..« اليسار» يدافع عن المسلمين في بريطانيا رسالة لندن: يسري حسين تزدهر الاحزاب العنصرية خلال الازمات الاقتصادية . وينتعش خطاب التمييز والتفريق بين المواطنين في ظل التراجع عن الانفاق علي التعليم والخدمات والثقافة ، فالمرض العنصري ينمو في جوف التخلف والامراض الاجتماعية التي تجتاح البلاد التي تقف في ظل تعثر الاقتصاد ونمو المناطق العشوائية وزيادة حجم الجنوح الاجتماعي من ادمان واضطراب وارتفاع وتيرة الجريمة والاخفاق في التنمية . بريطانيا مثلها مثل دول أخري في أوروبا تعاني من نمو حركات عنصرية توجه نيرانها نحو الاقليات وثقافات أخري ، في محاولة لإطلاق الرصاص عليها . لكن هناك منظمات فاعلة في المجتمع تحتضن القوي المستنيرة والداعية لوقف خطر الفاشية والتحذير منه وتدعو إلي تجمعات ولقاءات في مسيرات للتنديد بالعنصرية واجرامها الذي يمزق المجتمعات إذا انتشر هذا الوباء داخلها . وقد تجمعت تظاهرات في شرق لندن لمحاربة العنصية والتنديد بها . وكانت الشعارات صريحة بأن المجتمع للجميع يعيش في ظلاله أصحاب الديانات المختلفة والعادات والتقاليد ، لافرق بين مسيحي ومسلم وآخر من طائفة « السيخ» أو « الهندوس» ، فالديمقراطية تتسع لكل المواطنين وتشجع علي الاختلاف وتنبذ هذا الشعار السخيف من ليس معنا فهو ضدنا . تاريخ للديمقراطية والحركات الديمقراطية المعادية للفاشية لها تاريخها الطويل . فقد حاربت بريطانيا النازية وانتصرت عليها . وقد اختلط جنود هنود مع بريطانيين في الدفاع عن العالم الحر ومناهضة نيران العنصرية النازية ، التي كانت تقسم البشرية إلي أجناس راقية وأخري هابطة ويندرج في هذا التصنيف عشرات الملل والمذاهب والعقائد والألوان غير البيضاء . كانت النازية كما تقول منشورات جري توزيعها في التظاهرة ، هي الدم الفاسد داخل الخلايا الاوروبية وحاولت فرض أمراضها علي العالم ، غير أن المقاومة التي اندلعت في فرنسا وبريطانيا وأوروبا الحرة وداخل روسيا هزمت « هتلر» وقاومت نشر نفوذ أفكاره السامة . غير أن هذه تعود مرة أخري في ظل تفكك العالم المعاصر وانتشار الافكار الانانية والمنغلقة والمتطرفة . وهناك حملات تقودها منظمات عنصرية بريطانية تحاول ترويج السلفية النازية الرافضة للآخر مهما كان شكله أو دينه وتسعي لتمييز المواطنين علي أساس اللون ، فمن ليس منا وينتمي إلي الجنس الابيض ، فهو خارج عن الملة الوطنية ويجب طرده من البلاد ومنعه من ممارسة عاداته وتقاليده . وقد انضم إلي هذه التظاهرة في شرق لندن المئات من المسلمين الذين يدركون ان انتصار الديمقراطية حماية لهم حيث تضمن سلامتهم . هؤلاء مع آخرين انشقوا عن الخطاب التقليدي الذي تروج له « القاعدة» وتيارات سلفية متشددة داخل التجمعات الاسلامية لا تري الخارطة أو الصراع بمفهوم سياسي وإنما من خلال منظور ضيق للغاية تعثر عليه في تفسيرات قديمة ومتراكمة منذ عصور لا تراعي مفهوم الدولة الحديثة التي تدافع عن الجميع وتدافع عن كل مواطنيها . إن المجتمعات الاوروبية مثلها مثل العربية في حاجة إلي ديمقراطية تفرض مبدأ المواطنة وتحارب العنصرية والتمييز وترفع قيمة القانون الذي ينظر إلي المواطنين في مساواة وعدل . فتن باسم الدين وإذا كانت هناك تيارات في العالم العربي تحاول زرع الفتن تحت رايات الدين ، ففي بريطانيا والغرب زملاء لهم يروجون للتمييز والعداء للأقليات علي اساس اللون