بدأت علامات الاستفهام ومشاعر القلق تظهر حول معايير اختيار اعضاء اللجنة التأسيسية والمنوط بها صياغة الدستور الجديد في ظل هيمنة واضحة للتيار الاسلامي وممثليه من الاخوان والنور السلفي علي البرلمان . لعل هذه المناسبة فرصة لاستحضارعبد الرازق السنهوري وما تركه علي صعيد الفكر القانوني ليس في مصر حسب، بل في العالم العربي كلّه.. رغم اصطدامه مع الرئيس جمال عبد الناصر العام 1954 حين دعا الي حلّ مجلس قيادة الثورة وإعادة الجيش الي ثكناته، وإطلاق الحريات الديمقراطية وعلي الرغم من مواقفه المتحفّظة علي دور العسكر وميله الي الشرعية الديمقراطية والدستورية بديلاً عن الشرعية الثورية فقد ساهم في إعداد دستور مصر بعد ثورة يوليو 1952بعد إلغاء دستور العام 1923. وهو دستورعام1954 ضمن لجنة تكونت من خمسين شخصية فقط والذي كان مدخلا لمقترح بمعايير اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور منها أن يصدر بتشكيلها قرار من البرلمان بأغلبية ثلثي الأعضاء علي الأقل وأن يكون ممثلوها من خارج عضوية البرلمان علي أن ينطبق عليهم الشروط الخاصة بعضوية المجالس النيابية مع عدم الإخلال بالمراكز القانونية لكل عضو عند تشكيل الجمعية التأسيسية - فأنه يحظر تعيين أي عضو فيها لشغل أي منصب قيادي بالجهاز الإداري أو السلطة التنفيذية للدولة لمدة سنتين متتالية لإقرار الدستور، علاوة علي عدالة تمثيل القوي المختلفة والتيارات السياسية والمهنية وقادة الفكر والعلم والفن. تعديل الاعلان الامين السابق للمجلس الاستشاري، الفقيه القانوني دكتور "محمد نور فرحات" يري ضرورة اصدار تعديل دستوري تحديدي من المجلس العسكري طبقا لما جاء في بيانه الصادر يوليو الماضي يتضمن هذا الاعلان معايير تشكيل اللجنة التاسيسية والتي يلتزم بها مجلسا الشعب والشوري بحيث يكون هذا التشكيل ممثلا لجميع التيارات السياسية والاجتماعية والدينية والمهنية وكذلك الجغرافية ودون ذلك سوف يكون هناك مخاطر حقيقية ففي حالة امتلاك اغلبية البرلمان من التيار الاسلامي لاختيار الجمعية من بين اعضائه يشكل الامر مخاطر جسيمة علي الطابع المدني للدولة المصرية. توافق الاحزاب واشارعضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع" حسين عبد الرازق" إلي ان هناك محاولات اجريت منذ فترة لتحديد المعايير التي يتم علي أساسها اختيار الجمعية التأسيسية الخاصة بصياغة الدستور باعتبار ان الدساتير لا تتم صياغتها علي ضوء اغلبية واقلية في لحظة معينة وانما لابد أن يعكس الدستور توافق كل الاحزاب والقوي السياسية والاجتماعية والطبقية والمناطقية وقد اسفرت هذه المحاولة عن الوثيقة التي طرحها د. علي السلمي والتي لم يتم الاخذ بها لوجود مادتين تحول للقوات المسلحة الي سلطة فوق السلطات الثلاث وبالتالي ضاعت هذه المعايير ولم يتم النقاش حولها واضاف" حسين" انه في الوقت الحاضر يحاول المجلس الاستشاري من خلال حوار أجراه مع الاحزاب والقوي الي الاتفاق حول مثل هذه المعاييرولكن حزب الحرية والعدالة قاطع هذه الاجتماعات بما يؤكد رفضه لوضع المعايير وربما ايضا رفضه لفكرة التوافق في تشكيل اللجنة وفي اقرار الدستور متصورا ان أغلبيته وحزب النور تعطي له الحق في صياغة دستور طبقا لايدلوجيته وهذا خطر يهدد العملية الديمقراطية بالكامل. اما الخبير القانوني" عصام الاسلامبولي" فيري ان هذا الارتباك فيما يخص تشكيل اللجنة ما هو إلا ثمرة خطأ اجراء الانتخابات البرلمانية أولا قبل صياغة الدستور وجزء من تداعياته. واوضح ان الاعلان الدستوري لابد وان يعدل في هذا الشأن لوضع ضوابط بحيث تكون ثمانون شخصية من خارج البرلمان وعشرون فقط يتم اختيارهم بواسطة اعضاء المجلس مشيرا الي ان ميدان التحرير مازال قادرا علي صنع القرار المناسب في مواجهة البرلمان في حالة انفراده باختيار اللجنة. ويري "عصام شيحه" عضو الهيئة العليا لحزب الوفد ان اول هذه المعايير هو التوافق الواحد فاللجنة التي تصنع الدستور لا يضعها الاغلبية وهو المتواجد في العالم لان معناها بالضرورة ان كل اغلبية تحكم ستغير الدستور ولذلك لابد من تمثيل كل القوي والنقابات علي أساس معيار الكفاءة والخبرة حتي تعبر تعبيرا صادقا عن طموحات الشعب اما اذا تم الاختيار وفقا للتوجه السياسي سيكون وهذا هو الخطر الاكبر واتفقت د. "فوزية عبد الستار" استاذ الفقه الدستوري علي ضرورة التوافق بين القوي والبرلمان والعسكري لانه في حالة غيابه لا توجد ضمانة للخروج من المخاوف المسيطرة علي الشعب في تلك المرحلة ، الامر الذي يتطلب الملاءمة السياسية وعدم الاقتصار علي تيار معين حتي تمثل كل الاطياف في المجتمع. اما الفقيه الدستوري د."حسام عيسي" فيري اهمية ان تشمل تلك اللجنة مختلف الشخصيات العامة المؤثرة في البلاد مع تمثيل الفئات التي ظلمت في البرلمان كالشباب والمرأه وممثلين عن الجامعات والادباء وصناع الوجدان مع ضرورة الا نترك المعايير للاغلبية البرلمانية حتي لا تصنع ما يصب في مصلحتها وما يضمن ذلك هو علانية الصياغة لمواد الدستور ورقابة الشعب عليه قبل الاستفتاء بما يكفل التعديل لاي تحفظات في المواد.