تشهد الساحة السياسية حالة من الاستنفار علي كافة الأوجه بين القوي الاسلامية والليبرالية وبين القوي الثورية والسلطه لكن الجديد علي المشهد هذه المرة هو أن ينقلب السلفيون علي الاخوان وهو ما تنبأ به البعض مبكرا بأن الصراع القادم سيكون بينهما. فالاخوان يتعاملون مع السلفيين علي أنهم حديث عهد بالعمل السياسي وإنهم في معظمهم ليسوا مشاكسين الا فيما يتعلق بالشريعة لكنهم لا يسعون للسيطرة علي الدولة ولا طلاب مناصب ولا سلطة. لكن فجأة وبعد الكثير من الارهاصات انفجر الموقف علي لسان المتحدث الأوحد باسم حزب النور نادر بكار الذي قلب الطاولة وكشر عن أنياب القوي السلفية في مواجهة التغول والتغلغل الاخواني في مفاصل الدولة والسيطرة علي كل مواطن اتخاذ القرار.. التساؤل هنا هل هذا الانقلاب السلفي علي الاخوان لمواجهة خطر تغلغل إخواني حقيقي أم لحسابات انتخابية مع قرب انتخابات مجلس النواب القادم أم أن تقديم النور لمبادرته للحوار مع جبهة الانقاذ وعدم التجاوب الاخواني معها هو السبب؟! اتهم حزب النور. جماعة الإخوان المسلمين. باستخدام مفاصل الدولة في الدعاية الانتخابية لصالح حزبها الحرية والعدالة. والسعي للهيمنة. وذلك بعد تصريحات نادر بكار المتحدث الرسمي باسم الحزب التي انتقد فيها سياسة الجماعة وهو ما كشف حالة من الصراع "المكتوم". علي أجواء العلاقة بين أكبر قطبين في الحركة الإسلامية بمصر "الإخوان والسلفيون". الذي هو امتداد لما بدأ منذ تقديم حزب "النور" السلفي مبادرته إلي جبهة الإنقاذ. موقف حزب النور الأخير من أخونة البلاد وعبّر عنه علي لسان متحدثه الرسمي نادر بكار ليس بالأمر الذي يمكن تفسيره بأنه انقلاب مفاجئ من الدعوة السلفية وذراعها السياسية فحزب النور قدم نفسه منذ البداية علي أنه ند للجماعة بدءا من الانتخابات البرلمانية السابقة حينما غامر بنزوله علي رأس قائمة ضمت إليه الأحزاب السلفية. وابتعد عن التحالف مع الإخوان الجماعة الأقوي والأكثر خبرة وتنظيما. وفي الانتخابات الرئاسية أيضا لم يؤيد مرشح الجماعة في الجولة الأولي وأيد القيادي المنشق عن الإخوان المسلمين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح. بل قامت قيادات من الحزب باللقاء بالمرشح الخاسر أحمد شفيق قبيل جولة الإعادة في الانتخابة الرئاسية من خلال زيارة سرية إلي منزله. كثير من المراقبين كانوا يتوقعون مواجهة مبكرة بين السلفيين والإخوان بعد الوصول للحكم وظهور الكثير من التجاذبات والمناوشات علي السطح انطلاقا من اختلاف الرؤي الفكرية والسياسية وتبيانها حول إدارة البلاد وشكل الحكم. لكن حالة الاستقطاب المعاكسة التي نظر إليها الأكثرية في التيار الإسلامي علي أنها استهداف للمشروع الإسلامي ومؤامرة حول الانقضاض علي الشرعية كانت بمثابة عامل ايجابي استفاد منه الإخوان. وظهرت إشارات هذا الصراع في جملة من الأمور. بعضها عبر المواقف السياسية المختلفة والتصريحات بشأنها. والآخر عبر سلوكيات شباب الجماعتين علي مواقع التواصل الاجتماعي والانتقاد المتبادل لبعض المواقف. الأمر الذي أدي الي قيام نفر من الشباب في بعض الصفحات ببث فيديو قديم في مرحلة ما قبل الثورة بسنوات عديدة. يتحدث فيه القيادي المرجعية للحزب الشيخ ياسر برهامي. نائب رئيس الدعوة السلفية. حول إقدام الإخوان علي وضع السلفيين في السجن اذا ما تمكنوا من الوصول إلي السلطة. إلا أن هذا الفيديو لم يلق تجاوباً كبيراً علي موقع التواصل. فيما تولت قيادات وكوادر إخوانية نفي حدوث هذا الأمر. ومن بين