والعقيدة والعادات والتقاليد . قالت النائبة العمالية ستيلا كريزاي التي شاركت في التظاهرة ، أن التضامن مع فئات المجتمع المختلفة ضروري لهزيمة الفاشية التي تستغل الازمة الاقتصادية وتحاول زرع الفتن والانشقاق بين المواطنين . كانت منظمات عنصرية مثل المجموعة المدافعة عن الهوية الانجليزية تشن هجمات علي مساجد ومعابد لطائفة « السيخ» في بعض مناطق لندن . وقد خرج الآلاف في هذه التظاهرة لرفع شعارات واحدة رافضة للتقسيم والتمييز وبث الخوف بين المواطنين لأن ذلك ضد القانون والديمقراطية التي دافعت عنها أجيال من أجل انتصارها. تعتمد المنظمات الفاشية في بريطانيا علي جذب الشبان والشرائح غير المتعلمة والعاطلين عن العمل ومن يعانون من ضغوط الازمة الاقتصادية لزرع العداء للاقليات في عقولهم الانجليزية في خطر وانها تتعرض لغزو إسلامي علي يد القادمين من الصومال ومناطق من العالم العربي وان ذلك يؤدي إلي تشويه الشخصية الانجليزية وسلب هويتها . وقالت فيمن بينيت من التيار المعادي للنازية أن التعدد يكسب بريطانيا القوة والنفوذ والجاذبية والثراء . ولقد أصبحت بريطانيا قوية بهذا التنوع ويكفي النظر إلي ما جري خلال الدورة الاوليمبية التي استضافتها العاصمة فكانت العنوان علي ان التعدد مفيد وصحي ويعمل في صالح الحاضر والمستقبل معاً . كان مشهد وجود ملتحين مسلمين يدافعون عن الديمقراطية في شوارع لندن ويناهضون العنصرية والنازية من المؤشرات الجديدة علي اندماج في التيار الديمقراطي وتوجيه العداء ضد الفاشية واليمين البريطاني والاوروبي المتطرف . وقد انضم المسلمون إلي التيار القوي المناهض للعنصرية لأنهم يتعرضون للعدوان والانقضاض علي حقوقهم المشروعة . وتدافع الديمقراطية عنهم وتوفر لهم سياج الحماية والأمان وضمان وجودهم الآمن في المجتمع . بعيدا عن القاعدة وقد تعلم مسلمو بريطانيا الانخراط في الشارع السياسي وهجر مقولات تنظيم « القاعدة» والخروج في تظاهرات من أجل انتصار الديمقراطية في البلاد ومساعدة الاحزاب التي تنتهج هذا الطريق . تضمن الديمقراطية للجميع حقوق ممارسة شعائرهم والتعبير عنها في ظل حماية القانون . لكن الاحزاب العنصرية الفاشية تروج شعارات فاسدة تفصل بين المواطنين علي أساس الدين واللون والانتماء السياسي أو العقائدي . وقد تمتع المسلمون في بريطانيا بحريات كاملة ، غير أن عناصر التطرف والجمود غير الفاهمة للعبة السياسية حاولت فرض اتجاهاتها بظلالها الداكنة علي الجالية الإسلامية للدفع نحو انفصالها عن المجتمع وزرع القنابل والهجوم علي عادات البريطانيين وثقافاتهم ورفضها بالكامل . وقد حاولت الاتجاهات السلفية المتطرفة دفع مسلمي بريطانيا إلي « الجيتو» المنغلق وهذا كان يمثل الخطر الشديد وتعرضها لنيران العنصرية دون الاستناد علي الفصائل المستنيرة في المجتمع لحمايتهم . هذا الخطاب المتشدد والمتزمت حاول فصل الوجود الإسلامي في بريطانيا عن المسار الديمقراطي وبعيداًعن الاحزاب التي تدافع عن المساواة والحرية . وقد بدأ المسلمون يتجهون نحو الخروج من هذا النفق المظلم وتأثير دعاة مثل أبو حمزة المصري وأبو قتادة الاردني وعمر بكري السوري . وورثة أودولف هتلر خلال صعوده العجيب والغامض في ألمانيا ، واشعل خلال سنوات حكمه النيران ليس داخل ألمانيا فقط وإنما في أوروبا وكان يعمل لتدمير العالم بزرع الفتن العنصرية لكنه فشل .