الإجراء الذي اتخذه مجلس الشعب منذ أيام بمد حالة الطوارئ المفروضة علي مصر يفتح أبواب التاريخ أمام رقم قياسي لم ولن تستطيع أي دولة أن تتخطاه منطقيا، الطوارئ أو الأحكام العرفية هي وسيلة تتيح للدولة مزيدا من الحرية لفترة محدودة في التعامل مع الأزمات دون التقيد بأي حواجز أو موانع قانونية ودستورية.. مصر وبقية دول العالم وآليات تطبيق قانون الطوارئ في تحقيقنا التالي..حسنيقول د. عبدالله الأشعل - أستاذ القانون الدولي بالجامعة الأمريكية: إنه لم يحدث في التاريخ أن استمرت حالة الطوارئ 30 عاما مثلما تشهد مصر فأكبر وأطول حالة طوارئ كانت بعد أحداث تسونامي واستمرت 6 أشهر في عام 2004 وكانت هذه «الطارئة» من أجل تسهيل عمليات الإجلاء. ويضيف «الأشعل» أنه حتي في الحرب العالمية الثانية لم تستمر حالة الطوارئ لهذه الفترات بل وفي اليابان بعد أحداث ناجازاكي وهيروشيما فرضت حالة الطوارئ لثلاثة أيام فقط. تحليل ويحلل «الأشعل» القرار الأخير بمد حالة الطوارئ قائلا: إن أهمية المد الأخير لحالة الطوارئ هدفه الوحيد والمنطقي هو حماية النظام من غضبة الشعب بسبب الفساد والثأر بينهم وبين الحكومة. ويضيف «الأشعل» أن الطوارئ الممدودة لأكثر من ربع قرن هي تقليم شديد القسوة لأظافر المعارضة والشعب خارج دائرة القانون. عذر أقبح من ذنب وعن الأمثلة التي برر بها النظام وحكومته شرعية مد حالة الطوارئ هو العمل بها في إسرائيل منذ قيامها، ويعلق «الأشعل» علي هذا المثال قائلا هذا «عذر أقبح من ذنب» والحكومة اعتادت علي أساليب التمويه والتعمية مع المواطن العادي دون أن تخطره أن هذه الطوارئ يطبقها الإسرائيليون علي الفلسطينيين لإبقاء وضع الاحتلال علي ما هو عليه وكذلك لم يخطروا المواطن العادي أن دخل المواطن الإسرائيلي بلغ 35 ألف دولار في العام الواحد وهو مواطن لا يشرب مياه الصرف الصحي ولم يتم اعتقاله لدقيقة واحدة استنادا لقانون الطوارئ. توعية ودلالة ويختتم «الأشعل» حديثه قائلا: إن توعية الشعب المصري بهذه الأمور قد تؤدي لثورة علي الحكومة التي طالما ظلت «تستعميه» وترفع به إلي مزيد من التدهور، ومد حالة الطوارئ لعامين آخرين لهما دلالة واحدة علي أن الحكومة فقدت الثقة في رضا الشعب عنها. القانون الدولي ويقول د. «أيمن سلامة» - أستاذ القانون الدولي العام بجامعة القاهرة: إن القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ليس بهما ثمة حظر علي الدولة لمد أو فرض حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية تحت بند احترام سيادة الدولة، ولكن هناك شروط في هذا الاحترام تقضي بألا تكون حالة الطوارئ حالة أبدية وأن تصدر وفقا للقانون والدستور وليس بقرار أو إجراء تنفيذي فردي من السلطة التنفيذية وإذا كان القانون الدولي يسمح للدولة بتقييد بعض من الحقوق الأساسية للإنسان بينها الحقوق لا تستطيع الدولة الافتئات عليها في ظل العمل بقانون الطوارئ. إسرائيل ويضيف «أيمن سلامة» أن هناك عددا من الدول فرضت حالة الطوارئ لمدد كبيرة كحال مصر علي رأسها سوريا وإسرائيل وهذا لا يعني التوسع في مد هذه الحالة دون رقابة أو حساب، وإذا كان القانون الدولي لا يحظر علي الدول اتخاذ ما تراه من إجراءات لتأمين سيادتها وأمنها الأهلي فالقانون ذاته لا يقر بتأييد حالة الطوارئ وأصبحت سيادة الدولة في هذا الشأن سيادة محدودة غير مطلقة حيث أصبح مفهوم السيادة لا ينصرف للدولة بل إلي الفرد الإنسان. ويري «أيمن سلامة» أن مواجهة الإرهاب لا تكون بإجراءات أمنية أو عسكرية أو شرطية بل بإعمال مبادئ الديمقراطية وإنفاذ قيم ومبادئ حقوق الإنسان بينما يقول «حمدي الأسيوطي» أمين الحريات بحزب التجمع: إن الحكومة المصرية لم تتمكن من إحباط أي محاولات إرهابية علي الإطلاق بموجب قانون الطوارئ بل علي العكس استمرت في التطبيق دون نتيجة فعلية ملموسة في مواجهة ما أسموه ب ب «الإرهاب» غير المحدد مما سمح للشرطة والأمن بقمع حريات المواطنين دون وجه حق، وهو نفس الحال مع المخدرات التي لم توقف تجارتها حالة الطوارئ.