إن كان الزواج في الشريعة الإسلامية نظاماً إلهياً شرع لمصلحة الإنسانية ولسعادة البشرية وحفظ كيان الأسرة التي هي عماد الأمة فقد وضعت الشريعة له أحكاماً وجعلت له آثاراً وبذلك تتحقق أسباب السكينة والمودة في ظل أجواء العدل والرحمة. وقد ينتج عن هذه العلاقة حقوق تتعلق بالزوج وكذلك حقوق تتعلق بالزوجة وحقوق مشتركة بين الزوجين وقد تناولنا فيما سبق حقوق الزوج والزوجة ونتناول الآن الحقوق المشتركة بين الزوجين. "أولاً": حق الاستمتاع والذي مهد التشريع الإسلامي الطريق الصحيح له في العلاقة الزوجية بل دعا إليه وحث عليه وجعل في ذلك أجراً ومثوبة حيث ثبت من الحديث "قالوا يا رسول الله أو يأتي أحدنا أهله له بها أجر قال صلي الله عليه وسلم: نعم وهل إن وضعها في الحرام أليس عليه وزر قالوا بلي قال كذلك إن وضعها في الحلال له بها أجر". وبهذا المقصد ارتفعت الشريعة بالعلاقة الزوجية عن الشهوة الحيوانية المجردة فكان الحب والوئام مصدرين من مصادر السكن والانسجام حيث قال تعالي: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" الآية 21 الروم. وإذا نظرنا إلي نفسية الإنسان وجدناه يهدف من وراء زواجه بامرأة يحبها أن ينجب منها ثمرة تذكره دائماً بحبه لها فيبقي النوع الإنساني وبهذا أمر النبي صلي الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". "ثانياً": حسن المعاشرة بأن يحاول كل طرف إسعاد الآخر بجلب الخير ودفع الشر والتعاون علي البر وترك الإثم والاخلاص في أداء الواجب مع العطف والتسامح وحسن الحديث حيث قال تعالي: "وقولوا للناس حسنا" واحترام الرأي فيما تقتضيه الحياة الزوجية من أسباب السعادة والاطمئنان ليدوم الوفاق والوئام فينبت النسل في صفاء وسلام وما أعدل الإسلام حيث قرر حق المرأة علي زوجها حيث يقرر حقه عليها "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف". ومن حسن المعاشرة انتهاز المناسبات في الإغداق بالهدايا من كل طرف للآخر فكم من هدية صغيرة وقعت في النفوس كبيرة. "ثالثاً": ثبوت النسب فهو من الغايات السامية والحكم الراقية التي يرنو إليها الزواج من بقاء النوع الإنساني عن طريق شرعي فلأولادهم ثمرة الحياة الزوجية فأوجبت الشريعة نسب كل فرد لأبيه حتي لا تختلط الأنساب وتضيع الأولاد فيتربون في ظل محبة وحنان وفي كفالة الأبوين حيث قال تعالي: "وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" البقرة الآية .233 وقد أمر صلي الله عليه وسلم الآباء بأن ينسبوا أولادهم إليهم ونهاهم عن انكار أبوتهم حيث قال صلي الله عليه وسلم: "ايما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه علي رءوس الأشهاد: الترغيب والترهيب المنذري. ولذلك رفض الإسلام نسب الابن إلي غير أبيه فحرم التبني حيث قال تعالي: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم" الأحزاب الآية .4 "رابعاً": ومن الحقوق المشتركة كذلك حرمة المصاهرة والتي معناها علاقة الرجل والمرأة بسبب الزواج تقتضي تحريم الزواج بنوع معين من النساء والمحرمات من النساء بسبب المصاهرة أربعة الأولي بنات الزوجات وهي المسماة بالربيبة التي تربت في حجر زوج أمها وتحرم بذلك بنات الربائب وبنات أولادهن وإن نزلن والثانية: أم الزوج وأم ابنها أو أم الزوجة وجدتها من قبل أبيها أو أمها وإن علون نسباً ورضاعة سواء دخل العاقد بالزوجة أو لم يدخل متي كان العقد صحيحاً عند الجمهور حيث قالوا العقد علي البنت يحرم الأم والثالثة: زوجة الابن وابن الابن وإن نزل سواء كان الابن صلباً أو من الرضاع فزوجة الابن محرمة علي أبيه دخل بها أو لم يدخل حيث قال تعالي: "وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" النساء 23 وتعبيره سبحانه وتعالي بقوله: من أصلابكم لإسقاط تحريم زوجة الابن المتبني. والرابعة: زوجة الأب والجد وإن علا من نسب أو رضاع حيث قال تعالي: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف انه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا" النساء .22 و"خامساً": وأخيراً من الحقوق المشتركة بين الزوجين التوارث رغم أن البعض يري أن حق التوارث من حقوق الله تعالي. فإن كانت القرابة سبب لثبوت الميراث فكذلك الزواج سبباً لثبوت الميراث بين الزوجين وهذا بلا شك طبيعي لما في الحياة الزوجية من المشاركة والوئام.