كما أمر الله تعالي الآباء بحسن تربية الأبناء ومراعاتهم وحفظ حياتهم وتعليمهم أصول الدين والحياة أمر جل وعلا الإحسان إلي الآباء ومعاملتهم بالحسني قال تعالي: "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا" "الأنعام 151" أي أنه أوصي الأبناء بمعاملة الآباء بالحسني وكان هذا الأمر بعد أمره تعالي بالتوحيد وعدم الشرك بالله جل وعلا فلا يتركهما بعد الشيخوخة وشدة الاحتياج في دار المسنين أو عدم السؤال عنهما كما أمر الأبناء بالخضوع للآباء وخفض جناح الذل أي التواضع لهم وطلب الرحمة لهم وذلك في نفس السورة. ويقول تعالي في سورة الإسراء "وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" "الإسراء 23. 24" فيجب العناية بهما كما اعتنوا بنا في طفولتنا كذلك أمر الله تعالي بعبادته وحده لا شريك له. ثم قرن بعبادة الله بر الوالدين "وبالوالدين إحسانا" أي أنه أمر بالإحسان إلي الوالدين كقوله أيضا في الآية السابقة. ثم أمر تعالي بألا يسمعهما قولا سيئا حتي ولا التأفف الذي هو أدني مراتب القول السيئ "فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما" فلا تقل لهما قولا قبيحا ولا فعلا قبيحا "وقل لهما قولا كريما" أي لينا طيبا حسنا بتأديب وتوقير وتعظيم وتواضع لهما بفعلك وادع لهما بالرحمة بعد وفاتهما. كما يقول تعالي في سورة البقرة "قل ما أنفقتم من خير فالوالدين والأقربين واليتامي والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم" "البقرة 21" ويقول تعالي في سورة العنكبوت "ووصين الإنسان بوالديه حسنا" "العنكبوت 8" ويقول في سورة لقمان موصيا بالأم وصية خاصة "ووصين الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا علي وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" "لقمان 14" ثم يقول تعالي "وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطيعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا.." "لقمان 15" فللأم منزلة خاصة لما لها من فضل كبير حتي ولو كانت مشركة فيجب ألا يطيعهما في الشرك بالله ولكن يصاحبهما بالمعروف. وإذا كنا في هذا العصر بعضه لا يقدر مكانة الأبوين اللذين جعلهما الله في مكانة تأتي بعد التوحيد وعبادة الله فعلينا أن نبصر من يفعل ذلك باحترامهما والحنو عليهما وتقديرهما سواء أكانا أبوين لنا أو لأزواجنا لهما الاحترام والمكانة.