هل نحن حقاً في عصر الفتن والمحن. هل نحن حقاً في مشهد السنوات الخداعات الذي يصدق فيه الكذب ويكذب فيه الصادق ويؤتمن فيه الخائن ويخون فيه الأمين. هل نحن فعلاً في ساحة تجارة الفوضي؟! إن هذا المشهد الذي نراه اليوم أمامنا علي الساحة السياسية ما هو إلا تصديق لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي رواه البخاري حيث وصف هذا المشهد العبثي المضلل الذي نعيشه الآن حيث قال صلي الله عليه وسلم: "سيأتي علي الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون الأمين وينطق فيها الرويبضة. قيل وما الرويبضة يارسول الله قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. هذا المشهد بعينه الذي عناه رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يتحقق فينا ونراه رؤيا العين.. فما من صغير ولا كبير إلا ويتحدث في أي شيء وعن أي شيء. نجد الرأي وفي نفس الوقت نقيضه والفتوي وضدها وهذا يدعي أنه السياسي البارع والفقيه المفوه. وآخر كذلك.. وهذا عالم وذاك أيضا مما جعلنا في مأزق كبير لا حدود له. فكثرت الفتن والهرج والمرج وانتشرت الشائعات وخرج علينا الرعاع والسوقة والدهماء عن مألوف عاداتهم من الانغماس في الخسة والوضاعة ليتحدثوا في شئون الأمة وأحوالها ويناقشوا خططها ومستقبلها فاختلط الحابل بالنابل وتحول العلماء إلي جهال والجهال إلي علماء وأصبح ثوار اليوم هم فلول الأمس والآفاقون والمنافقون والكذبة واللصوص وذو الذمم الخربة صاروا هم الشرفاء الانقياء الاتقياء. ومن العجب أن نجد هؤلاء الجهال وقد أصبحوا حراسا للعقيدة وفقهاء هذا الزمان. والأشد عجبا أن نجد ما يطلق عليه النخبة وقد وضعونا في بحر الخلافات والمتناقضات حتي أصبح الحليم حيرانا. فلم نر لهم موقفا موحدا حتي الآن في أي شيء وعن أي شيء وعلي أي شيء يختلفون ولماذا يصرخون ويولولون وينعقون ولم ندر ماذا يريدون اللهم إلا عرقلة مسيرة الوطن ورفض مسيرة في الاتجاه الصحيح وإغراقنا في تجارة الفوضي الرخيصة. ياسادة ياكرام.. ألا تملون العيش في المستنقعات والبرك.. ألا تنأوا بأنفسكم عن هذه الخلافات والأكاذيب التي كادت تودي بنا إلي المهالك.. ألا تستطيعوا ان تتجاوزوا أحقادكم وخلافاتكم وحساباتكم وتنظروا إلي مصر الأم التي هي الان في مفترق طرق وهي إلي الضياع والخراب أقرب؟! لطفك يارب. *** وختاما: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "دب إليكم داء الأمم من قبلكم. الحسد والبغضاء. والبغضاء هي الحالقة. لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين".. رواه البزار والبيهقي.. صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم.