين ذلك يخطئ خطأ فادحا.. فلن يفلتوا من العقاب.. فنحن جميعا في خندق واحد.. وسنقطع رأس الأفعي ونتصدي للإرهاب ونهزمه.
في الأزمات والمحن التي تمر بها الشعوب ينبغي أن يسود صوت العقل وأن يسيطر الجميع علي أعصابه، فلا وقت للمشاحنات خاصة لو لم يكن لها مبرر، وإذا كان البعض من الأقباط يتصور أن المسلمين هم الفاعلون فهذا خطأ يجب تداركه سريعا، لأن ما من مصلحة لمصري يدين بالإسلام أن يشعل النار في بلده.. وكذلك الأمر بالنسبة للمصري الذي يدين بالمسيحية.. فالمصريون جميعا ليس لهم مصلحة في تدمير بلدهم.. وإنما المصلحة لآخرين يتابعون الآن وينتظرون اشتعال الفتنة بين مواطني الشعب المصري.
قدرت تماما ما صرح به البابا شنودة.. فالرجل يدرك بوعيه وخبرته أن ما حدث يستهدف مصر وزعزعة استقرارها وأمنها.. فهناك قوي لاتريد الخير لهذا البلد.. ارتكبت هذا العمل الإجرامي.. فالذين يستهدفون مصر هم أعداء للمسلمين والمسيحيين علي السواء.. ويسعون لإثارة الفتنة علي أرض الوطن. وكان البابا حازما وهو يؤكد أن كل من يحاول إثارة الفتنة علي أرض مصر.. لن يجد سوي جسد منيع قوي يأبي الانهيار وقادر علي التصدي لكل المؤامرات وكشفها ودحرها.
إن الصوت الواعي للبابا شنودة يجسد روح مصر.. فهناك إدراك لطبيعة حادث إرهابي يهدف إلي الإضرار بالمجتمع كله، والفرق بينه وبين حوادث أخري قد يفسرها البعض بأنها ضد الأقباط، فحادثة الإسكندرية تهدف إلي الإضرار بالأمن القومي وليس مجرد قتل مواطنين انتقاما من شيء ما، فالهدف الكبير.. مصر.. فعندما يثور الأقباط.. ويرد المسلمون بنفس الفعل.. هنا يتحقق الهدف الخبيث.
الهدف الخبيث الذي تورط فيه بعض الشخصيات التي ما كان يجب أن تتورط، مثل بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر الذي دعا قادة العالم للدفاع عن المسيحيين من الانتهاكات وعدم التسامح الديني. قال البابا أثناء قداس رأس السنة في كاتدرائية القديس بطرس، أوجه مرة أخري دعوة ملحة إلي عدم الاستسلام للإحباط والانصياع أمام التوترات التي تحمل تهديدا في الوقت الراهن وأمام أعمال التمييز. وألح الرجل في طلبه وتحريضه وقال إنها مهمة شاقة لا تكفي من أجلها الأقوال ويتعين الالتزام العملي من مسئولي الأمم.
ونحا نحوه أسقف كانتربري رويان ويليامز الذي قال إن الهجوم علي مسيحيين في الإسكندرية هو تذكير جديد رهيب بالضغوط التي تتحملها الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط ويذكر بالفظائع التي ارتكبت في الأسابيع الأخيرة.
ماذا يريد بندكت وماذا يريد الأسقف؟
هل يريدان حربا صليبية جديدة؟.
إذا كان البابا شنودة المصري الصميم يدرك المعني وراء العملية الإرهابية وإذا كان الرجل أكد أن وراءها أيدي تهدف للضرر بمصر، فما دخلك يا بابا الفاتيكان في شأن مصري لايرتبط بديانة أو بفئوية؟
لقد زار شيوخ الإسلام البابا شنودة، فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب وفضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ود.محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف وقدموا واجب العزاء للشهداء من المصريين الذين راحوا ضحية الإرهاب الخسيس في الإسكندرية.. ودعا البابا شنودة الأقباط إلي الهدوء وضبط النفس مؤكدا اهتمام الدولة بكل مستوياتها بالتصدي لهذه الجرائم ومكافحتها.
وكان شيخ الأزهر واضحا وحاسما عندما رفض دعوة بابا الفاتيكان الذي يذكرنا وأسقف كانتربري بدعوات الحروب الصليبية، فالدعوة غير مقبولة من شخصية مثل بابا الفاتيكان الذي تحتم عليه مكانته أن يتحلي بالعقلانية والحكمة. لقد تساءل شيخ الأزهر وهو محق: لماذا لم يطالب بابا الفاتيكان بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال القتل في العراق من قوات الاحتلال المسيحية؟.
كان علي بابا الفاتيكان أن يتروي قبل أن ينطق بمثل هذا الكلام ولا يجب عليه أن ينظر بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين.
أقول لكل مصري.. مسلما أو مسيحيا.. إن الخطر يأتي من داخلك إذا نظرت بريبة إلي أخيك.. لقد عاش الجميع في ظل كل ما مر بمصر من محن وأهوال عبر التاريخ.. لم يكن أحد من الدخلاء المستعمرين يفرق بين مسلم ومسيحي، كان الجميع لديه سواء، الجميع يتعرض للظلم والتعذيب والبطش.
اعرفوا أن مصر ستكون قوية بكم جميعا.. فلا تكونوا أنتم سبب الضرر لمصر. لقد انتفض الشعور العربي للإحساس بالخطر بضرب مصر.. فلا تكونوا أقل شعورا من أشقائنا العرب الذين يدركون أن ضرب مصر يعني ضرب العروبة.. وأن تفتيت مصر هو البداية لخطوات تآمرية عديدة تستهدف النيل من البلد الذي صمد طويلا.
اللهم احفظ مصر وأهل مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.