حصلت المحامية هدى نصر الله، على حكم قضائي -يعد الأول من نوعه- ينص على أحقيتها في الحصول على الميراث بالتساوي مع أشقائها الذكور، وذلك بعد عام من وفاة والدها. ورفعت المحامية هدى نصر الله دعوى قضائية بمحكمة حلوان لشؤون الأسرة، مُطالبةً فيها بتطبيق لائحة الكنيسة الأرثوذكسية التي تقضي بالمساواة في المواريث بين الذكور والإناث، مستندةً إلى المادة رقم 3 من الدستور التي تنص على أن “مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المُنظمة لأحوالهم الشخصية”. وكانت المحكمة رفضت في البداية فى ما جاء بطلب إعلام الوراثة الذى تقدمت به بتطبيق مبادئ الشريعة المسيحية بتوزيعه بينهما، وأصدرت حكمها وفقًا للشريعة الإسلامية. لكن ” نصر الله” قامت بالاستئناف، وتم الحكم لها بحسب الشريعة المسيحية وتوزيع الميراث بالتساوي، وفق لائحة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الصادرة على 1938، وذلك بحسب المادة 247 والتي تقول “إذا لم يكن للمورث فرع ولا أب ولا أم فإن صافى تركته بعد استيفاء نصيب الزوج او الزوجة يؤول الى آخوته واخواته، ويقسم بينهم حصصا متساوية متى كانو متحدين فى القوة بأن كانوا كلهم اخوة أشقاء أو إخوة لأب أو لأم لا فرق فى ذلك بين الأخ والأخت". ونشرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية نص مذكرة المحامية هدى نصر الله، المحامية بالمبادرة، في الدعوى ببطلان إشهاد الوفاة والوراثة الخاص بوفاة والدها، والذي قضى بتوزيع أنصبة ميراثها مع إخوتها الذكور وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية. وذلك نتيجة مخالفة الحكم المذكور لأحكام الدستور والقانون، كون المتوفى والورثة مسيحيي الديانة متحدي الملة والطائفة “أقباط أرثوذكس”. وبالأمس، قضت الدائرة السابعة بمحكمة أسرة حلوان بقبول طلبات المدعية والإقرار بحقها، هي وإخوتها، بتوزيع أنصبة إرثهم من والدهم بالتساوي. ويأتي هذا الحكم الهام كنتيجة لجهود هدى نصر الله في محاولة تطبيق نص المادة الثالثة من الدستور المصري المعمول به منذ عام 2014 والتي تقر بأن للمصريين المسيحيين واليهود الحق في الاحتكام لمبادئ شرائعهم في “تنظيم أحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية”. وهو ما دعمته المبادرة المصرية بإطلاق حملتها #مسيحيات_في_البطاقة_مسلمات_في_الميراث بهدف التنبيه إلى معاناة آلاف النساء المسيحيات المحرومات من الحق في الاحتكام إلى مبادئ شريعتهن بخصوص توزيع أنصبة الإرث، وإصرار المحاكم على تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية بالمخالفة للنص الصريح في المادة الثالثة من الدستور. كما نبهت المبادرة مرارًا أن مصدر هذا الخلل هو غياب تشريع يفعِّل المادة الدستورية، دونما إخلال بباقي المواد الدستورية التي تحظر التمييز على أساس النوع وتكفل حرية الاعتقاد للكافة دون تمييز، وكذلك في ظل غموض التنظيم القانوني الحالي. دفعت هدى نصر الله في مذكرتها بمخالفة الحكم المطعون عليه للمادة الثالثة من الدستور بشكل مباشر، وكذلك مخالفة القانون رقم 462 لسنة 1955 القاضي بإلغاء المحاكم الملية والذي أقر في المادة السادسة منه بحق غير المسلمين ممن كانت تنظم شئونهم مجالس ملية سابقة لتاريخ صدور القانون في الاحتكام لمبادئ شرائعهم، وهو النص الذي أقره وأكدّ عليه القانون 1 لسنة 2000 القاضي بتنظيم التقاضي في بعض مسائل الأحوال الشخصية في المادة الثالثة منه. أما بخصوص تعريف “مبادئ الشريعة المسيحية”، والتي يحتج البعض بخلوها مما ينظم مسائل الإرث، فاستشهدت هدى نصر الله في مذكرتها بقضاء محكمة النقض التي شددت أن المقصود بمبادئ شرائع غير المسلمين ليس نصًا دينيًا بعينه، بقدر ما أن المعنى ينصرف إلى المطبق من أحكام في المجالس الملية السابقة على صدور القانون 462 لسنة 1955. وحيث أن المطبق في المجلس الملي السابق لطائفة الأقباط الأرثوذكس هو لائحة الأقباط الأرثوذكس لعام 1938، فيجب العودة لها لتبين حكم الشريعة المسيحية في توزيع أنصبة الإرث. وبالعودة للباب الحادي عشر، وتحديدًا المادة 245 من اللائحة، يتضح بجلاء النص على توزيع الإرث بالتساوي بين الوارثين الأبناء من الذكور والإناث. وأعربت المبادرة المصرية عن أملها في أن تساعد هذه المذكرة القضاة والمحامين وعموم النساء المسيحيات الراغبات في تطبيق مبادئ شريعتهن، على تطبيق نصوص الدستور والقانون، كما تأمل أن يكون هذا الحكم المهم فاتحة لحوار مجتمعي طال انتظاره حول تنظيم الأحوال الشخصية لغير المسلمين في ضوء مبادئ حرية الدين والمعتقد وعدم التمييز على أساس النوع الاجتماعي المنصوص عليها دستوريًا.