أثار التعامل الاعلامي مع قضايا الجهاديين في سيناء من تهويل وتضخيم استياء الكثيرين إذ اعتبروا ان الاعلام لعب دورا بالغ السوء في تصويرهم بشكل دائم في صور سيئة مما دفعهم إلي مزيد من القسوة والتشدد في التعامل مع مختلف القضايا الوطنية ورفض الاستجابة إلي اصوات العقل والحكمة . ودعا الخبراء إلي ضرورة التعامل المتوازن مع تلك العناصر الجهادية التي يجب ألا ينفي عنها الاخلاص. وان مراجعة مواقفهم من خلال وساطة بعض من يثقون فيهم تبقي هي الحل بعيدا عن التخوين. والتكفير والمطاردة والتهديد . بداية يؤكد الدكتور مصطفي صابر. استاذ الاعلام بجامعة الزقازيق. أن الاعلام لعب دورا خطيرا في الضغط علي الجماعات الجهادية الموجودة في سيناء وبخاصة منذ قيام الثورة إذ صور البعض من في سيناء من جهاديين أنهم يسعون إلي اقامة امارة اسلامية في سيناء وجهزوا اعلامهم الجهادية السوداء لتصبح معسكرا للتدريب والمواجهة .. معتبرا ان التسخين الاعلامي الموجه غير الموضوعي من قبل بعض الفضائيات الكارهة لكل ما يمت الي الاسلام بصلة لهو أمر في غاية الخطورة ويزيد من حجم المشكلة ويزيد من عناد هؤلاء. قال: بعض الفضائيات أدمنت مهاجمة الاسلاميين ووضعهم دائما في مواضع الاتهام والتخوين والتكفير والجهل والغباء والرجعية والتخلف واحياء افكار عفا عليها الزمان علي عكس جزء كبير من الحقيقة. وهو لربما ما كان سببا في الكثير من الحالات للدفع بالقرار السياسي في اتجاه معين مضاد لهؤلاء.. داعيا الي ضرورة تحمل عبء المهنية في التناول المتوازن لكل القضايا خاصة تلك النوعية الحساسة منها. لما لها من اثر كبير في معالجة قضايا اساسية مرتبطة بهذا الملف . ويري المستشار الاعلامي للجماعة الاسلامية خالد الشريف أن الكثير من وسائل الاعلام تتبني علي طول الخط فكر ووجهة نظر المعارضة دون وعي أو ادراك لخطورة ما يقدمونه من مواد اعلامية قد تسهم في اشعال الفتن خاصة في ملف خطير كهذا.. مناشدا وسائل الإعلام تنظيم لقاءات حوارية بين أصحاب الفكر المعتدل وأصحاب الفكر المتشدد لإظهار عوار الفكر الأخير. وألا يستضيفوا أصحاب الفكر المتشدد فقط لإشعال الفتنة وتصدير الأفكار المسممة تصديرا لأن هؤلاء هم الاسلام ومن يتحدثون باسمه ادراكا للمسئولية المهنية والوطنية للاعلام. أضاف: التغطية الاعلامية لتلك القضية لم تكن منصفة علي الاطلاق اذ وزعت الاتهامات علي الجميع وخونت الجميع بلا استثناء وهونت كثيرا من قدرات الجيش والشرطة. وهولت كثيرا من حجم الفراغ الامني وفقدان السيطرة في سيناء. وهو ما تسبب في حشد الجمهور ضد القضية.. مشيرا إلي انه حتي بعد نجاح الرئيس والجيش في الافراج عنهم دونما اراقة نقطة دم واحدة اتهموا المسئولين بالتخاذل والرضوخ لضغوط والرحمة الزائدة للمختطفين رغم ما سببوه من حرج للدولة . والحديث عن ان هناك صفقة ما تمت وكل ما الي ذلك من امور تتجافي كثيرا عن الحقيقة المتمثلة في ادراك القيادة السياسية لحجم الازمة والاستعانة بكافة الاوراق في ادراتها بالقوة والسياسة والحوار والاستماع الي كل وجهات النظر بما فيها الجهاديون السابقون في الجماعة الاسلامية والذين عرضوا رؤيتهم علي الرئيس في لقائه مع الاحزاب. ويشير الدكتور محمد عبدالله. أستاذ الاعلام بجامعة القاهرة. إلي ان المشهد السياسي المصري انعكس برمته علي المشهد الاعلامي واصبحت القنوات مثلها مثل المنابر السياسية لا تعرف الموضوعية ولا الحيادية وكل منبر اعلامي تمثل وكأنه منبر سياسي يدافع عن وجهات نظر محددة ويهاجم كل ما عداها. وهو ما لا يمت للاعلام بصلة. وانما فقط يمثل اعلاما موجها لا نزيها . أضاف: الاصل في الاعلام التعامل بحيادية تامة وموضوعية كاملة مع كل القضايا لكن ذلك بكل أسف لا وجود له علي ارض الواقع . وان دعاة الحرية والليبرالية والنزاهة الاعلامية يقدمون ذلك في أضيق الحدود.. مشيرا الي ان التعامل الاعلامي مع ازمة الجنود المختطفين بدا للوهلة الاولي وكأنه فرصة جاءت في وقتها لقنوات المعارضة لتصب جام غضبها علي الرئاسة والحكومة ولتحاول بشتي الطرق دق "أسافين" بين القوات المسلحة المصرية. والرئاسة . بين أن تلك القنوات صورت الاسلاميين جميعا علي انهم يحملون السلاح رغم أنهم هم من يديرون الحياة السياسية الآن .ويبدو ان ذلك هو الاثم الذي وقعوا فيه. وأن تلك الميليشيات المسلحة الموجودة في سيناء هي أذرع عسكرية للاحزاب والقوي الاسلامية. وان الرئيس مرسي سيستعين بهؤلاء المسلحين من الجهادين في مواجهة مسلحة وحرب ميليشيات للدفاع عن حكمه . وأن البعض زاد علي ذلك بالترويج إلي ان عشرات الآلاف من ميليشيات الاخوان يتلقون تدريبات عسكرية في غزة وفي ليبيا. دونما سند من واقع ولا دليل اثبات وحيد علي ذلك . وناشد كافة "القوي الاعلامية" ضرورة خلع رداء الاعلام الموجه وارتداء ثوب المهنية الاعلامية التي هي الاصل في العمل الاعلامي الذي لا ينبغي التخلي عنه تحت اي ظرف مهما كان. ولا يمكن لاعلامي أن يخرج علي الشاشة ويحترف انه غير حيادي وغير مهني. من جهته أشار الخبير الاعلامي الدكتور سعيد توفيق الي أن الاعلام في مصر يعاني من حالة استقطاب شديدة وغريبة. ولأن الاعلام اصبح أقوي سوق للبيزنس في العالم. فإن غلبة رأس المال غلبت كفة الفلول وأصحاب الاجندات في مواجهة الاعلام الاسلامي الذي لا يزال يحاول ان يصنع له تواجدا علي الساحة. لكن ضعف الامكانات لا يزال معوقا كبيرا فضلا عن ان السوق الإعلاني الذي لا يزال يعمل وفق اجنداته القديمة لا يزال يستبعد القنوات الاسلامية من استهدافه ويبدو ان ذلك متعمد لتبقي في مكانها بلا تحرك . أضاف: مصر لن تنهض من كبوتها الحالية الا باعلام حر نزيه غير موجه يقول الحقيقة المجردة.. مبرزا ان قضية خطف الجنود كشفت عن الوجه الواضح والتوجه المفضوح لكل فضائيات بث الفتن ومهاجمة النظام . اوضح ان الانصاف للحقيقة كان يوجب عليهم ان يعكسوا حجم الانجاز الذي قدمه الرئيس لكن نظاراتهم السوداء وتصوراتهم للمخططات والمؤامرات لا تزال هي الحاكمة وستبقي هي السبب في أزمة جهاديي سيناء وغيرهم في كل انحاء مصر ممن توجه ضدهم الآلة لمجرد صلتهم بالاسلام.