أكد الدكتور خالد فهمي- وزير البيئة- أن ¢الزبالة¢ لن تصبح مصدر إزعاج بيئي بل ستتحول إلي مصدر للدخل خلال عام أو اثنين علي الأكثر. وسيتهافت الجميع علي جمعها وإعادة تدويرها. مشيرا إلي أن الأسرة المصرية المكوَّنة من 5 أفراد تُخرج حوالي طن مخلفات سنويا. مما يمثل دخلا كبيرا لها. وصف الوزير أو المسئول الذي لا يهتم بقضايا المجتمع بأنه لا يصلح ليكون جزءا من المنظومة المسئولة عن تسيير شئون المجتمع وعليه أن يتخلي فورا عن موقعه. معترفا بأنه يواجه كثيرا من العقبات والتحديات وأحيانا الاتهامات سواء بالأخونة أو الفساد إلا أنه لا يهتم بها طالما أنه يراقب الله وضميره في عمله. وأنه يسير ب¢القانون¢ مثل ¢الإكسبريس¢. أوضح أن برنامج ¢أيادي¢ مشروع قومي يهدف لاستيعاب جميع الأيدي العاطلة في كل المحافظات للقضاء علي البطالة بشكل نهائي. وباستثمارات القطاع الخاص وتحت إشراف الدولة. وفيما يلي نص الحوار الذي أُجري معه خلال مشاركته حملة¢ جميلة يا بلدي¢ ضمن أعمال الملتقي السادس للاتحاد العربي للشباب والبيئة الذي عُقد مؤخرا بمحافظتي الأقصر وأسوان: * ماذا عن برنامج أيادي. هل هو متعلق بالنظافة أم تشغيل الشباب؟ ** أيادي هذا برنامج قومي يشمل العمل في جميع أنواع المجالات الزراعية والصناعية والسياحية. النقل والاتصالات واللوجستيات. وأيضا دعم وإعانة المشروعات المتعثرة ببعض المشكلات حتي تعود للعمل من جديد. وسيكون هذا في كل أنحاء مصر. ويشرف عليه ال 27 محافظا لأن الهم والهدف الأكبر منه هو تشغيل الشباب في المشروعات الصغيرة. مثل المطاعم أو الورش أو تدوير القمامة وسيارات النقل والميكروباص وغيرها من المشروعات الإنتاجية الصغيرة ومتناهية الصغر. وهذا طبقا لما جاء في تعليمات مجلس الوزراء عند تدشين البرنامج. مع ملاحظة أن مساهمة الحكومة في البرنامج لا تتجاوز 20% من رأسماله البالغ 10 مليارات جنيه. أي أن 80% سيتحمله القطاع الخاص. ويقوم علي أسس اقتصادية بحتة ودراسات جدوي للمشاريع. والبرنامج لا يقدم قروضا بل يدخل كمساهم في رأسمال المشروع. وبالفعل فقد اتصلنا بالشباب وجميع المسئولين في مرحلة تكوين وإعداد البرنامج وحضروا مع متعهدي المخلفات الزراعية. وهذا كنوع من خلق التعارف والتعاون بين الطرفين. وكان اللقاء إيجابيا للغاية. وقد تولت الوزارة عمل الدراسات الفنية والمالية والاقتصادية والبيئية المطلوبة. كما حددنا المُعِدَّات وحجم المنشآت وكيفية معالجة المخلفات وتكلفة كل مُعِدَّة. بنماذج رياضية. يعني شغل محترف. نقدم مشروعا اقتصاديا اجتماعيا بيئيا وليس استثماريا. لكن القرار الأخير في كيفية إدارة البرنامج أو المشروع كله في يد مجلس الوزراء. فنحن لسنا وزارة تنفيذية. يمكننا عمل التجربة ووضع الحلول لجميع المشاكل المحتملة. وهذا هو مدخلنا في مشروع معالجة مشكلة قش الأرز التي حولناها إلي مواد نُخرّج منها عائدا ماديا! خاصة وأننا نعاني من أزمة الطاقة ولدينا 4 ملايين فدان تزرع بالأرز. فبدأنا بمعالجة 1,5 مليون فدان. واتجهنا للاستفادة من المخلفات العضوية كسماد للأرض باعتباره يحتوي علي كائنات دقيقة هي أحسن مُخصِّب للتربة لأن هذا السماد مكوَّن من الألياف مثل البردي والورق. وهذا يفيد أكثر في التربة الصحراوية حيث يمنع تسرب المياه أي أنه يساهم في ترشيد استهلاك المياه. وعلي هذا المنوال كذلك. هناك صناعات الأسمنت والطوب والسيراميك. وهناك منتجات خشبية. حيث نقوم بجمع كل هذه المخلفات ونحولها إلي مادة أولية وسيطة. ونترك للمستثمر تحديد اقتصادياته ومتطلباته سواء أرادها سمادا عضويا أو طاقة. وحسب احتياجات الدولة أيضا. جمع المخلفات الزراعية * يعني أن وزارة البيئة ستقوم بجمع المخلفات كقش الأرز لإعادة تدويرها؟ ** أنا ليست وظيفتي جمع قش الأرز. فهذا إهدار للمال العام وإنفاق زائد علي الموازنة العامة للدولة التي نحتاجها للصرف علي التعليم والصحة. فهل تتخيل أن الوزارة تصرف سنويا 100 مليون جنيه لمواجهة مشكلة قش الأرز فقط؟! والكفاءة التي تتحقق في المواجهة لا تتجاوز 40% في حين ان مخلفات الأرز حوالي 2 مليون طن أي لا تمثل سوي 5% فقط من حجم وإجمالي المخلفات الزراعية الأخري كالقصب مثلا الذي يُخرج 4 طن مخلفات في الفدان الواحد. فضلا عن أشجار الموز وتقليم الأشجار الأخري والفواكه وورد النيل وغيره. نريد أن نخلص من هذه المخلفات ب¢ضربة¢ واحدة ونحولها إلي عائد ونستوعب أكبر عدد من العمالة للقضاء علي البطالة. خاصة وأن لدينا مستثمرين كثر من مختلف دول العالم وخاصة دول الخليج الذين تقدموا بالفعل للمحافظات لعلاج المخلفات. ونقوم نحن بالتسهيل عليهم في مسألة جمع القمامة والمخلفات والكبس والفرم. وأتصور أنه سيحدث تغيّر كبير في نظرتنا للمخلفات بعد أن كانت مشكلة تؤرقنا ستتحول إلي مصدر دخل بل سيقفز سعرها كثيرا بعد عام أو اثنين علي الأكثر! وسيكون هناك طلب ¢جامد¢ وكبير علي المزارعين لشراء مخلفات أرضهم الزراعية. أنا لا أريد العيش في الأحلام الوردية ولكن دعونا نسير خطوة خطوة ونري ماذا سيحدث في المستقبل القريب إن شاء الله. فالمخلفات التي نعاني منها وملقاة في كل مكان يمكننا أن نستخرج منها البيوجاز الذي يستخدم في إضاءة القري المحرومة من الكهرباء. وعندما يفكر الناس في هذا الموضوع سيقومون بأنفسهم بجمع المخلفات. وبالتالي سيسهل علي المستثمر بل يشجعه علي الإقدام لإقامة الصناعات المختلفة ونتخلص من التدهور البيئي الحادث حاليا. كما أوفر مصاريف الصرف الصحي والصناعي. لكن بالنسبة للمخلفات عامة فنحن لدينا حوالي 6 ملايين طن مخلفات نسعي لتدويرها كمرحلة اولي بتمويل نصف مليار جنيه. وبعدها سندخل المراحل الأخري. أحلام المستثمرين * لكن ألا تري أن التحرك والتفاعل مع المستثمرين ليس علي المستوي المطلوب حتي الآن لدخول هذا العالم الوردي الذي تصفه؟ ** نحن لدينا الدراسات والاقتراحات المباشرة سواء من مجلس المحافظين أو مجلس الوزراء. وقمنا بتشكيل مجموعة عمل للإشراف علي برنامج تحويل المخلفات الزراعية إلي طاقة. هذه المجموعة تضم بالإضافة إلي الشباب اثنين من المستشارين لديهم درجة عالية من الفنية والتكنولوجية والاقتصاد. مع ملاحظة أنني جهة موافقة بيئية. لكن المشكلة الحقيقية هي أن معظم هؤلاء المستثمرين غالبا لا يقدمون طلباتهم المادية ويقولون بأنهم يحملون تكنولوجيا عالية من الخارج وحينما نسألهم:بأي البلاد طُبِّقت؟ لا يجيبون وإن ضربوا مثلا نجده مازال في مرحلة التجربة ومكلفة جدا تصل للمليارات. مخلفات الأسرة * هل هناك إحصاءات تقريبية بكمية المخلفات؟ وكيفية معالجتها حتي يتقدم المستثمر لاقتحام هذا المجال؟ ** نعم لدينا إحصاءات دقيقة ليس هذا فقط بل بنوعيتها ودرجة الرطوبة لأنها تحتاج للتجفيف حتي يمكن التعامل معها وتحويلها إلي طاقة للتسخين. فالأسرة المكونة من 5 أفراد مثلا تُخرج سنويا طن مخلفات. هذا الطن يتكلف من 3-4 آلاف جنيه لمعالجته. هذه المخلفات يمكن تحويلها إلي بيوجاز. كهرباء. بيوديزل. RDF. سماد.. والمطلوب أن تحدد الحكومة سياستها بالضبط حتي تقف هذه التكنولوجيات علي قدمها وتنجح. فيتم تحديد الكمية التي تشتريها الحكومة. وهذا ما لم يتم تحديده حتي الآن. نريد مزيدا من المرونة في التعامل مع مثل هذه المشروعات. فلدي وزارة البيئة أراض حول القاهرة الكبري لإنشاء مدافن صحية وتدوير مخلفات لم تعلن كمناطق صناعية ولييس بها مرافق أو بنية تحتية ولا نستطيع التصرف فيها إلا بطرحها في مزاد عام وإلا دخلت في متاهات قانونية وإذا أعطيناها بالأمر المباشر اتهمنا بالمحاباة وهكذا؟! وامام هذه التعقيدات والبيروقراطية نحاول ألا نقف مكتوفي الأيدي بالمشروعات التجريبية التي نجرب من خلالها الأنواع المختلفة من التكنولوجيا المتنوعة في هذا المجال. وأنتظر إدخال التعديلات المناسبة علي القوانين الحالية للتخلص من الروتين المعقد. نماذج مشرفة * وماذا تقدم الوزارة للشباب في هذا المجال؟ وهل هناك علاقة للصندوق الاجتماعي بهذه المشروعات البيئية؟ ** المشروعات كلها والبرنامج في الأساس موجهة للشباب. لكنني لا أريد أن أوجهه إلي ¢لم¢ الزبالة. بل إنني أدعوه للعمل بها وأقول له: اشتغل في أي مجال تريد. ثم أطلب منه المساهمة في الحماية والحفاظ علي البيئة. وأركز حملات التوعية علي مشروعات بعينها تفيد الشباب جميعا في كل المحافظات. وهناك امثلة نموذجية جيدة علي ما يقدمه الشباب في هذا المجال مثل جمعية ¢ لمسة خير¢ بمحافظة الشرقية. وجمعية ¢القِطَّة¢.. صحيح أنا- كوزير بيئة- ليست مهمتي تشغيل الشباب فأنا لست وزيرا للتضامن أو القوي العاملة. لكن في ذات الوقت لا يمكن أن أجلس أقيس مدي تلوث الهواء أو التربة والبيئة وأقدم تقارير بذلك وانتهي الأمر. فواجبنا جميعا كوزراء ومسئولين أن نترجم ما نراه ونقوله علي الأرض طالما نستطيع وإلا فلا فائدة من وجودنا. البعد الديني * لماذا لا يكون بينكم والمؤسسة الدينية. إسلامية ومسيحية. تعاون في مجال حماية البيئة. خاصة وأن الوازع الديني مهم لحث الناس علي نظافة البيئة؟ ** هذا صحيح. وهذا ما سنسعي إليه في الفترة المقبلة لتعميق مفاهيم حماية البيئة من المنظور الديني لأن شعبنا بطبيعته متدين وتؤثر فيه النواحي الروحية كثيرا. إكسبريس قانوني! * هناك اتهامات توجه إليك بالأخونة تارة وببيع قضية البيئة والمحميات الطبيعية أو المصلحة تارة أخري. فبماذا ترد عليها؟ ** طالما أنني اعمل بما يرضي الله وضميري فلا أهتم بما يشيعونه عني. فأنا أرمي وراء ظهري وأسير في طريقي بالقانون ك¢الإكسبريس¢. الفحم ورماده! * أثير في الفترة الأخيرة الجدل حول استخدام الفحم وتأثيراته السلبية علي المجتمع؟ ** الفحم كمادة خام تستخدم في الطاقة ليس عليه مشكلة طالما التزمنا التقييم البيئي. فهو غير مصنف كمادة خطرة لا في اتفاقية ¢بازل¢ ولا غيرها. فهو مادة لها مواصفات معينة. قابل للاشتعال ويجب نقله رطبا بنسبة 15-20 % وإلا سيشتعل. وكذا رماد الفحم فهو غير مصنف مواد خطرة ولكن إذا تم دفنه بمعايير يصدرها جهاز شئون البيئة الذي يراعي التغيرات المناخية علي مدي سنوات طوال مثل تغير حزام الأمطار حتي لا يضر البيئة. فهناك ضوابط لاستخدام الفحم خارج الوادي وبأحدث الوسائل التكنولوجية.