ماذا تفعل البنوك التي تعمل في منطقة ما ويغلب عليها نشاط معين تستهدفه ثم فجأة تتغير طبيعة هذا النشاط بهذه المنطقة؟ وما الاستراتيجية التي تمكنها من البقاء؟ وهل من الممكن أن يقرر البنك الانسحاب في هذه الحالة؟ وما الدراسات التي تتم قبل إنشاء الفرع؟ هذه التساؤلات فرضت نفسها بعدما كشف مسئولو البنوك في بورسعيد عن تدهور نشاط الفروع العاملة بالمدينة بعد تغير النشاط الاقتصادي بها. من جانبهم اتفق المصرفيون علي أهمية تعديل نشاط الفرع بما يتناسب مع التغيرات الجديدة، مع امكانية خفض تكلفة الفرع من خلال تقليص عدد العاملين والملاحق التابعة لكنهم في نفس الوقت اختلفوا حول امكانية إغلاق فرع في منطقة معينة حتي وإن فقدت عوامل جذبها الأساسية. وفي الوقت الذي يري فيه البعض أن إغلاق فرع بنك بمنطقة ما أمر وارد إذا ثبت عدم جدواه، يؤكد آخرون صعوبة ذلك، مع وجود البدائل الأخري، والتي تعتمد علي ايجاد خدمات ونشاطات جديدة يستطيع الفرع من خلالها ممارسة دوره وتحقيق الأرباح المستهدفة. دراسة المكان د. عمرو قيس عضو مجلس إدارة بنك القاهرة يؤكد أن إنشاء فرع لبنك ما في مكان معين يخضع لدراسة دقيقة ويكون وفقاً لاستراتيجية تسويقية للبنك، مشيراً إلي أن البنك الذي يستهدف الأفراد تكون استراتيجيته مبنية علي الانتشار من خلال عدد كبير من الفروع فكلما كان عدد الفروع أكبر كانت جاذبية البنك عند المستهلك أعلي، وذلك بخلاف البنوك التي تستهدف الشركات حيث يكون التركيز علي أماكن تواجد العميل المستهدف ولا يشترط تعدد الفروع. ويمضي د. عمرو قائلاً: وفي كل الحالات يتم دراسة المكان الذي ينوي البنك إنشاء فرع به من جميع الزوايا. وحول إمكانية تغيير أو تعديل نشاط البنك أو نقله في حالة ما إذا تبين عدم جدوي المكان الذي أقيم فيه قال: إن التسويق يحمل متغيرات ويجب أن يتماشي البنك مع هذه المتغيرات، فيمكن أن يعدل من نشاط الفرع أو بدمج فرعين قريبين من مكان واحد أو حتي يغلق الفرع إذا تأكد عدم جدواه وأشار د. عمرو إلي أن الفرع يمثل بنكاً صغيراً ويجب أن تكون أرباحه أعلي من تكلفته وإذا حقق خسائر لابد أن يعرف لماذا خسر وكيف يوجد فرص ربح جديدة..؟ الإغلاق وارد ومن جانبها أكدت رابعة عبدالحميد مدير عام قطاع الفروع بالبنك الأهلي أن البنك أمامه العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها في حالة تغيير طبيعة المكان الذي أنشئ فيه الفرع، كأن يغير أو يعدل من طبيعة نشاطه بحيث يتوسع في أنشطة أخري بجانب النشاط الأساسي الذي فرضته طبيعة المكان، كما يمكن تغيير مكان الفرع أو نقله لمنطقة أخري أكثر نشاطاً وكذا يمكن غلق الفرع إذا ثبت عدم جدواه، أو الاكتفاء بمكتب صغير بدلاً من فرع كامل لتقليل التكلفة. وتشير إلي أن البنك يقوم بدراسة وافية قبل إنشاء الفرع، تشمل دراسة الفئات المستهدفة ونوعية الخدمات المقدمة ونوع النشاط الغالب علي المنطقة موضحة أن خطة البنك تكون مبنية علي توزيع نشاط الفرع لكنها قالت إن الخطة قابلة للإضافة والتعديل، بحيث يمكن تعديل النشاط في حالة إذا ما استدعت الظروف ذلك. وقالت إن الفرع يعامل معاملة البنك وينبغي أن تكون أرباحه أعلي من تكلفته. معدلات التوظيف أما محمد عبدالمعطي مدير عام قطاع التفتيش بالبنك الأهلي فيقول: إن وجود البنك في مكان معين يؤدي إلي تحول نشاط البنك لخدمة وتنمية هذه المنطقة وبالتالي تأثر نشاط البنك بما هو قائم في سوق دائرة التواجد، مشيراً إلي أن البنك بذلك يحقق أعلي معدلات في التوظيف والإيرادات. وقال عبدالمعطي إنه قبل إنشاء الفرع يقوم البنك بدراسة جدوي للمنطقة المرشحة تأخذ في الاعتبار شريحة المجتمع المستهدفة والبنوك المنافسة وعددها، وكذا تكلفة إنشاء الفرع، كما يتم حساب الأرباح المتوقعة. وحول ما إذا كانت أهداف البنوك العامة تختلف عن البنوك الخاصة بحيث تحمل أهدافاً قومية قد تأتي علي حساب الربح قال: إن مفاهيم العمل المصرفي القديمة اختلفت في ظل الصناعة المصرفية الحديثة وأصبح البنك سواء عاماً أو خاصاً يستهدف تحقيق أرباح بشكل أساسي وإن كان ذلك لا ينفي أن يقوم ببعض العمليات التي تخدم الأهداف القومية وتحقق أرباحاً أيضاً. وأوضح أن لكل فرع معدل نشاط مستهدف سواء علي مستوي الأرباح أو الائتمان أو غير ذلك، مشيراً إلي أن طبيعة المكان تحدد نوع نشاط الفرع، فمثلاً فروع المطار تستهدف نشاطاً معيناً مثل جذب الإيداعات والعملات الأجنبية ويمكن تغيير نشاط الفرع إذا تغيرت طبيعة المكان الثاني أنشئ فيه.