أكدّ الرئيس التركي ” أردوغان”، خلال مشاركته في افتتاح مشروع خط أنابيب “السيل التركي” في إسطنبول، بمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, أن تركيا لا تريد أن تتحول دول منطقة الشرق الأوسط وخاصة المجاورة لها لساحة لحروب بالوصاية، مؤكداً على مساعي تركيا لتخفيض وتيرة التوتر في المنطقة, فى حين أنه صرّح في مؤتمر صحفي عقده عقب قمة أوربية تركية في بلغاريا التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوربي حالياً، أنه سيواصل العمليات العسكرية ضد الإرهابيين في سوريا والعراق وطالما التهديد موجود فسيّستمِر, داعياً أوروبا لدعم تركيا في هذا المجال. ويتناقض هذا التصريح مع توقيع الاتفاقية البحرية التركية الليبية, التي تحمل عنوان “مذكرة التفاهم بين حكومة جمهورية تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبي بشأن تعيين حدود المناطق البحرية في البحر الأبيض المتوسط, وأوجه التعاون الأمنى المشترك”، والتى تمّت فى قصر “دولما باهتشي” بإسطنبول خلال زيارة السراج 27 نوفمبر 2019م, حيث وعدت تركيا بتصعيد المساعدات العسكرية للسراج وتقديم الدعم العسكري التركي غير المحدد، مقابل اعتراف حكومة الوفاق بمطالب تركيا بمساحة شاسعة من شرق البحر المتوسط, وقد ترّأس المفاوضات الدبلوماسية المتعلقة بالاتفاق كل من ” شاتاي إرجييس” المدير العام للشؤون الحدودية السياسية والبحرية للطيران والحدود بوزارة الخارجية التركية، والسفير التركي في ليبيا “سرهات أكسين”. وكشفت التطورات الأخيرة أن ما تم الاتفاق عليه بين تركيا وليبيا لتحديد الجرف القاري وإحداثيات المنطقة الاقتصادية الخالصة (EEZ), يمكن أن يهبط بتركيا بالمياه الساخنة لأنها تنتهك العقوبات الأمريكية على ليبيا, فوفقًا لأمر رئاسي أمريكي، يمكن اعتبار السلطات التركية وبعض ضباط الجيش مسؤولين عن انتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على ليبيا, حيث تم إعلان العقوبات الأمريكية المفروضة على ليبيا بموجب المرسومين التنفيذيين الأمريكيين 13566 (2011 م) و 13726 (2016 م), حول أي شخص يتم تحديده مشاركاً في أعمال تهدد السلام والأمن والاستقرار في ليبيا، وتعرقل انتقالها السياسي أو أعمال إكراه المؤسسات المالية الحكومية الليبية أو شركة النفط الوطنية الليبية.في حين تحدد الاتفاقية البحرية الحدود المشتركة بين جنوب غرب تركيا وشمال شرق ليبيا، وهي منطقة يُعتقد أنها غنية بالاحتياطيات النفطية، تكشف صياغة المادة 4 أن الرئيس التركى “رجب طيب أردوغان” و” فايز السراج” رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي، قد وافقت بالفعل على عمليات الحفر التركية المحتملة في المنطقة الاقتصادية الخالصة الليبية, وتتعارض هذه الاتفاقيات مع الفقرتين 9 و 10 من قرار مجلس الأمن رقم 1970 (2011 م) ، الذي يحيل الوضع (الفقرة 4) في ليبيا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية, في أعقاب توقيع الاتفاقيات، كثفت حكومة الرئيس أردوغان الأنشطة غير القانونية في ليبيا المحظورة بموجب قراري مجلس الأمن الدولي 2174 (2014 م) و 2213 (2015 م), وبالتالي يمكن للمحكمة الجنائية الدولية في الوقت المناسب فتح تحقيق في الصفقات، والخبراء الذين شاركوا في المفاوضات من كلا الطرفين وعواقب الصفقة.