بتبادل الجواسيس بين روسياوالولاياتالمتحدة يوم الخميس الماضي تمكنت الولاياتالمتحدة و روسيا من وأد خطر داهم كان سيهدد العلاقات بين البلدين التي تشهد في الوقت الراهن انفراجة كبري لم تشهد لها العلاقات بين البلدين مثيلاً ، خاصة بعد وصول كل من ميدفيدوف و أوباما للسلطة . كان الجواسيس الروس العشرة قد وقفوا أمام إحدي المحاكم في نيويورك و اعترفوا بأسمائهم الحقيقية حيث كان ينتحل كل منهم اسماً أمريكياً ، كما اعترف الجواسيس العشرة بأنهم تجسسوا لصالح روسيا ، و بعد مفاوضات سريعة أملتها ظروف و مناخ دوليين - سنعود لهما لاحقاً- اتفق الطرفان علي صفقة التبادل ، و تم ترحيل العملاء الروس إلي أحد المطارات القريبة من نيويورك تمهيداً لإتمام الصفقة . علي الجانب الآخر من المحيط كان الرئيس ميدفيدوف يوقع قراراً بالعفو عن أربعة جواسيس روس كانوا عملاء للولايات المتحدة ثم لترحيلهم ، تمهيداً للتبادل في مطار فيينا ، و رغم أن السلطات الأمريكية كانت قد أشارت إلي عدم أهمية المعلومات التي حصل عليها العملاء الروس العشرة ، فإنها طالبت بجواسيس لها من العيار الثقيل و يكفي أن أحدهم هو عالم روسي في معهد أمريكا و كندا و هو إيجور سوتياجين ، و عقيد في المخابرات الحربية الروسية و هو سرجي سكريبل و أحد العاملين في فرع المخابرات الخارجية الروسية و هو الكسندر زوبوروجسكي و آخرهم كان برتبة رائد في الكي جي بي و هو جينادي فاسيلينكو. القضية هنا ليست في عدد الجواسيس و لا أهميتهم ، و لكن في الشياكة و السرعة التي تمت بها عملية التبادل و هل من ظروف دولية و داخلية أملت مثل تلك ، فالعلاقات بين البلدين و حاجتهما لبعضهما البعض حالياًً هي التي فرضت عدم فتح جبهة للحرب الباردة ، علي سبيل المثال الولاياتالمتحدة و هي التي يحق لها أن تغضب ، فبينما كان الرئيس الروسي يستقبل علي أحسن ما يكون و علي أعلي مستوي من الحفاوة يتم الإعلان عن شبكة الروس العشرة للتجسس ، و مع ذلك تتصرف الولاياتالمتحدة ببرود أعصاب غير عادي ، ذلك لأن الولاياتالمتحدة تحتاج لجهود روسيا في الملف الإيراني و ملف أفغانستان و الدعم اللجستي الروسي في هذا المجال لا غني عنه ، روسيا من جانبها تدرك مدي تأثير الولاياتالمتحدة علي دول مثل جورجيا و أذربيجان و هي مناطق متاخمة لشمال القوقاز المتوتر ، كما أن ضم جورجيا لحلف الناتو بوضعها الحالي سيخلق توترا علي توتر في منطقة القوقاز، بالإضافة إلي أن عملية التبادل تمت ما بين جواسيس محكومين في روسيا و فترة سجنهم أوشكت علي الانتهاء رغم أهميتهم كمصدر للمعلومات التي قدموها للولايات المتحدة، أما جواسيس روسيا العشرة رغم كثرتهم لم يقدموا شيئاً مهما لروسيا كجواسيس رغم أن أهمية المعلومات نسبية. هناك سبب آخر داخلي في الدولتين بالنسبة للولايات المتحدة ، ربما كان الكشف عن شبكة التجسس الروسية هو محاولة من اليمين الأمريكي الذي لا يستطيع العيش سوي في أجواء الحرب الباردة «لدق أسفين » في العلاقات المتنامية بين روسيا و الولاياتالمتحدة و أراد بذلك أن يقول بأن روسيا لم تتغير و هاهي تتجسس من جديد ، أما فيما يتعلق بروسيا فهو ربما نوع من الدعاية للرئيس الروسي الحالي ميدفيدوف علي حساب رئيس وزرائه فلاديمير بوتين المتوقع ترشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة و ظهر ذلك من خلال إشارة إحدي الصحف إلي أن الجواسيس العشرة هم جواسيس بوتين. لكن لا شك و بصرف النظر عن الأسباب فقد تمت عملية التبادل بسهولة و يسر و عملية مما يعكس مناخا جديدا في العلاقات بين روسيا و الولاياتالمتحدة ، اعتبره نقلة نوعية مهمة في تلك العلاقات. بقيت كلمة ، أكدت مصادر في البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي أوباما عرف بنبأ شبكة التجسس الروسية قبل لقائه الأخير بالرئيس الروسي ، البعض لا يستبعد أن سيناريو التبادل قد تمت مناقشته علي أعلي مستوي.