الإشارات إلي المواقف السياسية الكاشفة لهذا الصراع المكتوم. تصريحات رئيس حزب "النور". يونس مخيون. علي إحدي القنوات الفضائية مؤخرا. التي اتهم فيها حزب "الحرية والعدالة" "الإخوان". بأنهم يمارسون سياسات خاطئة. مشبّهاً بعضها بالممارسات السياسية الخاطئة للحزب الوطني المنحل. متّهماي إيّاهم بمحاولة السيطرة علي المناصب الجديدة في الدولة. وجدّد في المقابلة مطالب الحزب التي طرحها في مبادرته بإقالة النائب العام الحالي واستبداله بآخر لمجيئة بطريقة وصفها "بغير القانونية". متهماي حكومة هشام قنديل بأنّها غير كفء. إلا أنّه أكّد علي شرعية الرئيس مرسي علي الرغم من الاختلاف علي سياساته. مشيراً إلي أنّ من الخطأ تصور انفصال الرئيس عن جماعته. و لا يغيب عن المشهد ما وجهه شباب السلفيين من انتقادات حادة لموقف الإخوان من زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لمصر. وحضوره مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي. بحيث لاموا علي مرسي دعوته نجاد إلي القمة والسماح له بزيارة ضريح الحسين وإظهار الحفاوة به. متهمين شباب الإخوان بالسكوت علي هذه الزيارة دون إظهار أي غضب أو اعتراض. فيما أظهر العديد من قادة الحزب تحفظاي شديداي علي هذه الزيارة. وصل إلي حد الرفض النهائي لها. ويري الدكتور محمد عمارة. عضو مجلس الشعب السابق عن حزب النور. أن الأزمة الحقيقية تبرز في غياب التفاهمات بين الاخوان والسلفيون في العديد من المواقف السياسية فضلا عن اشغال قيادات الاخوان بالتمكين علي المشروعات الحقيقية وهو ما يجعلنا نجد الاخوان في كل المحافظات والمديريات مسيطرين علي اتخاذ القرار.. مشيرا الي ان اعادة الحسابات في كل ما يتعلق بالتجاوب بين الاخوان والسلفيين أمر في غاية الأهمية من أجل الفكرة الاسلامية وصالح الأمة. من جهته بين أشرف مصطفي القيادي بالحزب أن التمكين الاخواني من أواصر الدولة واستخدامها في الدعاية الانتخابية هو سبب خلاف النور الأساسي مع الإخوان.. نافيا وجود صراعات وإنما خلافات حول ممارسات الإخوان -الاحتكارية-. وأن تصريحات بكار حول إقحام الإخوان للدولة المصرية في مشاكلهم مع عدد من الدول الخارجية منها الكويت والإمارات يتطلب من الإخوان تقديم الدلائل علي عدم صحته. وليس مجرد النفي. وطالب رئاسة الجمهورية بتبني العمل بمؤسسية في تعامل الحكومة ومسئوليتها نحو الوطن والمصريين. لا أن يترك لبعض المنتمين للإخوان التحدث باسم الدولة في كل مكان. والإدلاء بتصريحات علي لسان الحكومة وعلي لسان الرئاسة وإخراج معلومات للإعلام. دون صفة. ويطرح الشيخ محمود غريب القيادي بحزب النور سبب الأزمة من وجهة نظره معبرا عن حاجة الاخوان والسلفيين لبعضهما البعض من أجل نهضة مصر فلا الإخوان ولا السلفيون ولا أي فصيل آخر يستطيع أن ينهض وحده بمصر فمصر أكبر من أي فصيل وأي جماعه وأي حزب. والمصريون لا يحتاجون لمن يقوم بعملية احلال للمسئولين إخواناً أو سلفيين بدلا من غيرهم. وانما يحتاجون لقيادات تتمتع بالقوة والأمانة والخبرة والقدرة علي توظيف الامكانات المتاحة لتقديم خدمات تروق للعامة بعيدا عن كون هذا سلفياً أو هذا اخوانياً.. مبرزا أن الاخوان وتركيزهم علي التمكن من مفاصل الدولة هم السبب في الأزمات لأن الناس شعرت بأن هناك رغبة للسيطرة والتغلغل وكل هذا سيصب في خدمات انتخابية بالطبع في صالح الاخوان ولتعود بذلك الكرة مرة أخري كما سبق وفعل النظام السابق. ولعل هذا ما جعل العوام يرددون أن الاخوان هم النظام القديم بس ¢بدقن¢ !!