لم تكن تجربة الاقتصادي الاَسيوي الشهير محمد يونس الحاصل علي جائزة نوبل لتجربته الفريدة في تقديم التمويل الصغير تحت اسم بنك الفقراء هي الوحيدة حيث يوجد العديد من التجارب العالمية بخلاف هذه التجربة تكشفها لنا مؤمنة إعجاز الدين مديرة برنامج الإقراض الصغير للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمؤسسة التمويل الدولية خلال لقاء "الأسبوعي" بها أثناء زيارتها القصيرة إلي مصر حيث نبهت إلي احتياج مصر إلي تشريع جديد لتنظيم عمل بنوك ومؤسسات التمويل المتناهي الصغر، إضافة إلي استعراض العديد من النماذج الناجحة في هذا المجال والتي قدمت لها مؤسسة التمويل الدولية الدعم المالي والفني أيضا. بداية نود أن نعرف خلفية عامة عن طبيعة الخدمات التي تقدمونها في مجال التمويل متناهي الصغر؟ نحن لنا مساهمات عالمية كثيرة في هذا الصدد فنحن استثمرنا ما يقرب من 500 مليون دولار في أكثر من 47 بلدا ولدينا حافظة مجمعة للتمويل المتناهي الصغر تزيد قيمتها علي 6.5 مليار دولار ويستفيد منها حوالي 5.3 مليون من أصحاب المشروعات الحرة والقروض التي توفرها المؤسسة بسعر فائدة السوق وليست قروضا مدعومة ولكننا نقدم دعما فنيا ونستهدف التشجيع علي إقامة مؤسسات مستدامة تجاريا للتمويل المتناهي الصغر، ونقدم خدماتنا بأساليب عديدة إما من خلال تقديم التمويل المتناهي الصغر من خلال منظمات غير حكومية وإما من خلال تقديم الدعم لشركات وبنوك التمويل المتناهي الصغر وإما مساعدة البنوك التجارية الكبري علي إدخال هذه الخدمات التمويلية فنحن نهدف إلي دمج التمويل الصغير في صميم صناعة الخدمات المصرفية. التجارب الدولية هل هناك تجارب دولية ناجحة في هذا المجال؟ بالطبع فنحن ساهمنا في إنشاء ما يزيد علي 25 مؤسسة للتمويل متناهي الصغر ونجحت المؤسسات التي ندعمها في الوصول إلي أعداد كبيرة من العملاء، ففي المغرب علي سبيل المثال نجحت منظمة عالمنا غير الحكومية التي تقدم هذا النوع من التمويل في الوصول إلي مليون عميل، وشاركنا في تأسيس مؤسسات كبنك أفغانستانوباكستان الأول للتمويل المتناهي الصغر، ونساعد المنظمات غير الحكومية علي التحول إلي بنوك تجارية للتمويل متناهي الصغر، وطبقنا تجربة ناجحة في كمبوديا حيث استثمرنا ما يزيد علي 6.1 مليون دولار كمساعدة فنية لتمكين رابطة هيئات التنمية الاقتصادية المحلية للتحول إلي شركة تمويل ثم بنك تجاري وكانت تجربة ناجحة حيث وصلت قيمة القروض متناهية الصغر التي تقدمها إلي ما يزيد علي 136 مليون دولار، وفي المنطقة نساند مؤسسة كشف في باكستان في إنشاء بنك للتمويل متناهي الصغر. هل بنوك التمويل متناهي الصغر تعمل بأسلوب البنوك التجارية أعني تهدف للربح؟ بالطبع ففي باكستان علي سبيل المثال تشريع ينظم عمل هذه البنوك وهي تعمل مثل البنوك التقليدية تهدف للربح ومساهموها من القطاع الخاص وتقوم بالأنشطة المعتادة للمصارف كالإقراض والإيداع، والفرق الوحيد أن هذه البنوك تتخصص في تقديم التمويل متناهي الصغر. وما أسعار القروض؟ سعر الفائدة يكون أعلي من سعر فائدة قروض البنوك التجارية الأخري لأن سياسات هذه البنوك تقوم علي استهداف الوصول للعميل ولا ينتظرون أن يأتي هو إليهم وهو ما يمثل تكلفة إضافية علي هذه البنوك، ولكن في المقابل توفر هذه البنوك أدوات تمويلية غير متوافرة للفقراء وتمثل لهم مكانا اَمنا للاقتراض والإيداع يتعاملون معه بمنتهي المرونة. ما طبيعة الضمانات التي تطلبها هذه البنوك للإقراض؟ هذه البنوك لا تطلب ضمانات علي غرار الضمانات التقليدية فهي لا تسأل المقترض إن كان يمتلك مسكنا أو أرضا علي سبيل المثال ولكنها تعتمد علي حجم التدفق النقدي الذي يأتي إلي هذا المقترض فهذه البنوك لا تستهدف العميل المالك ولكنها تستهدف العميل المنتج. كيف استطاعت تجارب بنوك التمويل متناهي الصغر أن توجد ثقافة الاقتراض والاستثمار عند الفقراء؟ بداية كما قلت لك هذه البنوك تعتمد علي الوصول للعميل وعرض الخدمة عليه ولا تنتظره هو أن يأتي إليها ونحن نعاون البنوك بمساعدات فنية للتعامل بشكل مرن مع الفقراء فقدمنا دعما علي سبيل المثال لتطبيق استراتيجية تقديم الخدمات المصرفية عبر المحمول والفقراء قد يفتقدون بعض الثقافة في مجال البيزنس ولكنهم يعلمون جيدا حجم المال الذي يحققونه من أعمالهم وحجم ما يستطيعون سداده. وكيف تتعامل هذه البنوك مع المتعثرين؟ نسبة التعثر في هذه النوعية من القروض أقل بكثير من القروض الكبيرة فنحن نعتبرها أكثر أمانا وهي تعتمد علي سياسة سداد سريع للديون قد تكون شهرية وأحيانا تكون يومية وبالطبع في حال التعثر يختلف أسلوب التعامل مع المقترض الصغير عن المقترض الكبير. الاقتصادي الشهير محمد يونس قدم من خلال نموذج بنك الفقراء قروضا بدون فائدة علي الإطلاق فهل هو نموذج أنجح من نماذج البنوك التجارية التي عرضتها؟ هذا نموذج مختلف وأود أن أشير هنا إلي أنه حتي في بنجلاديش فهناك نماذج متعددة للتمويل المتناهي الصغر، وبالتأكيد محمد يونس قدم إضافة عظيمة في هذا المجال وساهم في إيجاد الثقة في تمويل الفقراء حيث كان يعتقد البعض أن الفقير سيأخذ القرض ويهرب به، ولكنني أعتقد أن نموذج البنوك التجارية في هذا المجال يتيح لها أن تنمو بشكل أكبر من خلال الأرباح التي تحققها وتتوسع في نشاطها لتصل إلي أكبر عدد ممكن من الفقراء، كما أن المساهمين في هذه البنوك يراقبون أداء البنك ويحفزونه دائما علي توسعة أنشطته. أوضاع مصرية وما أنشطتكم في مصر وخططكم المستقبلية؟ مصر من أكبر الأسواق وفيه فرصة كبيرة لنمو هذا النشاط ونحن نقدم تمويلنا المتناهي الصغر من خلال المنظمات غير الحكومية كما أننا ساعدنا بنك مصر في إنشاء حافظة ائتمان متناهي الصغر بقيمة 7 ملايين دولار أمريكي في أقل من عام ويسهم الاَن في تحقيق ربحية للبنك، ولكن مصر تحتاج إلي تعديل تشريعي لتسمح بعمل البنوك وشركات التمويل غير البنكية المتخصصة في مجال التمويل متناهي الصغر في مصر، وأود أن أشير هنا إلي النموذج الأخير فهو نموذج ناجح أيضا في المنطقة فهي عبارة عن شركات تقدم القروض ولكنها لا تتلقي الإيداع وطبقت في اليمن والأردن.