في ذكري ميلاد المصطفي الحبيب يحلو الكلام لنا ويطيب.. كيف لا؟! وهو سبب سعادتنا في الدنيا والآخرة. وطوق نجاتنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن... كيف لا؟! وقد أرسله ربه ليخرج الناس من الظلمات إلي النور.. كيف لا؟! وهو الرحمة المهداة والنعمة المسداة.. وأي نعمة إنه النعمة الكبري والمنة العظمي من الله تعالي علي خلقه. فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم وانسب الي ذاته ما شئت من شرف وانسب الي قدره ما شئت من عظم فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه ناطق بفم فما أحوجنا ونحن نتنسم عبير هذه الذكري العطرة أن نجدد البيعة والعهد مع رسولنا - صلي الله عليه وسلم - ونذكر أنفسنا والعالم كله بمعالم شخصيته العظيمة وسيرته الوضيئة ورسالته الخالدة. فهي السبيل الوحيد للخروج من الازمات الطاحنة التي تعصف بالأمة في هذه المرحلة من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية. وعلاجاً لما أصابها من الفرقة والخلاف والشقاق بين أفرادها... بالدعوة الي نبذ العصبية... وتفعيل آداب الحوار.. والتلطف في القول.. والاعتراف بالآخر... وتغليب مصلحة الأمة علي المصالح والأهواء الشخصية.. والدعوة إلي تنمية ثرواتها باحتراف المهن والعمل بالتجارة والضرب في الأرض ابتغاء طيب الرزق وحلاله... والدعوة الي تقويم سلوكنا الذي بات أشبه بالفوضي العارمة التي لا تنصت لوازع من دين أو ضمير.. ونشر القيم الفاضلة من الحب والتسامح والتراحم والتعاون والتي أظنها آيلة الي الضمور داخل مجتمعنا الذي نعيش فيه.. ومن هنا تبرز الميزة الكبري في شرف الاقتداء برسول الله - صلي الله عليه وسلم - فلقد بلغت القدوة في شخصية الرسول صلي الله عليه وسلم - فلقد بلغت القدوة في شخصية الرسول صلي الله عليه وسلم المكان الأرفع والمقام الاسمي وتحقيق ذلك ما يلي: أولا: لقد أعد الله تبارك وتعالي أبناءه ليكونوا مثلا عليا في الخلق الحسن والسيرة الوضيئة. وجعلهم ينابيع تسكب علي القلوب الظامئة برداً وسلاماً من المناهج الخلقية التي تصلح بها نفوس اتباعهم. فاجتباهم واصطفاهم للتبليغ عنه تعالي وجملهم بمكارم الخلق فكانوا شموساً تترائي للناس تكسر حجب جهالة الاخلاق وكواكب تضيء دياجير الظلمات ولم لا؟! وقد خصهم الله تبارك وتعالي بالعصمة من الأمراض الخلقية باطنها وظاهرها. وهيأهم لحمل امانة التبليغ عنه - تعالي - فقال عز من قائل: "الله أعلم حيث يجعل رسالته". أما رسول الله - صلي الله عليه وسلم - صاحب الخلق العظيم والمقام الكريم فكان القدوة الحسنة والأسوة الطيبة في كل شأن وفي كل حال لكل فرد من أمته فيجد كل قاريء لسيرته العطرة من مواطن الاقتداء ما تطمئن اليه نفسه وترفع بها درجاته... وقد شهد بذلك "د/م.ج. دوراني" حيث قال: "أستطيع أن أقول بكل قوة إنه لا يوجد مسلم جديد واحد لا يحمل في نفسه العرفان بالجميل لسيدنا محمد - صلي الله عليه وسلم - لما غمره به من حب وعون وهداية وإلهام فهو القدوة الطيبة التي أرسلها الله رحمة بنا وحبا لنا كي نقتفي أثره" وليست الدعوة للاقتداء برسول الله - صلي الله عليه وسلم - دعوة بشرية فحسب حث عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم بل هي دعوة إلهية أكدها القرآن الكريم في كثير من الآيات منها قوله تعالي: "ومآ أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب". وقد كان صلي الله عليه وسلم في أعلي مراتب الشرف والكمال الخلقي وما من صفة خلقية إلا كان هو قمتها السامقة. ومن ثم وصفه ربه بقوله: "وإنك لعلي خلق عظيم" فكان خلقه القرآن يرضي برضاه ويسخط لسخطه كما أخبرت بذلك أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها. ومن هنا جاء رسولنا صلي الله عليه وسلم ليحقق الغاية من بعثته نحو تهذيب الخلق ودفع المسلم الي التخلق بأخلاقه صلي الله عليه وسلم - فعن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". ثانيا: لا يشك إنسان في فائدة حسن الخلق فيما يجلبه من منافع دنيوية وأخروية وما يدفع به كذلك من مضار في العاجل والآجل. أما عن قيمة القدوة الخلقية وفائدتها من حيث الاقتداء به صلي الله عليه وسلم فتكمن في قوله تعالي: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم". فالاقتداء به صلي الله عليه وسلم دليل وعلامة محبة العبد لربه ولرسوله صلي الله عليه وسلم فمن أحب اقتدي. وسبب لمحبة الله تعالي للعبد. وموجب للمغفرة. كل هذه ثمرات الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم تعطي في مجملها إرادة الصلاح في الدين والدنيا. ثالثا: - مجال القدوة الخلقية في شخصيته صلي الله عليه وسلم جاء شاملاً لكل فئات المجتمع المسلم. إذ يقول الله - تعالي - : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" والمقصود من ذلك أن لكل فرد في أمته صلي الله عليه وسلم القدوة الطيبة والأسوة الحسنة. وما علي المسلمين في هذا الصدد إلا أن يترسموا خطي النبي صلي الله عليه وسلم في سلوكه. ويقتفوا أثره ويتخلقوا بأخلاقه ويتبعوا منهجه صلي الله عليه وسلم فقد كان من أسباب انتشار الإسلام في أكثر بقاع الارض ما كان من اتخاذ الدعاة القدوة من رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول سير توماس أرنولد: "علي أن هناك عاملاً من أقوي العوامل الفعالة التي أدت الي هذه النتيجة العظيمة - أي انتشار الإسلام - تلك هي الاعمال التي قام بها دعاة من المسلمين وقفوا حياتم علي الدعوة إلي الإسلام متخذين من هدي الرسول مثلاً أعلي وقدوة صالحة". ففي هذه ضمان لنيل السعادتين الدنيوية والأخروية. ذلك لمن كان يرجو الله واليوم الآخر. اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.