* يسأل م.س.ع من القاهرة: ما حكم الشرع في إطلاق المجندين اللحي؟ ** يجيب الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر: روي البخاري في صحيحه عن ابن عمر عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "خالفوا المشركين. ووفروا اللحي. واحفوا الشوارب" وفي صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "احفوا الشوارب واعفوا اللحي" وفي صحيح مسلم أيضاً عن عائشة عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "عشرة من الفطرة: قص الشارب. وإعفاء اللحية. والسواك. واستنشاق الماء. وقص الأظافر. وغسل البراجم. ونتف الإبط. وحلق العانة. وإنتقاص الماء" قال بعض الرواة: ونسيت العاشرة. إلا أن تكون المضمضة". قال الإمام النووي في شرحه حديث "أحفوا الشوارب واعفوا اللحي" أنه وردت روايات خمس في ترك اللحية. وكلها علي اختلاف في ألفاظها تدل علي تركها علي حالها. وقد ذهب كثير من العلماء الي منع الحلق والاستئصال. لأمر الرسول - صلي الله عليه وسلم - بإعفائها من الحلق ولا خلاف بين فقهاء المسلمين في أن إطلاق اللحي من سنن الإسلام فيما عبر عنه الرسول - صلي الله عليه وسلم - في الحديث السابق الذي روته عائشة "عشر من الفطرة". ومما يشير إلي أن ترك اللحية وإطلاقها أمر تقره أحكام الإسلام وسننه ما أشار إليه فقه الامام الشافعي من أنه "يجوز التعزير بحلق الرأس واللحي" وظاهر هذا حرمة حلقها علي رأي أكثر المتأخرين. ونقل ابن قدامة الحنبلي في المغني: أن الدية تجب في شعر اللحية عند أحمد وأبي حنيفة والثوري. وقال الشافعي ومالك: فيه حكومة عدل. وهذا يشير أيضا الي ان الفقهاء قد اعتبروا التعدي باتلاف شعر اللحية حتي لا ينبت جناية من الجنايات التي تستوجب المساءلة. إما الدية الكاملة كما قال الأئمة أبوحنيفة وأحمد والثوري. أو دية يقدرها الخبراء كما قال الإمامان: مالك والشافعي. ولاشك أن هذا الاعتبار من هؤلاء الأئمة يؤكد أن اللحي وإطلاقها أمر مرغوب فيه في الإسلام وأنه من سننه التي ينبغي المحافظة عليها. لما كان ذلك: كان إطلاق الأفراد المجندين اللحي اتباعا لسنة الإسلام فلا يؤاخذون علي ذلك في ذاته. ولا ينبغي إجبارهم علي إزالتها. أو عقابهم بسبب إطلاقها إذ: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وهم متبعون لسنة عملية جري بها الإسلام. ولما كانوا في إطلاقهم اللحي مقتدين برسول الله - صلي الله عليه وسلم - لم يجز أن يؤثموا أو يعاقبوا. بل إن من الصالح العام ترغيب الأفراد المجندين وغيرهم في الالتزام بأحكام الدين. فرائضه وسننه. لما في هذا من حفز همتهم. ودفعهم لتحمل المشاق. والالتزام عن طيب نفس حيث يعملون بإيمان وإخلاص. وتبعاً لهذا: لا يعتبر امتناع الأفراد الذين أطلقوا اللحي عن أزالتها رافضين عمداً لأوامر عسكرية. لأنه - بافتراض وجود هذه الأوامر - فإنها - فيما يبدو - لا تتصل من قريب أو بعيد بمهمة الأفراد. أو تقلل من جهدهم. وإنما قد تكسبهم سمات وخشونة الرجال. وهذا ما تتطلبه المهام المنوطة بهم. ولا يقال: إن مخالفة المشركين تقتضي - الآن - حلق اللحي. لأن كثيرين من غير المسلمين في الجيوش وفي خارجها يطلقون اللحي. لأنه شتان بين من يطلقها عبادة اتباعا لسنة الإسلام وبين من يطلقها لمجرد التجمل. وإضفاء سمات الرجولة علي نفسه. فالأولي منقادة لعبادة يثاب عليها. إن شاء الله تعالي. والآخر يرتديها كالثوب الذي يرتديه ثم يزدريه بعد أن تنتهي مهمته. ولقد عاب الله الناهين عن طاعته وتوعدهم: ".. أرأيت الذي ينهي عبداً إذا صلي أرأيت إن كان علي الهدي * أو أمر بالتقوي * أرأيت إن كذب وتولي * ألم يعلم بأن الله يري" "العلق الآيات: 9 - 14".. والله سبحانه وتعالي أعلم.