وقدم أردوغان الأدميرال Yayci “جيهات يايشي” رئيس أركان البحرية التركية ومهندس المخطط التركي في البحر المتوسط, والذى ذكر في كتابه الذي يحمل عنوان “ليبيا جارة لتركيا”, دور ليبيا في الجهود المبذولة للحد من الاختصاصات البحرية في شرق البحر المتوسط, ويؤكد أن تركيا تهدف السيطرة على حوض الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط, ويُعرف يايشى أيضًا بإسم مُطوّر لوغاريتم (Fetometer) لتطهير مئات من كبار الموظفين العسكريين العاملين في الناتو في أوروبا والولايات المتحدة, بعد محاولة الانقلاب في تركيا 15 يوليو 2016 م. أبرز القادة السياسيين والأمنيين الأتراك المتوقع معاقبتهم دولياً: لا يعتبر ” يايشى” وحده من الأسماء التركية المحتملة أن تطالها العقوبات الدولية, لكن هناك أيضاً وزير الدفاع التركي “هولوسي عكار” الذي وقع اتفاقية التعاون الأمني في إسطنبول، ولعب دور مهم في نشر القوات التركية في الدولة الواقعة شمال إفريقيا, و”إميرالله إسلر” عضو البرلمان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم ونائب رئيس الوزراء السابق، والممثل الخاص للرئيس أردوغان في ليبيا في عام 2014 م, الذى قام بزيارة ليبيا وتنسيق الاتصالات الرسمية والخاصة بأردوغان مع الجماعات الجهادية في ليبيا, وهناك “هاكان فيدان” رئيس منظمة الاستخبارات الوطنية التركية , والرجل الذي يقف وراء نقل الجهاديين من إدلب إلى ليبيا, فقد نشرت تركيا بالفعل أكثر من 300 “مقاتل سوري” في ليبيا ديسمبر 2019 م, وإرسال وحدات أردوغان شبه العسكرية الخاصة (سادات) والجهاديين للقتال من أجل حكومة الوفاق, حيث تم استبدال القادة والأفراد العسكريين الأتراك بالإسلاميين والقوميين الجدد الذين كانوا من المؤيدين الموالين لسياسات أردوغان، الأمر الذي أدى لعدم الاستقرار الإقليمي ولمولد أزمة, فليس من المستغرب أن يكون التوغل العسكري التركي الأول في سوريا في عام 2017 م ثم تلاه توغّل ثانى عام 2019 م, حيث أدّت تلك العمليات العسكرية التركية في المناطق السكنية بسوريا إلى وقوع خسائر بين المدنيين، وشدد التحليل العسكري على أن تلك العمليات يمكن أن يُعرّفها المجتمع الدولي على أنها ضم للأراضي السورية، والتي تتهم تركيا بموجبها بمواصلة سياسة توسعية, وذلك أيضاً كفيل بمعاقبة دولية للعديد من القيادات السياسية والأمنية التركية. وقد حدد فريق خبراء الأممالمتحدة المعني بليبيا، الذي أنشئ بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973م، المعدات العسكرية الروتينية المتعددة (الطائرات بدون طيار والعربات المدرعة والأسلحة الليزرية وغيرها من الأسلحة والذخائر) من تركيا من قبل السلطات التركية والشركات والأفراد في تركيا انتهاكا لقرار مجلس الأمن الدولي 1970م, وقررت اللجنة أن المركبات العسكرية التي تم نشرها في ليبيا كانت مملوكة لرئاسة تركيا لصناعة الدفاع (SSM), ووفقاً لتقرير نشره موقع نورديك مونيتور، فإن شركات تركية مثل )BMCOtomotiv Sanayi ve Ticaret AS و Baykar Makina و Akdeniz Roro Deniz Tasimaciligi Turizm Sanayi ve Ticaret Limited Sti. ، ProAir-CharterTransport GmbH،Plures Air Cargo ، Aykar Nakliyat كان Silah Hiozm و Dis Tic( في حالة عدم امتثال للفقرة 9 من القرار 1970 م بسبب مشاركتهما المؤكدة في شراء ونقل العتاد العسكري إلى ليبيا, علاوةً على ذلك لاحظت اللجنة “وجود ثلاثين مقاتلًا تركيًا يعملون في الميليشيات المتحالفة مع الجيش الوطني الثوري – AF.” وكشفت اللجنة أيضًا أن الفريق التركي في ليبيا كان بقيادة اللواء “عرفان توت أوزيرت”.على صعيدٍ آخر فى خطوة استباقية لخطوة العقوبات الدولية, أفاد مسؤول تركي (مظفر أكسوي رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي الليبي), بأن بلاده تعتزم التوقيع بحلول فبراير 2020 م على اتفاق تعويض ليبى مبدئي بقيمة 2.7 مليار دولار لتركيا, عن أعمال نُفّذت في ليبيا خلال عهد القذافي وكان من المفترض أن يسددها الأخير قبل حرب 2011 م، وذلك في مسعى لإحياء عمليات متوقفة لشركات تركية في البلد الذي يعاني تحت وطأة الصراع المشتعل منذ سنوات, كما أشار “أكسوي” إلى أنه في ظل توقف المشروعات في ليبيا في الوقت الراهن بسبب القتال، فإن قيمة تأخيرات الأعمال التركية المتعاقد عليها في ليبيا تصل إلى 16 مليار دولار، بما في ذلك ما بين 400 و500 مليون دولار لمشروعات لم تبدأ حتى الآن.